هل لديك سر ما في حياتك؟
وفقًا لدراسة تمت في مايو 2017؛ من المحتمل أن يكون هناك حوالي 13 سرًا يسكنون في رأسك. يقول الباحثون أنه ليس عدد الأسرار التي تخفيها هو المشكلة؛ لكن عبء تلك الأسرار هو المشكلة، فتلك الأسرار تزن عقلك حرفيًا.
الأسرار تؤلم أيضًا
سأل أستاذ محاضر في كلية الأعمال في كولومبيا «مايكل سليبيان» وفريقه ثلاث مجموعات من 200 متطوع سؤلاً لكل متطوع عمّا إذا كانوا يحتفظون بأسرار تتعلق بـ 38 فئة شائعة؛ مثل الكذب، وتعاطي المخدرات، والسرقة، والخيانة الجنسية. وجد الباحثون أنه في المتوسط؛ كل شخص يحتفظ بـ 13 سرًا؛ خمسة من تلك الأسرار لم ولن يخبروا بها أحد من قبل.
يعتقد العلم أن تلك الأسرار تزن عقلك، أو تأخذ حيزًا من دماغك. وتشير أحدث الأبحاث لدى «سليبيان» إلى أن عقولنا تحاول باستمرار حل القضايا أو الوصول إلى أهداف لم نحققها بعد. لكن الشيء الملفت للإنتباه هنا؛ وهو أن السر هو الهدف الذي لا يمكن أن يتحقق؛ لأن عقلك يعرف الإمكانيات المطلوبة لتحقيقه ولا يجدها.
جميع الدراسات الجديدة أثبتت أن هناك 13 سرًا يخفيها كل شخص عادي؛ منهم خمسة أسرار لم يسبق أن أخبروا بها أحدًا. وهذا ليس هو الشيء المثير فحسب؛ بل المثير هو الوقت والطاقة العقلية التي ينفقها عقلك في التفكير في ذلك.
اقرأ أيضاً : ستة أسرار تستمدها من أسعد الأشخاص على وجه الأرض
يقول «سليبيان»:
الناس لديهم طريقة غريبة للتحدث عن الأسرار التي تجعلهم يفكرون فيها طوال الليل والنهار أو تثقلهم وتأخذ حيزًا من طاقتهم. لقد وجدنا أنه عندما كان الناس يفكرون في أسرارهم؛ فإنهم ظهروا كما لو أنهم مثقلون بالوزن البدني في رؤوسهم، ويبدو أنّه يكون لهذا تأثير قوي حتى عندما لا يخبئون سرًا في هذه اللحظة.
فحص سليبان وفريقه نحو 13000 من أسرار الحياة الحقيقية المسجلة عبر 10 دراسات سابقة لمعرفة ما يحفظه الناس من أسرار، أو ما يشبته به أن يكون سرًا، ولماذا حفظ الأسرار في الغالب ينظر إليه على أنه أمرٌ أو تجربة سيئة؟
ما كان الباحثون مهتمون بأمره بشكل خاص في الفحص؛ هو الافتراض الذي طال أمده بأن الأسرار يمكن أن تضر بالرفاهية الجسدية والعقلية للشخص. فقد ربطت الأبحاث السابقة كتمان الأسرار بسوء الحالة المزاجية كالاكتئاب والقلق وسوء الصحة البدنية.
ولكن هل محتوى السر نفسه أمر خطير جدًا للحفاظ عليه وكتمانه، أم أنه حقيقة بسيطة تقول أننا البشر نستجيب بشكل رهيب للحفاظ على أي شيء مخفي؟
كثف الباحثون أسرارهم البالغ عددها 13000 سرًا إلى 38 فئة شائعة من الأسرار، وقدموها إلى 2000 مشارك جديد كما ذكرت سابقًا. الشيء المثير أنه عندما سئل المشاركون عما إذا كانوا يحتفظون بأسرار تتعلق بأي من هذه الفئات؛ وجدوا أن الشخص العادي يحتفظ حاليا بـ 13 سرًا من أسرار تلك الفئات الـ 38، من بينهم خمسة أسرار لم يخبر أحد عنها أبدًا.
