العادة الخامسة من العادات السبع للناس الأكثر فعالية


ملخص العادة الخامسة من العادات السبع للناس الأكثر فعالية 

اسعَ من أجل الفهم أولاً ثم اسعَ من أجل أن يفهمك الآخرون –

 

(مبادئ تواصل التّقمّص العاطفي)

“حاول أن تفهم أوّلاً ثم حاول أن تكون مفهوماً” إن هذا المبدأ هو مفتاح التّواصل الفعّال بين النّاس، فجميعنا نندفع ونحاول إصلاح الأمور من خلال النّصيحة السّديدة، ولكنّنا غالباً ما نخفق في أخذ الوقت اللّازم من أجل التّشخيص وفهم المشكلة فهماً جيّداً.

 

الشّخصيّة والتّواصل

 

إنّ القراءة والكتابة هما شكلان من أشكال التّواصل وكذلك التّحدّث والإنصات، وإنّ هذه هي الأنواع الأربعة الأساسيّة للتّواصل، وتعدّ المقدرة على إتقانها جميعاً إتقاناً جيّداً ضروريّة من أجل تحقيق فعاليتك.

لقد أمضينا سنوات في تعلّم القراءة والكتابة، وسنوات في تعلّم كيف نتحدّث، ولكن ماذا عن الإنصات؟ ما هو التّدريب أو التّعليم الذي تلقيناه لنتمكن من الإنصات وبالتّالي نفهم الشّخص الآخر فهماً عميقاً في إطار مرجعيّته؟

فإذا أردت التّعامل معي تعاملاً فعّالاً والتّأثير عليّ سواء كنت زوجك أو طفلك أو جارك أو صديقك ستحتاج إلى فهمي أوّلاً وأنت لا يمكنك القيام بذلك مستخدماً التّقنية فقط، فالمفتاح الحقيقي للتّأثير عليّ هو سلوكك الحقيقي، وسلوكك يكون واضح من خلال تجربتي معك وليس من خلال ما يقوله الآخرون عنك أو الفكرة التي تريدني أن أكوّنها عنك، فشخصيّتك في حالة مستمرّة من الإشعاع والتّواصل، ومن خلالها وعلى المدى البعيد ستتولّد بداخلي الثّقة فيك وفي جهودك أو تنعدم هذه الثّقة.

لذا إذا أردت أن تكون فعّالاً في عادة التّواصل بين النّاس لن تكفي التّقنية بمفردها، بل لابد أن تبني مهارات الإنصات وفقاً للتقمّص العاطفي على أساس الشّخصيّة التي تحثّ على الانفتاح والثّقة.

العادات السبع للناس الأكثر فعالية الجزء الخامس

يُنصح بـ تحميل كتاب العادات السبع للناس الأكثر فعالية Pdf

الإنصات وفقاً للتّقمّص العاطفي

 

إنّ مقولة “حاول أن تفهم أوّلاً” تنطوي على تغيير عميق في التّصوّر الذّهني، فنحن في العادة نسعى كي يفهمنا الآخرون أوّلاً، فمعظم النّاس لا ينصتون بنيّة الفهم بل ينصتون للرّدّ، وهم إما يتحدّثون أو يعدّون أنفسهم للرّد، ومن ثم فهم ينتقون كل ما يستمعون إليه من خلال تصوّراتهم الذّهنية، ويقرؤون سيرهم الذّاتية في حياة النّاس.

“أنا أعرف شعورك جيّداً !”

“لقد مررت بنفس التّجربة من قبل، دعني أقصّ عليك تجربتي” فنحن نرى أنّنا على صواب وتغلب علينا سيرتنا الذاتيّة وكل ما نرغب فيه أن يفهمنا الآخر، وعندما يتحدّث شخص آخر عادة ما ننصت على مستوى واحد من أربعة مستويات، فربما نتجاهل الشّخص الآخر ولا ننصت له على الإطلاق، وربما نتظاهر بالإنصات “حقّاً، نعم نعم صحيح”، وربما نمارس الإنصات الإنتقائي؛ أي نسمع أجزاء معيّنة من المحادثة، أو ربّما نمارس الإنصات اليقظ؛ أي نولي اهتماماً للكلام الذي يقال ونركز طاقتنا عليه، ولكن القليل منّا هو من يمارس المستوى الخامس، أعلى شكل من أشكال الإنصات “الإنصات وفقاً للتّقمّص العاطفي”.

وعندما نقول الإنصات وفقاً للتّقمّص العاطفي يعني الإنصات بنية الفهم أي أن تفهم أوّلاً، أن تفهم بالفعل، وهو تصوّر ذهني مختلف تماماً، والإنصات وفقاً للتّقمّص العاطفي يمكّنك من الغوص في أعماق إطار مرجعية شخص آخر، فأنت تنفذ خلاله وترى العالم بالطريقة التي يراه الشخص بها وتفهم تصوّره الذّهني وتفهم شعوره.

