ستة أسرار تستمدها من أسعد الأشخاص على وجه الأرض
خاص أكاديمية نيرونت لـ التطوير و الإبداع و التنمية البشرية
ماذا تلاحظ عندما تنظر إلى أُناس سعداء؟ هل فكرت يوماً بالقاسم المشترك بينهم؟
الإجابة هي: العلاقات، نعم إنها العلاقات. علماءٌ كُثر قاموا بالبحث ووجدوا أن العلاقات الاجتماعية القوية هي ما يجعل أشخاصاً أسعد من غيرهم. ستُفاجأ إذا ما علمت أن الإجابة ليست: النقود أو الذكاء أو العمر أو الجنس أو العِرق.
ذكر مؤلف كتاب “امتياز السعادة: المبادئ السبعة لعلم النفس الإيجابي التي تغذي النجاح والإنجاز في العمل” (The Happiness Advantage):
“اتضح لي وجود صفة واحدة فقط تميّز 10% من أسعد الأشخاص في العالم عن غيرهم, ألا وهي قوة علاقاتهم الاجتماعية. وتوصلت بعد أبحاثٍ قمت بها عن السعادة إلى نتائج مشابهة، حيث شملت الدراسة 1600 طالب جامعي من جامعة هارفرد. أظهرت النتائج أن الدعم الاجتماعي هو أقوى عامل للسعادة ويتفوق على عوامل أخرى هامة كالمعدل الجامعي العالي والدخل العائلي وامتحانات القبول للجامعة والجنس والعمر والعِرق. في الواقع, لقد فُوجئت بأن قوة الترابط بين الدعم الاجتماعي والسعادة تصل إلى 0,7. قد لا يبدو هذا رقماً كبيراً للعامة, لكنها نسبةٌ عالية بنظر الباحثين. فنتائج الدراسات النفسية تُعتبر ذات أهميةٍ ما أن تصل إلى نسبة 0,3. إن بيت القصيد هنا، أنك تشعر بسعادةٍ أكبر عندما تحظى بدعمٍ اجتماعي أكبر.”
ووفقاً لكتاب “الازدهار: رؤية جديدة في فهم الصحة والسعادة” (Flourish: A Visionary New Understanding of Happiness and Well-being)، وجد الباحث ديريك آيزاكويتز -بعد متابعة مجموعةٍ من الرجال خلال فترة من حياتهم- أن القدرة على تقديم الحب وتلقيه هي أهم عامل مرتبط بالصحة الشخصية للفرد في سن الثمانين.
فالآن إن كان عليك فعلُ شيءٍ ما لتصبح أسعد، سيكون عليك قضاء المزيد من الوقت مع أصدقائك. لأن عدم قضاءنا وقتاً أطول مع من نحب هو أكثر ما قد نندم عليه في المستقبل.
قم بالمزيد من العمل، بدلاً من تقليصه :
الأشخاص السعداء دائمي الانشغال ولكنهم لا يشعرون بذلك.
يقول باركر: “من هم برأيك أسعد الأشخاص بيننا؟ لقد أظهرت دراسةٌ جديدة أن أكثر الأشخاص حظاً هم من يملكون وقت فراغٍ اقل، ونادراً ما يشعرون بأنهم منهمكين في العمل”.
أنا أعلم بأنك مُتعب وبحاجة للاستراحة. لكن الجلوس وعدم القيام بأي شي أمرٌ غير مقبول, سيشكل وجود الكثير من وقت الفراغ عبئاً عليك.
“وتثبت الإحصائيات أن من يملكون فائضاً من وقت الفراغ هم أقل الأشخاص سعادة. فالضجر, كما يبدو, يشكل عبئاً”
لذا، ما عليك فعله الآن هو القيام بأشياء تتقنها. تكمن نقاط القّوة لديك بالقيام بأشياءٍ تبرع في القيام بها و يبعث أداؤها السعادة والبهجة في نفسك. ناهيك عن أن الأشخاص الذين يواظبون على استخدام نقاط قوتهم على نحوٍ مستمر يستمر شعورهم بالسعادة لأشهر.
فعندما تم تشجيع 577 متطوع على استخدام نقاط القوة بطرق مختلفة كل يوم، بدوا أكثر سعادةً واقل تعاسة من المجموعة التي لم تمارس نقاط قوتها أبداً. كما أن شعورهم بالسعادة استمر حتى بعد انتهاء التجربة.
إن ممارسة نقاط القّوة هي السر الكامن خلف إبداعٍ أكبر في الحياة والعمل, فهي، على سبيل المثال، من تتسبب للفنّان بالشعور بالسعادة حيال لوحاته.
هذا ما يثبت صحة المثل القائل “أن أولئك الذين يقومون بما لا يحبون لا يشعرون بأنهم يعملون أبداً”.