بعض الدراسات التي نُشرت في مجلة The New Yorker ذكرت أن للشخص العادي هناك 47% من أسراره تنطوي على انتهاك الثقة؛ وأكثر من 60% تنطوي أسراره على الكذب؛ و33% تنطوي أسراره على سرقة، أو علاقة خفية، أو السخط في العمل من المدير.
ثم سأل الفريق المكون من الباحثين المشاركين؛ كيف تجول عقولهم في التفكير في تلك الأسرار في الشهر الماضي؟ وكم مرة وجدوا أنفسهم في حالات أجبرتهم على إخفاء تلك الأسرار بسرعة عن الآخرين؟
أظهرت النتائج شيئًا غير متوقع تمامًا. كانت الأسرار أكثر احتمالًا أن تأتي إلى الذاكرة عندما كان المشاركون وحدهم مع أفكارهم أكثر مما كانوا عليه في الأوقات الإجتماعية. هذا يعني أننا ننفق المزيد من الطاقة العقلية في التفكير في أسرارنا تلك في وقتنا الخاص في محاولة منا لإخفائها.
يقول «سليبيان»:
ليس أساسيًا أن يكون السر الذي يشغل بال الشخص مرتبط بالشخص نفسه؛ بل من الممكن أن يكون السر تابع لشخص آخر أخبره به. وأصبح من الواضح أن هذه الآثار التي تحدث على الشخص من ضغوط واكتئاب نتيجة حمل تلك الأسرار تحدث فقط بسبب الخطأ في كيف يشغل الناس عقولهم بتلك الأسرار؟ وعندما رأينا ذلك؛ فربما كنا نفكر في الأسرار بطريقة خاطئة.
هذا يشير إلى أن سبب أضرار كتمان الأسرار؛ هو أننا نشعر بالذنب لأننا نضطر إلى إخفائهم باستمرار عن أصدقائنا وعائلتنا، وأكثر من ذلك بسبب انشغالنا عنهم بسببها.
ويرتبط البحث بالدراسة السابقة التي أجراها سليبيان؛ والتي بحثت كيف أثرت عمليات حفظ الأسرار على تركيز الناس في مناطق أخرى.، حيث وجد أن عبء الحفاظ على السر هو أكثر في الواقع مما قد يبدو عليه.
البحوث النفسية في حفظ الأسرار نادرة بشكل مدهش إلى حد كبير؛ بسبب طبيعة الشيء الذي تحاول الحفاظ عليه من المعرفة والانتشار، لكن لا يبدو أن هذا سرًا إذا أخبرت مجموعة من علماء النفس؛ وهذا ما فكر فيه سليبيان.
يقول سليبيان أنه من أجل تحسن صحتنا وعقلنا الجماعي ورفاهيتنا، وبُعدنا عن الاكتئاب؛ ربما يكون من الأفضل التفكير في الأسرار كشيء مادي لديك، فبدلًا من الإبقاء عليه؛ تستطيع أن تمنحه لشخص آخر.
في النهاية؛ بالنسبة للكثيرين منا، قد لا نجد أنفسنا في وضع يتم فيه الضغط علينا لنخبر الآخرين بأسرارنا التي تؤلمنا، لكن دائمًا البوح بالأسرار البسيطة لأشخاص هم محل ثقة في حياتنا؛ ربما يصبح ذلك ذو أهمية عظيمة لأنفسنا. فإذا كنا نستطيع معرفة كيفية التعامل مع أسرارنا على شروطنا بدلًا من إخبارها للجميع؛ ربما هذا الوزن الذي يثقل عقولنا سيزاح.
اقرأ أيضاً :