عادة ما يحدث الإكتئاب كنتيجة لمزيجٍ من الأحداث الحديثة أو القديمة بعض الشئ أو حتى كلاهما، أي نتيجة لمجموعة من الأحداث المتراكمة، وليس بسبب حدثٍ واحد أو مشكلة ما، وبالرغم من أننا لا نعلم بالتحديد ما الأسباب المؤدية للإكتئاب إلا أن هناك العديد من الأشياء والأحداث التي من الممكن أن تزيد الأمر سوءً مثل هذه الأمور:
1- الأحداث الحياتية
رجحت الأبحاث أن الصعوبات والمشاكل المتكررة، والتوقف عن العمل لفترة طويلة، وربما العلاقات المضطربة، الوحدة والعزلة، والتوتر الدائم في العمل، تلك الأشياء التي تستمر لفترة طويلة نوعًا ما؛ تتسبب في حدوث تراكمات نفسية تؤدي إلى الإكتئاب بشكلٍ أكثر من الضغوطات حديثة الوقوع، حيث تكون تلك الضغوطات المعاصرة سببًا في زيادة سوء المشكلة، أو بمعنى آخر تكون “القشة التي قسمت ظهر البعير”.
2- عوامل شخصية
تاريخ العائلة: الإكتئاب يمكن أن يكون ناتج عن عامل وراثي، مما يضع أفراد العائلة في خطر دائم بفعل تلك الجينات التي تنتقل من جيل لآخر، ولكن هذا لا يعني أنه إن كان أحد والديك أو ربما قريب لك مصاب بالإكتئاب أنها ستنتقل إليك بنسبة 100% بشكلٍ تلقائي؛ إذ أن ظروف وطبيعة الحياة والسمات الشخصية أيضًا لها تأثير في انتقال المرض من عدمه.
الشخصية: بعض الأشخاص معرضين للإصابة بالإكتئاب أكثر من غيرهم، وذلك بسبب أشياء تتعلق بشخصياتهم بالتحديد؛ فإذا كانوا من ذاك النوع الذي يقلق كثيرًا، أو ضعاف الثقة بأنفسهم، أو ربما دائمي السعي نحو الكمال، أو حساسين للنقد، أو حتى من ذاك النوع السلبي دائم اللوم لذاته، فكل هؤلاء أكثر عرضة للإصابة بالإكتئاب.
الإصابة بمرض بدني خطير: القلق و الخوف المصاحبين للأمراض الخطيرة من الممكن أن يسبب الإكتئاب، وخاصة إن كان هذا المرض مزمن أو يسبب ألم دائم.
العقاقير المخدرة والخمور: هي سبب ونتيجة للإكتئاب في نفس الوقت، حيث من المتوقع أن يتعرض أكثر من 000 500 شخص استرالي على سبيل المثال للإكتئاب واضطراب تعاطي المخدرات في الوقت نفسه، في مرحلة ما من حياتهم.
اقرأ أيضاً : اضطرابات الأكل والاكتئاب !! ماهي العلاقة بينهما ؟؟
3- تغيرات في المخ:
على الرغم من أن هناك أبحاث كثيرة اهتمت بدراسة ذلك الجزء المعقد من الجسم، فلايزال هناك العديد من الأسرار التي لم نعلمها بعد، فالإكتئاب ليس مجرد “اضطراب في كمياء المخ”، إذ أنه على سبيل المثال ليس نقص أو زيادة في كيمياء المخ، بل هو أكثر تعقيدًا من ذلك، وهناك العديد من العوامل المسببة له، فقد تؤثر عوامل مثل الضعف الجيني، والضغط الشديد في الحياة، والمواد التي قد تتعاطاها (بعض الأدوية والعقاقير المخدرة والكحوليات)، والظروف الطبية التي قد تؤثر على الطريقة التي ينظم بها الدماغ حالتك المزاجية.
تشخيص الإكتئاب
حتى يتمكن الطبيب من تشخيص اضطرابات الإكتئاب، فإنه يقوم بتوجيه بعض الأسئلة للمريض عن عائلته، تاريخه الصحي، حالته المزاجية وسلوكه (كالأكل والنوم)، وعن أفكار الإنتحار التي تراوده، ومن الممكن أيضًا أن يطلب منه كتابة أعراض الإكتئاب في استبيان مطبوع.
