رتّب حياتك


arrange-your-life
arrange-your-life

هذا المقال السريع خلاصة مختصرة لبعض الأفكار المهمة التي تندرج تحت بند ” رتّب حياتك ” و هو لن يساعدك بترتيب كل حياتك، إنما سيضيء على نقاط مهمة جداً.
لنبدأ و نقول أنّ لكل إنسان أربعة جوانب: روح وقلب و عقل و جسد.
-في المستوى الروحي و الوجداني ( الروح و القلب ) لا تأخذ قرارت، لأنّ هذين الجانبين يتعطلان و يتشوهان بالقرارات، فقط راقب و لاحظ.
-في المستويات العقلية و الجسدية ( العقل والجسد ) خذ قرارات، لأنها لن تعمل بدون ذلك.
سأشرح لك بشكل بسيط:

١-الروح:

دعنا نتفق أنها رمز لما يعطي لحياتك معنى ( الله، الكون، قضية معينة، رسالة عميقة في الحياة .. الخ ).

هنا لا تستطيع مثلاً أن تأخذ قرار بأن الله موجود أو أنه غير موجود، أو أن المعنى الذي تريد أن تعيشه في حياتك هو كذا و كذا، ما عليك فعله هو أن تبحث و تراقب بصدق وتسمع صوتك الداخلي و توسع من نظرتك وتجربتك لتصل لنتيجة / حالة غير مخطط لها و غير مباشرة خلاصتها هي وجهة نظرك الحقيقية.
أي قرار هنا هو تدخل ڤيروسي من العقل قادر على تعطيل التجربة الروحية وجعلها دون معنى ولا تأثير.

٢-القلب:

هنا نتحدث عن العاطفة و الوجدان.

مثلاً، لا تستطيع أن تقرر أنك ستحب شخصاً ما، لا تستطيع أن تقرر أنك لن تحب مرة ثانية ( أكثر الذين يقعون في الحب بشدّة هم الذين يأخذون قراراً أنهم لن يحبوا ثانيةً )، لا تستطيع أن تقرر أن ما سيجذبك في الآخرين هو كذا و كذا، أو لا تستطيع أن تقرر مثلاً أنك تريد الارتباط الآن بشخص تحبه.
إنه ليس قرار، بل ملاحظة استعدادك وقبولك للأمر فقط، الفكرة هنا تتعلق بالتواصل بعالمك الداخلي و وضع حاجز بينك و بين العالم الخارجي الذي يؤثر فيك ( المجتمع، الماضي، الواقع .. الخ ) و يمنعك من رؤية ما أنت عليه حقيقةً من الداخل.

٣-العقل:

دعونا نتفق على أن جانب العقل يشمل ( العمل / الدراسة )

أسوء ما يمكن أن تعمله هو أن تراقب و تلاحظ و تحلل وحسب، هنا عليك أن تأخذ قرار، تقوم بفعل، تدرس، تجرب، تبحث، تمارس، تنفذ، خطوة عملية و سريعة للأمام تقطع كل سلسلة أفكارك المشتّتة و مشاعرك المترددة .. الخ
عندها ستفهم و عندها فقط ستنجز !

٤-الجسد:

هنا نتكلم عن شيئين ( الغذاء / الرياضة )

مثلاً، لا يمكنك التأمل و التفكير بجسدك و بنفس الوقت تحصل على نتائج، هذه سذاجة! هنا يمكنك أن تقوم بفعل فقط و تتخذ قرار أنك ستفعل كذا وكذا بما يخص غداءك، و كذا وكذا بما يخص تمارينك الرياضية ..
المراقبة والدراسة الطويلة لوضعك الجسدي دليل أنك غير جاد بعد، بمعنى أبسط :
” ما رأيك أن تتوقف عن الكلام و التفكير بصحتك و تذهب و تركض ؟!! ”

ستفهم أكثر كل ما قيل بتوضيح سريع لنقطتين:

١- أنّ القرارات التي ربطناها بالعقل و الجسد قد تجدها أحياناً مع الروح و القلب، فمثلاً أنت تقرر أنك ستبدأ برحلتك الروحية، أو أن تقرر مثلاً أنك تمارس عادات مفيدة في علاقاتك، هذا لا ينفي أبداً القاعدة الأساسية التي تقول أنّ تواصلك مع عالمك الداخلي و مراقبته هو ما يجعلك ناضجاً روحياً و عاطفياً.

٢- كذلك، الملاحظة والتأمل اللذان يخصّان الروح و القلب ستحتاجهما في العقل والجسد، لكن دعني أؤكد لك أنك لن تحصل على أي ملاحظة ناضجة دون أن تبدأ بالعمل، أقصد: ابدأ بالعمل و تفكّر بوضعك، عندها ستمتلك رؤية دقيقة و انجاز حقيقي.

*هذا التفكير المرتّب هو أفضل بداية لتطوير جوانبك الأربعة هذه، فالأسئلة الوجودية الروحية الكبيرة قد توهمنا أننا يجب أن نأخذ قراراً ما وهو ما يفشل دائماً، و ضغط المواقف العاطفية يجبرنا في أحيانٍ كثيرة على اتخاذ قرار حاسم لنقوم بشيء ما ينقذ حياتنا العاطفية، علماً أن ما علينا فعله هو خلق تواصل جيد مع ذواتنا بعد أو خلال أي تجربة عاطفية.

كذلك، إنّ أكثر ما يمكن تراه عند الناس في جوانب العقل و الجسد أنهم يفكرون ويتأملون أكثر ممّا يعملون، فقط تذكر أن ما تحتاجه فعلاً هو قرار يتحول لفعل.

الخلاصة قبل أن أسلّم عليكم:

” إنّ وضوح الأدوات و الآليات التي تقود بها حياتك هو أهم من أن تقود حياتك، لأنك لا تستطيع قيادتها و دفعها في الاتجاه الصحيح دون وجود منهج، واضح، محدّد، فعّال ”

و السلام عليكم.

 

أحمد فارس العلي


    Like it? Share with your friends!

    mm
    حقوقي، و يحمل شهادة دراسات عليا في إدارة الأعمال، مهتم بالفكر والعلوم، مؤسس مجموعة بداية للتدريب والاستشارات التنموية والإدارية، ويعمل كمدرب فيها ومحاضر محلي في سوريا في المراكز والجامعات ، ضيف تلفزيوني وإذاعي شبه دائم. لمتابعة الكاتب على الفيسبوك انقر هنا