يتنافس بعضهم على اقتناء أحدث الجهزة ويتسابقون نحو آخر التحديثات. يتابعون ما استجد في عالم السيارات وآخر ما ظهر في قناة الجزيرة من أخبار! ويتسابق بعضهن في تجهيز مطابخهن وتجديد “ديكور” منازلهن، ويتراكضن نحو الأسواق بحثاً عن آخر الأزياء ولانتهاز العروض والتخفيضات! وهذه كّلها لا تعدو أن تكون تغييرات شكلية نستعيرها لنقنع أنفسنا بمواكبة العصر.
التغيير الواجب
وأنا أتساءل: لِم لا نزرع التغيير في نفوسنا بدلاً عن البحث عنه في المظاهر والشكليات؟ ولم لا نصنع الأحداث بدلاً من ترّقبها في نشرات الأخبار وعروض الأسعار؟ ما لنا لا نتعهد ذواتنا وطباعنا وأخلقنا بالرعاية والمراقبة كما نراقب الآخرين من حولنا ونتصيد أخبارهم ونقاط ضعفهم؟
لا تكمن حاجتك صديقي في جوّال جديد أو مكتب أنيق لكي تتطّور. إنما يأتي تطّورك الحقيقيّ فيما تزرعه في ذاتك لتحصد نسخةً مطوّرة منك. وإليك بعض الوسائل:
وسائل التغيير
1- فكّر في طُرقٍ تحسّن بها أداء عملك أو تزيده. ضع كلّ يوم فكرةً جديدة أو طوّر واحدةٍ من مهاراتك المهنيّة، وثابر عليها في اليوم التالي أو اطرح فكرةً أخرى. ثم راقب تطوّر عملك بعد ذلك.
2- تمنّى الحصول على سماتٍ تضيفها إلى مهاراتك الشخصيّة. ترقّب كلّ يوم اكتساب مهارةٍ جديدة كالنظر في عيني محدثيك، أو مراقبة مشاعرك الداخلية وكيفية السيطرة عليها. ثم راقب التغيير.
3- فكّر في الأحلام التي تودّ تحقيقها. ضع كلّ يومٍ حُلماً جديداً. الأحلام الجيدة تحفر أخاديد في ذاكرتك وسترغمك على معاودة التفكير فيها إلى أن تتحول إلى أهداف وتصبح الأهداف مشاريع.
4- تحدث الى إنسانٍ جديد كل يوم. فإن لم تجده في مكان عملك فستجده في السوق أو في الطريق أو حتى المقهى، محادثة الغرباء تفتح نوافذ عقلك وروحك لتقبل أفكارٍ أو كسب مهارات شخصية جديدة.
5- تعلّم شيئا جديداً كل يوم، سواء في ميدان تخصّصك أو في هوايةٍ محبّبة اليك. الأخبار والمسلسلات المتلفزة لا فائدة فيها. بل اقرأ ما يفيدك أو استمع لبعض الكتب الصوتية ولو أثناء شغلك.
6- كن فضولياً وراقب ما يجري من حولك. ليس من باب كشف الخفايا ومعرفة السلبيات، بل لغاية إيجاد الحلول وتفادي الأخطاء أينما كانت. ثم اقترح تلك الحلول للمعنيين فيها.
7- قم بتشجيع شخصٍ ما كلّ يوم على بلوغ أحلامه أو تحقيق أمانيه واسأله عنها. لأن التشجيع يرسل رسالةً مضاعفة التاثير الى دماغك، مفادها أنك إنسان قادرٌ على التأثير في الآخرين، وأن عليك التنافس مع مَن قمت بتشجيعه. فإن شجعته على الدراسة فستراودك أحلام طلب العلم. وإن شجعته على تحسين عمله فسيصبح تحسين العمل هاجسك. أبخل الناس هم العاجزون عن تحفيز الآخرين أو الثناء على إنجازاتهم.
8- قم كلّ يومٍ بما يرتقي بك درجةً نحو الأعلى. فكر كلّ حين كيف تصبح أحسن مما أنت عليه. اضبط منبه جوالك ليرنّ عند كل ساعة لتسأل نفسك ما عملت خلالها؟ من تساوى يوماه فهو مغبونٌ.
وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
من يقنع بالتغيير في مظهره فهو سطحيّ كالقشور: مهما حاول التزيّن بها، فستظلّ هي التي تقود حركته. كُن ممن غيّروا مسار الحياة وقدّموا للانسانية أكثر مما أخذوه. إن تطوير النفس هي النفخة الثانية والثالثة والعاشرة التي تبعث فيك أرواحاً جديدةً وتجعل منك نشطاً متألقا ولو بلغت مئة عام. وها أنا ذا قد قررت من اللحظة أن “أصير أحسن” وأن أبادر في إخراج النسخة الثانية من ذاتي قبل أن تنطوي حياتي، وأنا أنا.