اثنتا عشرة وسيلة للتغلب على الحزن
الحزن من المواضيع التي نهرب من الخوض فيها رغم أثره البالغ على حياتنا. فما من أحد إلا ملاقية بدرجات متفاوته تزداد صعوبة كلما كان المفقود عزيزاً علينا.
من الحكمة أن نروّض أنفسنا على التكيف مع نوازل الحياة. يصيبنا الحزن من زوال نعمةٍ نفيسة، من صحةٍ أو حبيبٍ أو شرفٍ أو متاعٍ، ترغم الإنسان على الإنفصال عن واقعه، لينطوي على تداعيات الألم والندم داخله، أسىً على ما فقده وحسرةً على ما أسرف فيه.
إجراءات تلطيف الحزن قبل وقوع المصيبة
قد تستغرب صديقي أن بعض إجراءات تلطيف الحزن تبدأ قبل وقوع المصيبة لا بعدها:
1- أن نربط حياتنا بطموحاتٍ أو أهدافٍ سامية وليس بافراد، لأن الناس يتفرّقون وتستمر الحياة.
2- أن نستمتع بأوقاتنا مع من نحب، على أن نوقن أن لا شي مخلّد لنا: لا مال ولا ولد، فلا نذوب في مسرّات الحياة، بل نضع الأسوأ في حسباننا.
3- أن نحافظ على أسباب سعادتنا، وأن نتجنب كل ما قد يتسبب في رحيلها عنا، كأن نحافظ على صحتنا ونجتهد في أعمالنا ونتجنب الإساءة إلى أصدقاءنا.
4- أن لا نُعدّ نِعَم الله علينا هبةً مَنّ بها على عباده “الصالحين”، فتلك أكبر الفتن التي يقع بها العوام. بل نِعَم الله إحسانٌ يستوجب الشكر ودفع الثمن، من خلال شكر المنعم والثناء عليه، وكذلك الإحسان للناس.
إجراءات تلطيف الحزن وقت وقوع المصيبة
فإذا أصابك ما يثير الأسى في نفسك، وإنه لمصيبك يوماً لا محاله، فقد تعجز عن تحمل الصدمة حال وقوعها، غير أنّ المرجو هو لملمة شتات النفس المكلومة ببعض الإجراءات الكفيلة بتخفيف حدة الألم علينا:
1- ألا نأخذ تعاستنا على أنها عقوبةٌ من الله على عباده السيئين. بل هي ابتلاء منه ليمحّص قلوبنا ويرى صبرنا ويختبر إيماننا وقدرتنا على الثبات وتصميمنا على تغيير الواقع.
لا بأس من تفريغ المشاعر والبكاء. لكن المطلوب ألا نطيل الجلوس عند ما خسرناه. فمهما كان ما ضاع منا نفيساً، يبقى ما بقي لنا أولى بالرعاية وأجدر بالعناية.
2- عدم الاستسلام لظلمات المكوث في سجن الوحدة. بل الخروج بحثاً عن أصدقاء نبوح لهم بمشاعرنا ونطلب منهم الاهتمام والحنان.
3- تأمين أجواءٍ تبعد الحزن وتجلب الراحة كالتنزه في النور في حديقة بهيجة أو ملازمة الأحبة أو سماع القرآن أو الموسيقى.
إجراءات تلطيف الحزن بعد وقوع المصيبة
والمقصود بهذي الإجراءات إعادة بناء الذات المجروحة بألم المصيبة:
1- الانضمام إلى دورات تعليم اللغات أو المهن أو الهوايات أو النوادي الفنية والأدبية المتاحة في مدينتك. لأنها تشغل أوقاتنا بما يعود علينا بالمتعة والفائدة والأصدقاء الجدد.
2- ممارسة الرياضة والاعتناء بأجسامنا وصحة عقولنا. فملء أوقات الفراغ وبذل الطاقة بشكل بنّاء، لا يحمي الجسم والعقل من آثار الحزن وحسب، بل يسلّي النفس ويبعث فيها الحياة.
3- التعبير مشاعرنا بطرقٍ فنية (كتابة الخواطر – شعر – رسم – بَستنة .. الخ)
4- إدراج عادات يومية مفيدة تغيّر من اسلوب حياتنا وتبعدنا عن تذكّر ما فاتنا.
5- ومنها التسامح مع واقعنا ومسامحة مَن أساءوا إلينا. فصفاء القلوب سببٌ مهم لاكتشاف ألوان البهجة في الحياة بدل النظر إليها عبر عدسات مظلمة ترينا كلّ ما فيها قاتماً.
وفي النهاية عليك أن تعلم أن الخسارة ليست في متاع فقدناه أو ماء وجهٍ بذلناه أو حبيب خسرناه، بل تكمن الخسارة الأكبر في التضحية بما في حوزتنا حزناً على ما فاتنا. واعلم صديقي أنه بعد كل حزن صحوة، لا تكلفنا سوى ارتداء حُلةٍ جديدة، بروحٍ جميلة وتسريحة فكرٍ تناسب التغيير، وقبضة يدٍ حديدية تعيد الأمور إلى نصابها. واعلم صديقي أن الحياة لا تنفلت إلا من الأيادي الضعيفة التي عجزت عن الحفاظ عليها.