كيف تكوّن شبكة علاقات عامة أكثر فاعلية

الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، لا يستطيع أن يعيش وحده، فهو بحاجة إلى الآخرين في كل شؤونه وفي جميع مراحل حياته، ولا يمكن لإنسان أن يستغني عن الآخرين؛ لهذا تجد أن جزءًا كبيرًا من تكوين شخصية الإنسان يتمثل في الجانب الاجتماعي إضافةً إلى الجانب الروحي والجانب العقلي والجانب الجسدي. يتدخل الجانب الاجتماعي في رسم شخصية الإنسان حتى قبل ميلاده، وعندما يولد تزداد التأثيرات إلى حد تكوين ملامح شخصيته الرئيسية بشكل واضح لتؤكد الفروق بين المجتمعات، والتناقضات بين الثقافات، واختلاف الأديان فيما بينها.

 

ما هي أنواع العلاقات الاجتماعية التي تربط بين الناس؟

تتنوع العلاقات الاجتماعية التي تربط الأفراد بعضهم البعض؛ فهناك العلاقات الأسرية وهي علاقة مفروضة على الإنسان في أغلب الأوقات، إذ تنشأ مع الإنسان منذ مولده، وتبقى ملازمة له حتى وفاته كما أنها الأكثر استمرارية في حياة الإنسان. هناك أيضًا علاقات الزمالة، وهي تلك العلاقات التي تنشأ أثناء العمل أو الدراسة فهناك زميل العمل وزميل الدراسة، وتتخذ تلك العلاقات الطابع المبني على الاحترام المتبادل بين الأشخاص، وقد ترتقي لتصل إلى رتبة أعلى من ذلك وهي الصداقة. أما النوع الثالث من العلاقات فهو الصداقة والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد العلاقات الأسرية من ناحية المتانة والقوة، فالصديق يتقاسم مع صديقه فترة من حياته وقد يتقاسم معه العمر كله، لهذا فالصديق هو ملجأ الإنسان الذي يلجأ إليه من أجل الترفيه عن قلبه.

وهناك العلاقات المؤقتة والتي تنشأ بسبب وجود مصلحة معينة وبمجرد زوالها تزول هذه العلاقة كالعلاقة بين التاجر والمشتري، وبين الموظف والمراجع وما إلى ذلك من العلاقات. لا يشترط هذا النوع الأخير وجود الحب كغيرها من العلاقات الكثيرة المؤثرة في حياة الإنسان. يقول قانون العلاقات أنه كلما زاد عدد من تعرف ويعرفونك على نحو إيجابي، تزداد حظوظك في كافة المجالات الحياتية حيث يعمل هؤلاء على تزويدك بالأفكار ويفتحون أمامك الأبواب إذا أحبوك، لكن حتى تستوفي هذه العلاقات غايتها على أكمل وجه يجب أن تراعى فيها مسألة الأخلاق، والضمير، والإحترام المتبادل بين الأطراف جميعًا.

يميل كل إنسان طبيعي إلى تكوين علاقات جديدة بينه وبين غيره من أفراد المجتمع، فالإنسان كائن إجتماعى بطبعه يُحب تكوين العلاقات والصداقات، ولتلك العلاقات الاجتماعية الناجحة تأثيراتها الكثيرة على الإنسان:

من الناحية الاجتماعية: تهدف إلى مساعدة الأفراد على الاندماج السوي في الجماعة والتكيف معها.

من الناحية النفسية: تهدف إلى تحقيق الشعور بالأمن، والانتماء، والارتباط بالآخرين، كما تُمكن الفرد من اكتشاف جوانب جديدة في ذاته وفي شخصيته. توفر العلاقات الاجتماعية للإنسان الشعور بالسعادة، والاطمئنان، والأمان، والراحة النفسية وبالتالى تنتج شخصية سوية متزنة نفسيًا وصحيًا، فالشخص الوحيد يعانى دائمًا من القلق، والملل، والوحدة، والعصبية، وعدم تقدير الذات هو الشخص غير القادر على تكوين علاقات اجتماعية.