غير عملك الذي تكرهه بأسرع وقت ممكن:
أجرى الباحث “كارل بيليمر” من جامعة “كورنيل” مقابلةً مع ما يقارب 1500 شخصاً تتراوح أعمارهم ما بين 70 وما يزيد عن 100 من أجل كتابه “ثلاثون درساً عن الحياة: نصائح مُجربة وحقيقية لأكثر الأشخاص حكمةً في الولايات المتحدة الأميركية”. حيث تمحور بحثه حول السؤالين التاليين: ما هي النصائح التي كنت عازماً على تقديمها أكثر من غيرها؟ أكانت متعلقة بالزواج والأطفال والسعادة؟
الجواب: لا تعلق طوال حياتك بعمل لا تحبه
ومما ذُكر في كتاب “ثلاثون درساً للحياة: نصائح مُجربة وحقيقية لأكثر الأشخاص حكمةً في الولايات المتحدة الأميركية”:
“هل تتذكر تلك الكوابيس التي تراودك و تصرخ فيها محذراً ولكن لا أحد يسمعك؟ حسناً, هذا ما يحاول الخبراء إخباره للشباب دوماً، وهو أن إنفاق سنوات حياتك في عمل تكرهه هو وصفةٌ ناجحة للندم وخطأ مأساوي بحق نفسك. فقد أكد الكثير من العلماء مراراً وتكراراً أن هدر ألفي ساعة من حياتك كل سنة بالقيام بعمل تكرهه هو حماقة بحتة”.
تعلم درساً من أشخاص استفادوا مما قدمته لهم الحياة: لا تهدر وقتك في عمل تكرهه.
خطط لسعادتك:
إنها لمدعاة للشفقة أننا نقدّر السعادة، لكننا ننظر إليها على أنها ضربة حظ أو منحة ربانية قد يحظى بها البعض ويحرم منها البعض الآخر، بينما نجلس بانتظار قدومها إلينا. إن انتظار السعادة مضيعة للوقت لأن الحصول عليها يتطلب تخطيطاً مسبقاً.
-ضع جدولاً بالأشياء التي تجعلك سعيداً:
-هل يبدو لك هذا الطلب غامضاً وبسيطاً في نفس الوقت؟ -نعم.
-هل تقوم به باستمرار؟ -غالباً لا.
شرحت البروفيسور جينيفر آكار, مؤلفة كتاب “أثر اليعسوب” (The Dragonfly Effect), في مقابلة لها: “ما يثير الاستغراب حقاً وجود فجوة بين المكان الذي يرغب الأشخاص قضاء وقتهم فيه وبين المكان الذين يقضون وقتهم فيه فعلياً. ستجد نسبةً كبيرةً منهم على دراية بالمشاريع وبنوعية الأشخاص التي تكسبهم الحيوية, لكنهم في الواقع ينهمكون بالمشاريع أو الأفراد الخطأ.
حالما تحدد النشاطات والأشخاص الذين تود قضاء بقية حياتك برفقتهم, يصبح من الضروري وضع مخططٍ مدروسٍ لأيامك القادمة. وما أن تدون نشاطاً ما على جدولك الزمني، ستنجزه على الفور ودون تفكير، مادمت قد فكرت به ملياً واتخذت قراراً مسبقاً بتنفيذه.
فكرّ بالأشياء التي تسعدك وضعها على جدولك الزمني للقيام بها لاحقاً.
لا تنتظر من السعادة أن تأتي إليك. السعادة بانتظارك. تلاعب بالنظام, اسعَ أنت إليها. فالسعادة ثروة.
السعادة ليست كل شيء:
هناك فرقٌ بين سعادةٍ تشعر بها لدى تناولك المثلجات وسعادةٍ ناتجة عن تنشئةِ طفلك تنشئةً جيد.
السعادةُ كلمةٌ غامضة, يصعب تفسيرها. فنحن بحاجة لمشاعر السعادة، لكننا بحاجةٍ أيضاً إلى أن نشعر بمعناها في حياتنا.
السعادة والشعور بها أمران مرتبطان ببعضهما البعض:
فقد أظهرت النتائج أن السعادة تتمحور فعلياً في الحصول على ما نريد ونحتاج، سواءٌ أكان ذلك عن طريق أناس آخرين أو بالحصول على المال. وفي المقابل، عندما تقدم أشياءٍ ايجابية للآخرين أثناء قيامك بأشياءٍ تعكس وتعبر عن شخصيتك، قد تتزايد ضغوطاتك النفسية من قلقٍ واضطرابات. الأمر الذي سيقلل من شعورك بالسعادة.
(إن إنفاق المال للحصول على أشياءٍ نحتاجها يُسبب السعادة, لكن إدارة المال يجب أن تكون هادفة).
فمفهوم السعادة يرتبط بالعطاء أكثر من الأخذ.
أجرى باحثون من جامعة “توهوكو” في اليابان دراسة استمرت لمدة 7 سنوات على أكثر من 43000 شخص بالغ تتراوح أعمارهم بين 40 و75 عاماً، حيث تم سؤالهم إن كانوا يشعرون بأن حياتهم ذات معنى, وبعد ذلك تمت متابعتهم صحياً.
وكانت النتيجة أن أولئك الذين يشعرون بأن حياتهم ذات معنى، سيعيشون 7 سنوات لاحقة.