ويختلف التّقمّص العاطفي عن التّعاطف، فالتّعاطف هو شكل من أشكال الاتّفاق وهو شكل من أشكال الأحكام وفي بعض الأحيان يكون التّعاطف هو العاطفة والاستجابة الأكثر ملاءمة، وجوهر الإنصات وفقاً للتّقمّص العاطفي ليس الاتّفاق مع الشّخص، بل هو فهمك الكامل والعميق للشّخص على مستوى المشاعر والعقل.

وبالنّسبة للإنصات وفقاً للتّقمّص العاطفي فهو ليس الاتّفاق مع الشّخص، بل هو فهمك الكامل والعميق للشّخص على مستوى المشاعر والعقل، وعند الإنصات وفقاً للتّقمص العاطفي فأنت تستمع بأذنيك ولكنك أيضاً وهو الأكثر أهمّيّة، تستمع بعينيك وبقلبك، أنت تستمع للمشاعر وتستمع للسّلوك، والإنصات للآخرين بتقمّصّ عاطفي يكون بمثابة منحهم الهواء النّفسي، وبعد استيفاء هذه الحاجة الحيويّة يمكنك التّركيز على التّأثير وحلّ المشاكل.

العادات السبع للناس الأكثر فعالية الجزء الخامس

التّشخيص قبل وصف العلاج

فالمحامي المحترف يجمع الحقائق أوّلاً ليفهم الموقف ويفهم القوانين وإجراءات التّقاضي قبل أن يعدّ القضيّة، أمّا المحامي الجيّد فيكتب معارضة لمرافعة النّائب العام قبل أن يكتب مرافعته!!

والمهندس الجيّد يدرس القوى وضغوط العمل قبل أن يشرع في وضع التّصميم للجسر، والمعلّم الجيّد سيقيّم الفصل قبل أن يشرع في التّدريس، والطّالب الجيّد يفهم قبل أن يجيب، والوالد الجيّد سيفهم قبل التّقييم وإصدار الأحكام.

فمفتاح الحكم السّديد هو الفهم، وإذا أصدرت الحكم في البداية فإنّ الشّخص لن يتمكّن من الفهم أبداً، لذا فإن السّعي من أجل الفهم أوّلاً هو مبدأ قويم يمكن اقتفاء أثره في جميع مناحي الحياة، وهو مبدأ عام مسيطر، ولكن تكمن قوّته العظمى في منطقة العلاقات الجماعيّة.

 

أربع استجابات مستمدّة من السّيرة الذّاتيّة

 

عندما يكون الإنصات مستمدّاً من السّيرة الذّاتيّة فإنّنا ننزع للاستجابة بواحدة من أربع طرق:

1- نُقيّم (إما نقبل أو نرفض) 2- نستجوب (نطرح أسئلة مستمدّة من مرجعيّتنا) 3- نقدّم النّصيحة (نعطي مشورة أساسها خبرتنا الشّخصية) 4- نفسّر (نحاول تبيّن ماهيّة النّاس لتفسير دوافعهم وسلوكهم وفقاً لدوافعنا وسلوكنا).

هل تستطيع أن تتخّيل إلى أي مدى نكون مقيّدين عندما نحاول فهم الآخرين على أساس الكلمات فحسب، لاسيما عندما ننظر إلى الشّخص من خلال نظّارتنا؟ هل تستطيع أن ترى مدى قصور استجاباتنا المستمدّة من سيرتنا الذّاتية بالنّسبة لشخص يحاول جاهداً حثّنا على فهم سيرته الذاتيّة؟

إنّك لن تتمكّن من الولوج داخل شخص آخر لترى العالم بعينيه ما لم تنمّ بداخلك رغبة خالصة وسمات شخصيّة قويّة، ومهارات استماع وفقاً للتّقمّص العاطفي.

المراحل الأربع التطويريّة لمهارات الإنصات

 

 

1- المرحلة الأولى والأقل فعاليّة هي محاكاة المحتوى، فهي مهارة من المرحلة الأولى لأنّها على الأقل تدفعك إلى الاستماع إلى ما يقال، ومحاكاة المحتوى سهل فكلّ ما عليك فعله هو الاستماع إلى الكلمات التي تخرج من فم الشّخص الآخر وتكرّرها، إنّك بالكاد تستخدم عقلك.

“يا إلهي، أبي لقد نلت كفايتي، إنّ المدرسة تصلح للسّخفاء فقط”

“هل نلت كفايتك، وتعتقد أنّ المدرسة تصلح للسّخفاء فقط”

2- المرحلة الثّانية هي إعادة صياغة المحتوى، وهي أكثر فعاليّة بعض الشّيء ولكنها لازالت مقتصرة على التّواصل اللّفظي.

“يا إلهي، أبي لقد نلت كفايتي، إنّ المدرسة تصلح للسّخفاء فقط”.

“لا تريد الذّهاب إلى المدرسة بعد الآن”.

3- المرحلة الثّالثة تقوم بتشغيل نصف مخّك الأيمن، أي تعكس مشاعرك فأنت لا تُبدي اهتماماً بما يقول بقدر ما تهتم بالطّريقة التي يشعر بها حيال ما يقول.