تعدد العلاقات الاجتماعية يُرضى احتياجات الإنسان، كما أن اكتشافه لأنماط مختلفة من الناس يمكنه من التعامل مع أنماط مختلفة من الشخصيات؛ لذلك يجب ألا تنحصر العلاقات في نوع واحد فكلما كانت العلاقات متنوعة كان هذا أفضل. فليكن فى حياتنا مكان للأصدقاء، وزملاء العمل، والجيران، وزملاء الدراسة، وأفراد العائلة، ومن أجل توطيدها لابد من المشاركة في الخدمات الاجتماعية، إذ أن التعدد في العلاقات الاجتماعية تكسب صاحبها نوعًا من الاستقلالية بعيدًا عن إطار العائلة والعمل.

 

اقرأ أيضاً : انفوجرافيك – 9 أشياء تحتاجها علاقاتك منك لتحسين العلاقات العامة

 

كيف تتمكن من تكوين علاقات جيدة مع الآخرين؟

قد تنشأ العلاقات نتيجة لوجود اهتمامات مشتركة، أو عندما تجد نفسك في موقف أو ظروف معينة، لكن إذا لم تتوافر أي من هذه الشروط فلابد أن يكون هناك طريقة تكفل لنا إقامة علاقة. عندما نبدأ في التخطيط لإقامة علاقة فإننا نُقلل المسافة، ونحد من الاختلافات بيننا وبين الطرف الآخر عن طريق إبراز الاهتمامات المشتركة بيننا، وعندما يحدث ذلك فإننا نشعر بالارتباط الطبيعي مع الطرف الآخر لأننا أصبحنا متشابهين. يعتمد التخطيط للعلاقة على مرونتك في تعديل تصرفاتك لكي تُصبح مثل الشخص الآخر فأنت تُحاول التكيف لفترة تُتيح لك إقامة الارتباط. كل ما تحتاجه هو موقفك، ومظهرك، وجسدك، وتعبيرات وجهك، وعيناك، ونغمة صوتك، وموهبتك في تنظيم كلماتك لتُقيم محادثة جذابة، وكذلك فراستك الخاصة في اكتشاف الحاسة المفضلة لدى الطرف الآخر. كل ما تحتاجه هو الملكات الخاصة التي وُلدت بها ورغبتك النابعة من القلب في صحبة الناس.

 

  • كن على طبيعتك

جعلت مواقع التواصل الإجتماعي الأشخاص يرون أنفسهم بشخصيات افتراضية وإخفاء حقيقتهم، ولكن الصواب أن تسمح لشخصيتك وطباعك بالظهور على السطح، وتعامل بها لأن شخصيتك الحقيقية هي صفة مميزة لك.

 

  • تواجد بين الناس

الاشتراك في الأنشطة الاجتماعية تُزيد التعارف، والألفة، والصداقة فلا تمنع نفسك من الاستمتاع بالرحلات والانضمام لجمعيات تساهم فيها بدور وسط فريق العمل، فهذا يُزيد من تفاعلك مع الآخرين.

 

  • اظهر الاهتمام للآخرين

كن صديقًا جيدًا وعبّر بابتسامات للآخرين، وتذكر أسمائهم، وابدأ بالاهتمام بهم، وتعامل بمودة معهم، وزد من إنصاتك لهم لتوطيد علاقتك بهم.

 

  • بشاشة الوجه

ابتسامتك تجعلك مقبولًا لدى الآخرين لذا لابد أن تحافظ عليها. ابدأ حديثك مع الآخرين بالسؤال عنهم، ولا تكن كثير الشكوى والحديث بشكل سلبي، وإنما حاول أن يكون حديثك إيجابيًا قدر الإمكان، ولا تكن فضوليًا وتحاول الاطلاع على أسرار الآخرين، فهذا السلوك يُنفّر الآخرين منك. ابتعد عن إعطاء الأوامر للآخرين، واطلب من الطرف الآخر ما تريد بأسلوب لطيف، وإذا أثار انفعالك موضوع ما فحاول ضبط أعصابك والسيطرة على انفعالاتك حتى لا تُسيء للآخرين وتندم فيما بعد.

 

  • تقبل الآخر

لكل منا مميزاته وعيوبه، كما تحب التعامل مع المميزات عليك تقبل العيوب، والتواجد مع الطرف الآخر طوال علاقتك به وتعلم الأخذ، والعطاء، والمسامحة، والتشجيع.

 

  • الإنصات التام للمتحدث

يلعب الإنصات التام دورًا هامًا في مجالات كثيرة مهمة كالاجتماعات، وتقييم أداء الآخر. ان يفيد الاستماع في اكتساب بصيرة أكبر عن الأفراد، والحصول على أفكار جيدة، أما الأفراد الآخرين فيُعطيهم الاستماع شعورًا بأن آراءهم مسموعة، وبذلك تكون استجاباتهم أكثر انفتاحًا. علينا أن ندرك أهمية الإنصات للآخرين، وعلينا أن نتدرب على الصمت والتركيز مع المتحدث، وإذا لزم الأمر نطرح بعض الأسئلة القصيرة للتأكد من أننا فهمنا قصد المتحدث. لو كنا من النوع الذي يسهل تشتيته، فينبغي علينا أن نتدرب على التركيز على كلمات المتحدث، وأن نقوم بإعادة الجمل الرئيسية في صمت للتأكد من تذكرها. وكما أن الإنصات في غاية الأهمية، فمن المهم أيضًا أن نتصرف كما لو كنا نستمع جيدًا، يمكننا عمل ذلك من خلال التظاهر بالارتياح، والاستجابة، وهز الرأس.

 

  • الحديث وأسلوب الكلام

يمثّل الحديث درجة عالية من التفاعل في التواصل، ذلك لتجد من تحدثهم يستجيبون باستمرار فيهزون رؤوسهم للموافقة، وبصورة أخرى للرفض. رغم أن حديثك معهم قد لا يكون بأسلوب رسمي، فإن تواصلك معهم يكون فعالًا ومفهومًا بصورة واضحة. يُلاحظ عند الاستماع إلى محادثة بين صديقين في موضوع خاص يمكن ألا تستوعب في الغالب ما يقولان. لذا تجد أن الحديث مع شخص غريب عنك يجعلك تتبنى نغمة تختلف عن التي تستعملها مع أصدقائك، وذلك لمحاولة ملء الفجوات الثقافية بينك وبينه كي يستفيد من المحادثة، وكذلك محاولة تقديم أفكارك بصورة منظمة، والتحدث بأسلوب سليم لتضمن أنه يفهمك، والحرص على أن يتلاءم أسلوب الحديث، ونغمته مع من نتحدث. يتميز الأسلوب أثناء الحديث مع الصديق بالعفوية واليسر، ولكن الحالات الأخرى يُصبح الأمر أكثر رسمية، كما يزداد وعيك لما تقول أثناء الحديث حين تشعر أن الآخرين يستمعون إليك باهتمام. يحتم عليك أن تتذكر دائمًا أن النجاح يتوقف على تنظيم أفكارك، وعرضها بطريقة تلائم الجمهور، وهذا يعني أن نجاح التواصل الشفوي يعتمد على طريقة الإلقاء، وتنويع نغمات الحديث، واستخدام الإيماءات والحركات المناسبة للجمهور.

 

  • القدرة على التواصل الكتابي

التواصل الكتابي أكثر رسمية من التواصل بالكلام؛ فالكتابة تعتمد على استخدام قواعد اللغة، والمهارة في عرض المكتوب، لذا يجب أن تكون الرسالة المكتوبة كاملة في ذاتها لأن الكاتب على عكس المتكلم لا يستفيد من وسائل الاتصال اللفظية كالإيماءات، والحركات، وتعبيرات الوجه، ومعرفة أثر كلامه على المستمعين. يمكن أن تكون الكتابة عملية طبيعية ويسيرة مثل الكلام تمامًا إذا تمت بطريقة رسمية منظمة وأسلوب محكم.

 

لابد من استخدام جميع مهاراتك عند تكوين علاقات اجتماعية، فينبغي عليك أن تكون فردًا فعالًا إيجابيًا في المجتمع حتى تتمكن من تكوين شبكة علاقات اجتماعية ناجحة.

اقرأ أيضاً :