قصة نجاح مصطفى محمود
خاص أكاديمية نيرونت لـ التطوير و الإبداع و التنمية البشرية
يروي التاريخ ” قصص نجاح ” كثيرة، منها قصص أطباء كانوا في الوقت ذاته شعراء وأدباء أمثال العرب ابن سينا وابن زهر الأندلسي والرازي، والعالميين كالأمريكي أوليفر هولمز والروسي أنطون تشيخوف. والقائمة طويلة، لكن الدكتور ” مصطفى محمود ” الذي سنتناول ” قصة نجاح ” حياته من خلال هذه السطور جمع بين الطب والأدب إلا أنه كان متفردًا ومتميزًا عن غيره.
سويًا سنتعرف على راهب العلم ومارد الفن والعالم الذي لا يشبهه أحد!
مولد الدكتور ” مصطفى محمود “
ولد مصطفى كمال محمود حسين بمحافظة المنوفية في مصر في السابع والعشرين من ديسمبر سنة 1921.
طفولته والتي تنبأت بـ ” قصة نجاح ” مذهلة
كانت للطفل الصغير مصطفى أحلام كبيرة، فقد كان يصنع زوارق من الورق فيسافر بخياله عبرها إلى قارات لم يكتشفها أحد بعد. أما أصدقاؤه فقد كانوا كبارًا على متن هذه الرحلة فلم يكن في طفولته في عزلة – كما يصفها الكثيرون – لأنه كان طوال الوقت برفقة كريستوفر كولمبس وأديسون وماركوني وباستور. يجتمع بهم، وهم يعتقدون أنه كان في خلوة. وكان يعشق روايات طرزان والسندباد والسندريلا، ويدمن على مشاهدتها في أفلام السينما.
دور الأب في ” قصة نجاح ” الابن الموهوب
كان والده مولعًا بالكتب لذلك فقد كان يشتري لابنه ” مصطفى محمود ” من الكتب أضعاف ما كان يشتريه له من الألعاب، حيث كانت اللعبة المفضلة لدى ” مصطفى محمود ” الصغير هي لعبة الكتاب.
حكاية ” مصطفى محمود ” مع المدرس
كان التلميذ ” مصطفى محمود ” تلميذًا نجيبًا يحب العلم والدراسة. وذات يوم، سأل معلمه عن ذات الله وكان يسأل عن جهل وليس بسبب الشك، لأنه كان يسأل سؤال من يريد أن يتعلم ويعلم عن الله تعالى، ولكن المعلم عنفه وضربه عن جهل أكبر من جهل الصغير. وبسبب هذه الحادثة ترك الصغير مقاعد الدراسة لثلاث سنوات كاملة، ثم عاد إليها من جديد بعد أن وصلته أخبار بأن ذاك المعلم قد غادر .
هل كانت تلك نهاية ” قصة نجاح ” ” مصطفى محمود ” ؟
لا، فلم يكن للصغير ” مصطفى محمود ” وقت يضيعه فقد كان يستثمر وقته خلال تلك السنوات في القيام ببعض التجارب الكيميائية للقضاء على الحشرات، وقد تسبب ذلك في حرائق وانفجارات ولكنها لم تخلف خسائر ‼
” قصة نجاح ” ” مصطفى محمود ” مع الطب واكتشاف لغز الإنسان
التحق ” مصطفى محمود ” بكلية الطب في جامعة القاهرة للتعرف على لغز الإنسان واشتُهر بـ ( المشرحجي)؛ وذلك لبقائه مدة طويلة في مشرحة الكلية حيث أغلقت عليه الأبواب حين هم الحراس بالمغادرة في إحدى المرات. وليس هذا فقط، بل قام بشراء جثة ووضعها تحت سريره في حوض مليء بالفورمالين وهي مادة تحفظ الجثة من التآكل والرائحة الكريهة. كل هذا كان نابعًا من حبه للاكتشاف والمعرفة، وبدايةً لـ ” قصة نجاح ” بطلنا في مجال الطب.