علاج الاكتئاب
إن الإمتناع عن علاج الإكتئاب ليس بالفعل الصائب؛ حيث يتسبب في العديد من النتائج الإجتماعية، والعاطفية، والصحية التي ستزيد الأمر سوءً؛ فقد ذكرت Mayo Clinic”” أن عدم الخضوع لعلاج من الممكن أن يؤدي إلى العديد من المشاكل منها: القلق، والعزلة الاجتماعية، واضطراب العلاقات الإجتماعية، وصعوبات العمل أوالدراسة، أو حتى الإنتحار.
إن معظم مضادات الإكتئاب تؤثر على حركة كيمياء المخ (السيروتونين والنورأدرينالين) التي تقوم بنقل الرسائل عبر خلايا المخ، فتلك هي الطريقة التي تعمل بها الأدوية للقضاء على الإكتئاب، وكذلك العلاج النفسي يساعد كثيرًا في تعديل الحالة المزاجية. لذا، يشتمل علاج الإكتئاب على علاج بالأدوية، وآخر نفسي، ليصبح مزيجًا من كليهما.
الأدوية: هناك مضادات الإكتئاب التي تساعد في تحسين المزاج بالتأثير المباشر على كيمياء المخ، حيث يوجد فئات ومراحل كثيرة لمضادات الإكتئاب، ولكن عادة ما يبدأ الطبيب بعقار يُدعى مثبطات امتصاص السيروتونين الإنتقائية أو (SSRIs)، ومن الممكن أن يقوم الطبيب باستخدام عقار آخر إذا وجد أن العقار الأول لم يجدي نفعًا، فعلى عكس العقار السابق هناك عقاقير أخرى تستهدف (السيروتونين والنورأدرينالين) معًا.
الأدوية عادة ما تأخذ وقتًا يتراوح من أسبوعين إلى أربع أسابيع حتى تبدأ في العمل، وغالبًا ترافقها بعض الأعراض مثل: تغيرات الشهية، ومشاكل التركيز والنوم، والتي تتحسن حتى قبل أن يلاحظ المريض تغير ملحوظ في الحالة المزاجية.
العلاج النفسي: المعروف أيضًا بالعلاج بالحديث أو الإستشارة، وقد رجحت بعض الأبحاث أنه من الأفضل استخدام العلاج النفسي والعلاج بالأدوية معًا للحصول على أفضل النتائج.
هناك العديد من الأنواع للعلاج النفسي؛ فمنها العلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد الشخص في تغيير الطريقة السلبية التي يفكر بها، ويستبدلها بأخرى إيجابية وصحية، وهناك أيضًا العلاج التفاعلي الذي صُمم ليساعد الشخص على الفهم والعمل من خلال الآخرين، أيضًا هناك العلاج عن طريق إيجاد حلول للمشكلات، والذي يهدف إلى أن يجد المريض طريقة ليتخلص بها من الضغوط والتوتر.
العلاج بنبضات التحفيز المغناطيسي: هذا العلاج هو الملاذ إن لم يعمل العلاج بالأدوية، أو العلاج النفسي، ويتضمن العلاج بنبضات التحفيز المغناطيسي أو (TMS)، حيث تُلقى نبضات مغناطيسية موجزة على فروة الرأس لتحفيز الخلايا العصبية في الدماغ التي يُعتقد أنها تشارك في تنظيم المزاج والإكتئاب.
و في النهاية تذكر:
أننا مختلفين، وأن بداخل كل منا مزيج من تلك العوامل التي تساهم في تعميق حالة الإكتئاب، وأنه لن تستطيع دائمًا أن تحدد أسباب الإكتئاب، أو أن تغير تلك الظروف الصعبة، والأهم من ذلك أن تدرك العلامات والأعراض، وأن تسعى نحو الدعم.
وبهذا نكون قد عرضنا بالتفصيل أسباب الإكتئاب، وطرق التخلص منها أيضًا.
اقرأ أيضاً :