“يا إلهي، أبي لقد نلت كفايتي، إنّ المدرسة تصلح للسّخفاء فقط”.

“أنت تشعر بإحباط حقيقي”.

4- المرحلة الرّابعة وهي تتضمّن كلا المرحلتين الثّانية والثّالثة، فأنت تعيد صياغة المحتوى وتعكسه وتشعربه. “يا إلهي، أبي لقد نلت كفايتي، إنّ المدرسة تصلح للسّخفاء فقط”.

“أنت محبط بالفعل من المدرسة”

الإحباط هو الشّعور والمحتوى هو المدرسة، أي أنّك تستخدم نصفي المخّ لتفهم وجهي كلامه، والآن ستجد أنّ ما ينشأ عن استخدام المرحلة الرّابعة من مهارات الإنصات وفقاً للتّقمّص العاطفي أمر هائل لا يُصدّق، فأنت تمنح الشّخص الآخر الهواء النّفسي بسعيك الصّادق من أجل فهمه وإعادة صياغة المحتوى وعكس مشاعره، وإن رغبتك المخلصة في الإنصات له وفهمه ستزيل الحواجز بين ما يجول داخله وما يحاول إيصاله إليك بالفعل، وتتجاذب روحكما وتبدأ ثقته فيك تنمو من أعماق مشاعره وأفكاره.

العادات السبع للناس الأكثر فعالية الجزء الخامس

بعد ذلك اسعَ من أجل أن يفهمك الآخرين

 

في البداية اسعَ من أجل أن تفهم أولاً، ومن أجل أن تكون مفهوماً بعد ذلك، ومعرفة كيف تكون مفهوماً هو الجّزء الثّاني من العادة الخامسة، وهو أساسي من أجل التّوصل إلى حلول مكسب/مكسب.

إنّ تعريف النّضج هو التّوازن بين الشّجاعة ومراعاة الآخرين، والسّعي لفهم الآخرين يستدعي مراعاة شعورهم، بينما السعي من أجل أن تكون مفهوماً يستدعي الشّجاعة، ومكسب/مكسب يتطلّب درجة عالية من كليهما، ففي مواقف الاعتماد بالتّبادل من المهم أن يفهمنا الآخرون.

وعندما تتمكّن من استعراض أفكارك استعراضاً واضحاً ومحدداً وحيّاً والأهمّ من كل هذا أن تكون في سياق فهمك العميق لتصوّرات الآخرين الذّهنية ومخاوفهم، ستزداد مصداقية أفكارك زيادة واضحة.

لذلك اسعَ من أجل الفهم أوّلاً قبل أن تظهر المشاكل وقبل أن تحاول التّقييم ووصف العلاج وقبل أن تحاول عرض أفكارك، اسعَ من أجل الفهم أوّلاً إنّها عادة قوية من عادات الاعتماد بالتّبادل الفعال، وعندما نتمكّن من فهم بعضنا البعض سنفتح الباب أمام الحلول المبدعة والبديل الثّالث، ولن تكون اختلافاتنا عقبة في طريق تواصلنا وتقدّمنا، ونخطو معاً تجاه التّكاتف والتعاون.

مقترحات للتّطبيق

1- اختر علاقة تشعر فيها أن رصيد بنك المشاعر على وشك النّفاد، وحاول أن تفهم وتدوّن الموقف من وجهة نظر الطّرف الآخر، وأثناء تعاملك معه مرّة أخرى استمع وافهم ما يقول، وقارن ما تسمع مع ما كتبت، إلى أي مدى كانت فروضك صحيحة؟ هل تفهم وجهة نظر الطّرف الآخر؟

2- في المرّة التّالية التي تتاح لك الفرصة لمراقبة عملية التّواصل بين النّاس، غطِ أذنيك لدقائق قليلة وراقب بعينيك فقط، ما هي المشاعر التي يتم تبادلها والتي قد لا يتم التّعبير عنها بالكلمات فقط؟

3- في المرّة التّالية التي تضبط فيها نفسك متلبساً بإصدار استجابات غير مناسبة مستمدّة من سيرتك الذاتية، حاول قلب الموقف من خلال التقدير والاعتذار.

4- ليكن عرضك القادم قائماً على التّقمّص العاطفي، وقُم بتوضيح وجهة النّظر الأخرى بأسلوب أفضل من مؤيديه ثمّ اسعَ من أجل أن يفهموا وجهة نظرك في إطار مرجعيتهم.

اقرأ ايضا ًالعادات الأخرى:

قامت باعداد وكتابة مقالة : العادة الخامسة من العادات السبع للناس الأكثر فعالية

ناديا الشعار


    Like it? Share with your friends!

    ناديا الشعار
    ناديا الشعار 20 سنة طالبة علم نفس حاصلة على دبلوم في البرمجة اللغوية العصبية مهتمة بمجالات التنمية البشرية وعلوم الطاقة و كل ما يتعلق بتطوير الذات وتنمية قدرات الإنسان وسعيدة بتواجدي في أكاديمية نيرونت.