العصف الذهني -3 خطوات بسيطة توصلك لافكار جديدة مبتكرة
قد يُخيل لك من فرط إعجابك بمؤسسة جوجل العملاقة أنّها تمتلك شيئًا خفيًا مميز، كمعادلة سرية للابتكار مثلًا؛ لكن دعوني أخبركم أن أفضل أفكار موظفي جوجل ليست أسرارًا لا يمكن وصفها على الإطلاق، بل على العكس تمامًا، فالأمر مُتعلق بعملية مخادعة بسيطة من ثلاث خطوات، عملية ممنهجة يُجرى تحسينها بشكلٍ دوري ثابت. والمثير هنا أن بإمكانك تطبيقها انت أيضًا!
الآن لنكتشف ما هي هذه العملية…
عملية بناء العصف الذهني الأفضل
يمكن للجميع التوصل وخلق افكار جديدة بشكل أفضل، فعلى أي حال هي عملية كأي عملية أخرى، وجمال أي عملية يكمُن في أنّه بالإمكان تدريسها، وتعلمها، وحتى مشاركتها.
في مجموعة من ثلاث مبادئ أساسية، استخلصت مؤسسة جوجل هذا النهج الخاص بها، وهي مبادئ بسيطة، وفي الإمكان تطبيقها إلى حدٍ كبير في أي منظمة، بغض النظر عن حجم هذه المنظمة، أو الصناعة التي تعمل بها.
العصف الذهني الحر أساس الإبتكار
الطريقة التي يمارس بها كثيرون منا العصف الذهني خاطئة، حيث يبدو ما ينتج عن العملية برمتها كأغنية صاخبة ومشهد مشوش في نهاية الأمر، ونتصور جلسة تبادل الأفكار كتجربة غير منظمة، حيث يتم إلقاء افكار جديدة جامحة بطريقة ما هنا وهناك دون أن يهم ما فائدتها أو الهدف منها. لذا نظرًا لسوء التخطيط للعصف الذهني، والنتائج التي تأتي من ورائه حينما لا تكون العملية منظمة، قامت جوجل بابتكار عملية منهجية لتبادل الأفكار الجديدة، وتحويلها إلى منتجات فعلية في ثلاث خطوات كالتالي:
1 – اعرف المستخدم.
2 – فكر*10.
3 – النموذج المبدئي.
نعم، أعلم أن هذا يبدو بسيطًا، وفي الواقع هو كذلك بالفعل، لكن عليك أن تطبقه بالطريقة الصحيحة ليجدي نفعًا. لذا، دعنا نقوم بالمتابعة.
أولًا: اعرف المستخدم
“لحل سؤال أو مشكلة كبيرة؛ يجب أن تركز على المستخدم الذي تحلها لأجله، وكل شيء سيأتي لاحقًا”. لذا، اخرج إلى الميدان، وتحدث مع الناس، وقم بجمع قصص المستخدمين، وأفكارهم، وانفعالاتهم، وعواطفهم. راقب، استمع، وتعاطف، فبالنهاية الهدف ليس فهم احتياجهم فحسب، بل تحتاج إلى ما يجعلهم مرتبطين بك فكريًا، وفي الواقع لا توجد وسيلة لتحقيق ذلك دون بذل الكثير من الجهد عن طريق تطبيق ما ذكرناه.
على سبيل المثال: كيف تعرف أن مفهوم “التحرك” يعني أشياءً مختلفة جدًا عند الناس، اعتمادًا على مكان وجودهم، وطبيعة حياتهم إن لم تقم بزيارة العملاء من بلدان مختلفة؟
ثانيًا: فكر x10
الآن بعد أن أصبحت مُسلحًا من الخطوة الأولى بالمعلومات الأساسية التي يدور حولها العصف الذهني، يمكنك البدء بالانتقال إلى الخطوة الثانية. ألا وهي التفكير x10، ولا نقصد هنا أي تفكير، أو ما هو مألوف فى عالم الأعمال، بل نقصد ما يحدث في صميم عملية الابتكار التي تتبعها جوجل، وهى تدور حول محاولة تحسين شيء بمقدار عشر مرات بدلًا من نسبة 10%. ومن ثم يكتب جميع المشاركين أفكارهم بشكلٍ فردي قبل أن يعودوا معًا كمجموعة، ويقررون تلك التي يجب استمرار العمل عليها ومتابعتها.
على الرغم من أن التفكير 10x يبدو عظيمًا من الناحية النظرية، إلا أن كيفية القيام به أمر لا يعرفه الجميع، ويجب أن تفهمه جيدًا قبل أن تبدأ العمل به. لذا، كل ما عليك فعله في المرة القادمة التي تجتمع فيها مع أعضاء الفريق لمناقشة أفكارهم وملاحظاتهم من أجل عملية عصف ذهني أكثر إنتاجية، هو التأكد من اتباع 6 مبادئ توجيهية، كالتالي:
- البناء على أفكار بعضكم البعض، فبدلًا من قتل فكرة ما، والتسرع بقول “لا”، خاصًة في المراحل الأولى، يمكن استعمال “نعم”، مع إتاحة التعديل عليها، وتبادل الآراء والتعليقات حولها.
- شعار هذه النقطة هو المرونة والسماح بتوليد الكثير من الافكار الجديدة. نعم، فالمهم هنا هو الكم وليس الجودة؛ لأن أفضل طريقة للحصول على فكرة عظيمة هي امتلاك العديد من الأفكار المتنوعة. لذا فلتبدأ من الآن بتدوين كل الأفكار والملاحظات والخواطر المفضلة التي تطرأ على بالك، وقد يساعدك في ذلك تطبيق لسهولة حفظ الملاحظات على جوالك، أو حتى دفتر ملاحظات صغير.
- اكتب العناوين، فوصف فكرة ما في أقل من ست كلمات يساعد في جعلها واضحة. فقط تخيل أن مجلة مشهورة، أو إحدى وسائل الإعلام المُفضلة لديك ترغب في تغطية فكرتك العظيمة، فما العنوان الذي تريد رؤيته ؟
- قم بالتوضيح. عادةً ما تكون الصور أعلى صوتًا، وأكثر وضوحًا من الكلمات، بالإضافة إلى أنّها أضعف احتمالًا لإساءة تفسيرها.
- فكر بشكل أكبر لتحقيق الهدف، وذلك عن طريق حل المشكلة بشكل أفضل بمقدار 10 مرات أكثر. لذا كن مقدامًا، وقدم أفكارًا جريئة مهما كانت غريبة الأطوار أو تراها مجنونة.
- تأجيل الحكم، فلا تحكم على الأفكار في أثناء العصف الذهني (تذكر المبدأ الأول)، لكن دعها تنمو وتأخذ فرصة حقيقية للنظر بشأنّها؛ حتى تتمكن من البناء عليها والإستفادة منها.
ومن الأمثلة على ذلك مشروع Loom ، وهو مبادرة من جوجل لتوفير توصيل خدمات الإنترنت إلى الجميع، وخاصًة في المناطق الريفية والنائية عن طريق سد الثغرات التي يصعب الوصول إليها، وذلك باستخدام شبكة من المناطيد المستقرة في طبقة الستراتوسفير على ارتفاع حوالي 20 ميل، وإنشاء شبكة لاسيلكية مقاربة في سرعتها لشبكة الجيل الثالث 3G.
ثالثًا: النموذج المبدئي
إنّه خطأ شائع أن نجد معظم جلسات العصف الذهني تنتهي بالاتفاق على اجتماعٍ آخر في وقت لاحق. لذا، في هذه الخطوة، أخبرك أنّه الوقت المناسب لاتخاذ إجراء، ولتطرق على الحديد وهو ساخن، فانت حتمًا لا تريد أن تؤجل أهم خطوة لموعد آخر.
مؤسسة جوجل تحب أن تصمم النموذج على الفور، وبأسرع وقتٍ ممكن، ولا يجب أن يكون مثاليًا، بل فقط مجرد تصور مبدئي لفكرة بهدف الإجابة عن الأسئلة الأكثر إلحاحًا، واختبار الافتراضات الأولى حول تلك الفكرة. أما عن التفاصيل فيمكن دائمًا جعلها وهمية أو افتراضية، إلا أنّهم يحاولون تنفيذها فعليًا قدر الإمكان.
وأخيرًا، عندما تمتلك النموذج يصبح اختبار الفكرة والتعلم منها أمرًا سهلًا.
تابع جميع المقالات التي تتعلق بالعصف الذهني من هنا