حسب كتاب “البحث عن حياة جيدة”: مائة فكرة في علم النفس الإيجابي”(Pursuing The Good Life : 100 Reflections on Positive Psychology ): “لقد استطعنا توقع من سيبقى على قيد الحياة بعد سبع سنوات. بمعنىً آخر, فإن 95% ممن ذكروا أن حياتهم ذات معنى، قد عاشوا بالفعل لسبع سنواتٍ بعد الإحصائية الأولى، مقابل 83% ممن يفتقرون إلى معنى في حياتهم. عادةً ما يرتبط افتقادهم لحياة ذات معنى بفكرة الموت جراء إصابتهم بأمراض قلبية (كالذبحة الصدرية) وليس بسبب بالسرطان”
قد تشعر بالألم خلال ركضك في الماراتون, لكن إكماله حتى النهاية سيشعرك بالروعة. والدّراسة مملة, لكن الحصول على شهادة في نهاية المطاف أمرٌ رائع.
الشعور بالسعادة في اللحظة نفسها ليس كل شيء:
قام دانيال كانمان, الحائز على جائزة نوبل ومؤلف كتاب “فكّر: سريعاً وبطيئاَ” (Thinking: Fast and Slow), بمناقشة نوعين مختلفين من السعادة خلال محاضرة ألقاها على موقع تيد (TED) الإلكتروني. عرّف “كانمان” النوع الأول بأنه الشعور بالسعادة فورياً وفي اللحظة نفسها. أما الثاني فهو الشعور بالسعادة حيال حياتك عموماً، إنها السعادة المحفورة في ذاكرتك عندما تتحدث عن أحداثٍ جميلة عشتها في الماضي. فالقصص هي الأساس هنا, وهذا ما يشرح مصطلح “مغزى الحياة”.
أعط ولكن بحذر:
العطاء يسعدك أكثر من التلقي, فهو يخلق دائرة مستمرة من السعادة في حياتك.
فمساعدة الآخرين في الوصول إلى أهدافهم تجلب لك البهجة, والقيام بأشياء جميلة للآخرين اليوم سيشعرك بالسعادة حتى نهاية الأسبوع. لكن شعورك بأنك ضحية سينهكك ويؤذي صحتك.
وورد في كتاب”الأخذ والعطاء: تفكير ثوري للوصول إلى النجاح” (Give and Take: A Revolutionary Approach to Success): “أظهرت الدراسات أن العطاء في العمل للحصول على مقابل، أمرٌ مرهق ومجهد ومسببٌ لفقدان التوازن بين العمل والعائلة. تنطبق هذه الدراسة على الزواج أيضاً, فمن خلال دراسةٍ أجريت على ثنائي متزوج, وُجد أن الأشخاص الذين فشلوا في الحفاظ على التوازن بين احتياجاتهم واحتياجات الشريك، كثيراً ما يشعرون بالاكتئاب خلال الستة أشهر القادمة”.
-ما الذي عليك فعله إذاً؟ -قم بالعطاء يوماً واحداً في الأسبوع فقط.
“إن إعطاء القليل يعود عليك بالسعادة, والشعور بها يزداد عندما تقوم بالعطاء لخمسة مراتٍ متتابعةٍ في يومٍ واحد، بدلاً من العطاء لمرةٍ واحدةٍ يومياً لمدة أسبوع.”
-كم يتوجب عليك أن تعطي؟ -تذكر قاعدة المائة ساعة في السنة, أي, ساعتين أسبوعيا.
-قد يبدو الرقم كبيراً للغاية عندما نتحدث عن العطاء. ولكن بعد دراسةٍ أجريت على ألفي أسترالي بالغ في منتصف الستينيات من أعمارهم, تبين أن أولئك الذين اشتركوا بأعمال تطوعية لمدة تتراوح ما بين 100إلى 800 ساعة في السنة هم في الواقع أسعد وأكثر رضاً حيال حياتهم من أولئك الذين تطوعوا لأقل من 100 ساعة أو أكثر من 800 ساعة سنوياً. وفي دراسة أخرى أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، تبين أن أولئك الذين تطوعوا لمدة لا تقل عن 100 ساعة في العام 1998 سيبقون أحياء حتى العام 2000. ولكن كن حذراً، ليس هناك جدوى من التطوع لأكثر من 100 ساعة، فتجاوز هذه المدة في العطاء أمرٌ متعب. والعكس صحيح، إن التقيد بها سيبعث في نفسك الحيوية.
لا تنسَ تقسيم المائة ساعة سنوياً إلى ساعتين أسبوعياً، إذا ما رغبت بالتطوع. فقد أظهرت دراسةٌ أن تطوعك لساعتين أسبوعياً سيشعرك بالسعادة والرضا وتقدير الذات لسنة أخرى قادمة”.
-هل تود أن تكون معطاءً وسعيداً؟ -شارك هذا المقال مع صديقك وانشر السعادة.
ترجمة: خضر عبد الله نعامة
تدقيق: سميره المصطفى
تدقيق لغوي : راما الشامي
تنسيق : محمد الصواف
إقرأ المزيد هنا في هذه الروابط:
5 طرق للحفاظ على سعادة الموظفين ذوي الأداء الأفضل
العقل الباطن وتدريب عملي لاستبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية