سرنا الذي لا نعرفه (العقل الباطن)


سرنا الذي لا نعرفه (العقل الباطن)

من المدهش حقاً في الإنسان أنه قد يقرأ في الكتب أو يسمع من الطبيعة أشياء كثيرة عن أسراره الذاتية النفسية , ومن المدهش أكثر أن يعرف أنه يملك ما قد اكتشفه،  وليس هذا فقط , بل انه يمارسه ويعمل به في كل لحظة ..والصاعق في الأمر أنه يسير في حياته تحت سيطرته وإمرته وسلطانه.

حسناً سأروي فضولك , إنه (عقلك الباطن ) لم تتضح لديك الفكرة بعد أليس كذلك؟

نعم هات يدك معي لنتجول في سندباد النفس البشرية الأكثر عمقاً . هل يحدث معك أن تنجز عملك الروتيني كل يوم دون أن تكون واعياً إلى التفاصيل الدقيقة التي تمر بها في كل لحظة ؟ وبالأخص عندما يسألك أحد ما كيف تفعل ذلك بدقة ؟؟

هل يحصل أن تستوقفك قطعة من الثياب معروضة على واجهة إحدى المتاجر وتبقى تتأمل تفاصيلها وألوانها ومقاييسها وربما ترتديها ذهنياً وتذهب بها رحلة ثم تعود إلى واجهة المتجر حيث أنت تقف وتعيدها لصاحبها ذهنياً أيضاً !! دون أن تعرف لماذا يحدث معك ذلك أو حتى تحاول أن تسال نفسك وتناقش هذه الفكرة بحد ذاتها مع نفسك

. ! ولنبتسم قليلاً: هل شعرت بالعطش وأنت نائم وحلمت بأنك قد شربت عشرات المرات و أنت نائم لتكتشف حين تستيقظ انك لم ترتوي , بل لم تشرب أصلاً ؟!!

لن أسألك أكثر بل سأذهب معك في رحلتك إلى أعماق نفسك ونكتشفها سوياً . عندما خلقتَ في هذا العالم لم تكن مجرد جسد عليه أن يأكل ويشرب وينمو فحسب فالله لم يوجدك على الأرض لهذا الغرض بل أوجدك كأعظم سر بين خلقه , هذا السر الذي ما إن تبدأ باكتشافه حتى تضيع في تهويماته وأعماقه إلى حد الذهول والتعطش أكثر للغوص في بحرك العميق.

لعلك تعثر على لؤلؤة مدفونة فيه تسمى (العقل الباطن) أو كما سماها علم النفس اللاشعور أو اللاوعي وعن لسان عالم النفس (فرويد) (الهو) لماذا قلت عنها أنها لؤلؤة ؟ ولماذا اعتبرتها أعمق ما في الإنسان وهي الأكثر ظهوراً وسطوعاً فيه ؟

نعم لقد اضطر الفيلسوف ( سقراط) بعد تجربة طويلة مع الحكمة أن يقول (أعرف نفسك بنفسك أيها الإنسان) وهو الذي قال ذلك بعد الغوص في أعماق النفس البشرية من جهة وفي الميتافيزيقا أو ما وراء الطبيعة الحسية من جهة أخرى, لم يتجرأ ويطلق للناس نظرية يستطيعون من خلالها أن يعرفوا أنفسهم بل طلب من كل شخص أن يعرف ذاته بنفسه فهو الأعلم بها .

ومن هنا سنمشي أكثر في جبال نفسك لنتعرف أكثر تقسم النفس البشرية إلى جبلين , الجبل الأول هو( الوعي) أو العقل الواعي والذي نتعامل من خلاله مع عالمنا الداخلي والخارجي وفق مبادئ وأسس الحياة التي نعتبرها نحن والمجتمع على أنها منطقية ومقبولة ويتشكل العقل الواعي هذا منذ الطفولة من خلال أساليب التربية والتنشئة الأسرية والاجتماعية والدينية والأخلاقية, ومن هنا يبدأ جبل (العقل الواعي ) بالارتفاع والظهور للعيان أكثر من الجبل الآخر الذي يسمى العقل اللاواعي أو الباطن .