” قصة نجاح ” ” مصطفى محمود ” في الكتابة
كان ” الدكتور مصطفى محمود ” شغوفًا بفنون الأدب فكان يكتب الشعر والقصص والروايات والمسرحيات وغيرها، وقد ظهرت موهبة الكتابة لديه منذ الصغر. وقد ألف 89 كتابًا في الدين والعلم والفلسفة والسياسة وغيرها. كما تم إخراج بعض كتبه إلى أفلام سينمائية منها كتابه (المستحيل) والذي حقق ” نجاح ” باهرًا، كما حازت روايته (رجل تحت الصفر) على جائزة الدولة التقديرية لعام 1970. ولكن لم تكن ” قصة نجاح ” ” الدكتور مصطفى محمود ” سهلة وكان اول الدرب شكًا.
مرحلة الشك في حياة ” الدكتور مصطفى محمود “
رفض ” مصطفى محمود ” التعامل مع الدين بالموروث أو بطريقة سطحية وأراد أن يفسر كل شيء بالعقل. كان يعتقد أن العلم يمكن أن يجيبه عن كل الأسئلة، وكان ” كتاب الله والانسان ” الذي كتبه يعبر عن مرحلة الشك في حياته. من أين جئنا؟ وإلى أين سنذهب؟ وهل هناك حقًا حياة أخرى؟ من هو الله؟ وما هو الدين الحق؟ لكنه كان أيضًا طريقه إلى معرفة الله تعالى. التأمل والتدبر في الكون والشك كان طريقه إلى اليقين. كان يبحث عن إيمان غير أعمى يأخذه إلى الإيمان الحق، إيمان العارفين والعلماء المستبصرين. كان يحاول أن يجد تفسيرًا للحياة والموت عن طريق الكيمياء والفيزياء، ولما وجدها عاجزة لجأ للفسلفة فوجدها أكثر عجزًا عن التفسير، فقرأ في الأديان السماوية وغير السماوية وانتهى إلى أن الكمال في القرآن وأن الدين عند الله الإسلام.
أزمة ” كتاب الله والانسان “
اتهم الدكتور ” مصطفى محمود ” بالإلحاد والكفر بسبب تأليفه لـ ” كتاب الله والانسان ” الذي أثار سخط شيوخ الأزهر والكثير من الناس، فقدّم على إثره للمحاكمة أيام الزعيم عبد الناصر الذي اكتفى بمصادرة الكتاب ومنعه من الكتابة لمدة ثلاث سنوات. لكنه لم يتوقف بل استغل تلك الفترة لكتابة المزيد فألف ثلاث مسرحيات بعنوان: الزلزال، العنكبوت، وشلة الأنس.
أزمة ” كتاب الشفاعة “
أما أزمة ” كتاب الشفاعة ” التي تعرض لها بعد أزمة ” كتاب الله والانسان ” فقد كانت بسبب رأيه بأن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم بإخراج العصاة من المسلمين من النار وإدخالهم الجنة لا تعني التكاسل عن طاعة الله والتواكل، فهو لم ينكر الشفاعة ولكنه حذر من التواكل ولكنهم هاجموه بشدة وألفوا الكتب العديدة للرد عليه.
معارك حقيقية خلال ” قصة نجاح ” ” مصطفى محمود “
إن المعركة الحقيقية لـ ” الدكتور مصطفى محمود ” لم تكن مع شيوخ الأزهر ولا مع المسلمين أنفسهم إنما كانت مع اليهود؛ لأن أعداءه الحقيقيين هم الصهاينة الذين كشف من خلال كتبه ومقالاته عن دسائسهم ومؤامراتهم، وقد أبدت المنظمات اليهودية المعادية للتشهير استياءها بصراحة من مقالاته في جريدة الأهرام وغيرها من الجرائد برسائل لا زال أفراد عائلته يحتفظون بها. وهو بالمقابل لم يسكت عن قول الحق واستمر في الكتابة.
زواج ” مصطفى محمود ” لم يعينه على إكمال ” قصة نجاح ” بدأت قبله
تزوج ” الدكتور مصطفى محمود ” عام 1961، وانتهى زواجه بالطلاق سنة 1973. رزق بولدين، ثم تزوج مرة أخرى عام 1983 ، وانتهى زواجه الثاني بالطلاق أيضًا عام1987.
” مصطفى محمود ” مارد الفن
لم يكن ” الدكتور مصطفى محمود ” طبيبًا وكاتبًا ومفكرًا فحسب، بل كان ذواقًا للموسيقى وانطلق مارد الفن من داخله فكان يعزف على الناي والعود وظل يرافق الفرق الموسيقية في الأفراح، ويحكي ضاحكًا عن نفسه أنه كان في يوم من الأيام يعزف مع الفرقة قرب منزل أحد أصدقائه الذين كانوا يراجعون دروسهم مع بعضهم البعض فرأوه من الشرفة يعزف على الناي فلوحوا له بأيديهم، ويقول بلهجته المصرية الظريفة: (بقت فضيحة في الكلية)! وكان يقول عن نفسه (أنا أهوى العزف فقط، ولا أنوي احترافه).
” قصة نجاح مصطفى محمود” في الصحافة
اهتم ” الدكتور مصطفى محمود ” بالعمل الصحفي إلى جانب دراسة الطب، فكان يكتب في مجلة (الرسالة) ومجلتي (روز اليوسف) و(صباح الخير) ونشر فيهما الكثير من المقالات والقصص. ولم يترك العمل الأدبي حتى عندما وضعوا مواهبه بين المطرقة والسندان.
خيروه فاختار…
عندما أصدر الزعيم عبد الناصر قرارًا بعدم الجمع بين وظيفتين، ترك ” الدكتور مصطفى محمود ” الطب وفضل أن يكون كاتبًا. وليس هذا فقط، بل عندما عرض عليه الرئيس أنور السادات الذي كان صديقًا حميمًا له منصب وزير رفض؛ لأنه فضل أن يبقى رجل علم وفكر.
” قصة نجاح ” راهب العلم تتوج بـ ” برنامج العلم والايمان “
استطاع ” الدكتور مصطفى محمود ” من خلال ” برنامج العلم والايمان ” أن يظهر فضل العبادة في صومعة العلم. راهب لبس مسوح القرآن، فاستطاع أن يقطع الشك باليقين لكل مرتاب في آيات الله وعظيم قدرته سبحانه، فعرض فيه غرائب وعجائب الكون التي يقف العقل أمامها حائرًا. وقد حقق برنامجه الذي قدم فيه حوالي 400 حلقة على مدار ثمانية عشرة سنة نجاحًا عظيمًا، ورغم أن ” برنامج العلم والايمان ” أوقف بأمر رئاسي وراءه ضغوط صهيونية إلا أن حلقاته لا تزال تلقى رواجًا كبيرًا إلى يومنا هذا
” مصطفى محمود ” حبيب الفقراء
أنشأ ” الدكتور مصطفى محمود ” جمعية لمساعدة الفقراء والمحتاجين، كما قام ببناء مسجد ومستشفى ومراكز طبية. كان متواضعًا وكثيرًا ما كان يردد: (ما زلت أتتلمذ كل يوم على يد كل إنسان).
عمر يمتد و” قصة نجاح ” لم تنته بعد
رغم ان ” الدكتور مصطفى محمود ” توفي في الواحد والثلاثين من أكتوبر سنة 2009 عن عمر يناهز 88 سنة، لكنه لم يمت في قلوب كل الذين أحبوه وأحبهم.
وقد حضر جنازته الآلاف من البسطاء الذين ساعدهم وبكوه بكاء من يفقد عزيزًا
الدكتور مصطفى محمود لا يزال حيا بعلمه وكلماته لازالت تُدَرَّس..!
تحرير : مريم سيد علي مبارك
تدقيق : مرام حيص
تنسيق : جوني
إقرأ المزيد من المقالات الممتعة والمفيدة :
قصص نجاح لاجئات مسلمات في اوروبا
6 دروس لروّاد الأعمال من وراء قصة نجاح باسم يوسف