العقل الباطن الذي يستطيع التقاط آلاف الإشارات من حواسك في لحظة واحدة ويبدأ بتخزينها في داخلك بكل تجاربها المترافقة بالمشاعر والأحاسيس وتجد لها موطأ قدم فيه وتختبئ إلى أن يحين موعد ظهورها كالأحلام وزلات اللسان والقلم والميول والاهتمامات الشخصية ويصل الأمر إلى أن يتحكم في قراراتك وبالأخص السريعة منها , هذا الخزان الذي يحوي ملايين المعلومات والتجارب التي مرت في حياتك والتي تعتقد انك نسيتها هي مخبأة فيه وستفاجأ حين تتذكر كيف كنتَ في فترة بالطفولة بتفاصيل دقيقة كنت تعتقد أن النسيان قد أكل وشرب عليها وذلك في لحظات الاسترخاء أو بإحدى جلسات التنويم الإيحائي أو المغناطيسي.

وهنا أتحدث عن مدى الأمراض والعقد النفسية التي سببتها الذكريات والتجارب السلبية المخزنة والتي يقوم العقل الباطن بتعويمها إلى السطح على هذا الشكل لأسباب كثيرة يكون فيها العقل الواعي نائما أو مسترخياً أو مخدراَ أو يعاني من صدمة ما ستقول لي فأين اللؤلؤة في ذلك ؟

مادام العقل الباطن يسبب العقد والأمراض النفسية !! وهنا سأقول : العقل الباطن هو وعاء يحتضن كل ما تدخله أنت إليه… ففي حال كان ما أدخلته هو تجارب سلبية وأفكار سيئة وحقد وكره فستكون النتيجة هي شخصية مريضة وشريرة أما في حال أدخلت أفكارك الإيجابية الجميلة وذكرياتك الرائعة والحب والتسامح والرغبة في مستقبل رائع سترى حينها شخصية إيجابية وناجحة وهنا أنت بدأت تتلمس هذه اللؤلؤة ويرى الآخرين بريقها في عينيك الناجحتين .

كيف تتحكم بعقلك الباطن؟ يتشكل العقل الباطن من قوة إدراكك وانتباهك لأشياء معينة دون أخرى ولهذا يستطيع السيطرة عليك في نفس اتجاه إدراكك مثلاً : ففي حال تعرضت لمشكلة وصاحبها مشاعر اليأس والكآبة والضعف وبدأت بترديد العبارات السلبية مثل أنا ضعيف أنا فاشل فهنا تدرك نفسك بشكل سلبي وبالتالي سيخزن اللاوعي هذه الأفكار والمشاعر وتترجم إلى سلوك سوداوي وبالتالي شخصية سوداوية لكن في حال اعتبرت المشكلة على أنها وجدت ليكون لها حل وبأنك تعلمت منها وأدركت الجانب الإيجابي لها فهنا أنت خزنت في اللاوعي الأفكار والمشاعر الإيجابية وسنرى هنا سلوكاً إيجابياً وشخصية مؤثرة وناجحة.

باختصار كما تدرك وتفكر ستكون قُل لي الآن هل تريد أن تعود من هذه الرحلة ؟ أم أنك تريد أن تُكملها كما تشتهي وتحب باتجاه سرك الأجمل ولؤلؤتك العظيمة ؟ كل ما عليك هو أن تختار وتقرر ..وحينها ستصنعك نفسك الرائعة وحياتك العظيمة .

يمكنك أيضاً قراءة مقالة >>> العقل الباطن طريقك الى النجاح


    Like it? Share with your friends!

    mm
    ماجستير اختصاصي في الارشاد الاجتماعي ومدرب في التنمية البشرية مصمم لحقائب تدريبية وأدربها اهمها الكاريزما ، والهندسة النفسية لتحليل الشخصية ، والتشريح النفسي، استشاري اجتماعي ونفسي وماستر في البرمجة اللغوية العصبية، واعمل على تصميم مقياس ريختر العاطفي ضمن حقل الذكاء العاطفي / يمكنكم متابعة الصفحة الشخصية للمدرب على الفيسبوك من هنا والصفحة العامة من هنا