يُعرف النوم بأنه حالة طبيعية من الاسترخاء في الكائنات الحية، تقل خلاله الحركات الإرادية والشعور بما يحدث في المحيط.
لايمكن اعتبار النوم فقدانًا للوعي، بل تغيرًا لحالة الوعي، ولا تزال الأبحاث جارية عن الوظيفة الرئيسية للنوم إلا أن هناك اعتقادًا شائعًا بأن النوم ظاهرة طبيعية لإعادة تنظيم نشاط الدماغ، والفعاليات الحيوية الأخرى في الكائنات الحية.
برغم أن الإنسان يقضي حوالي ثلث حياته نائمًا، إلا أن معظم الناس لا يعرفون الكثير عن النوم. هناك اعتقاد سائد بأن النوم عبارة عن خمول في وظائف الجسم الجسدية والعقلية يحتاجه الإنسان لتجديد نشاطه، إلا أن الواقع المثبت علميًا خلاف ذلك تمامًا، إذ يحدث خلال النوم العديد من الأنشطة المعقدة على مستوى المخ والجسم بصفة عامة وليس كما يعتقد البعض، بل على العكس، فإن بعض الوظائف تكون أنشط خلال النوم، كما أن بعض الوظائف تحدث خلال النوم فقط وتختفي مع الاستيقاظ.
تتفاوت عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان الطبيعي تفاوتًا كبيرًا من شخص إلى آخر، ولكن المؤكد أن عدد الساعات التي يحتاجها نفس الشخص تكون ثابتة دائمًا، فبالرغم من أن الإنسان قد ينام في أحد الليالي أكثر من ليلة أخرى لكن عدد الساعات التي ينامها الشخص خلال أسبوع أو شهر تكون عادة ثابتة.
يعتقد كثير من الناس أن عدد ساعات النوم اللازمة يوميًا هو ثمان ساعات، فهذا الرقم هو متوسط عدد الساعات لدى أغلب الناس، ولكنه لا يعني بالضرورة أن كل إنسان يحتاج ذلك العدد من الساعات. فنوم الإنسان يتراوح بين أقل من ثلاث ساعات لدى البعض إلى أكثر من 10 ساعات لدى البعض الآخر.
وفي دراسة للمركز الوطني للإحصاءات الصحية بالولايات المتحدة الأمريكية وُجد أن اثنين من كل عشرة أشخاص ينامون أقل من 6 ساعات في الليلة، وشخص واحد من كل عشرة أشخاص ينام 9 ساعات أو أكثر في الليلة. ويُدعى الأشخاص الذين ينامون أقل من 6 ساعات بأصحاب النوم القصير، والذين ينامون أكثر من 9 ساعات بأصحاب النوم الطويل، ولكنهم طبيعيون. فنابليون وأديسون كانا من أصحاب النوم القصير في حين أن العالم أينشتاين كان من أصحاب النوم الطويل، بمعنى أن عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان إذا كان طبيعيًا ولا يعاني من أحد أمراض النوم لا تؤثر على إنتاجيته وإبداعه.
وخلاصة القول إن عدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان تختلف من شخص إلى آخر، فالكثير يعتقدون بأنهم يحتاجون إلى ثمان ساعات نوم يومياً. وأنه كلما زادوا من ساعات النوم كلما كان ذلك صحياً أكثر، وهذا اعتقاد خاطئ. فعلى سبيل المثال إذا كنت تنام لمدة خمس ساعات فقط بالليل وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فإنك لا تعاني من مشاكل ونقص النوم.
النوم عملية طبيعية نقوم بها كل ليلة. وحيث أن البشر ليسوا سواءً؛ فإن بعض الناس يخلدون للنوم وقتما وأينما يشاءون، بينما البعض الآخر يجد صعوبة في النوم، وعندما ينام فهو لا ينعم بالراحة ولا يستعيد نشاطه.
إذًا، هذا يجعلنا نتساءل: ما الذي يسبب صعوبة في النوم لدى البعض؟ ربما أسلوب حياة معين وعادات غذائية معينة، إضافة إلى أن السلوك الفردي، حيث إن هذه العوامل بإمكانها التأثير إيجابًا على النوم كمًا ونوعًا. إن تلك العوامل ليست مجرد روتين قبل النوم، بل تشمل كل شيء نقوم به من لحظة استيقاظنا في الصباح إلى الذهاب للفراش ليلًا.
- استيقظ في نفس الوقت كل يوم لتنظيم الساعة البيولوجية الخاصة بك
وهذا يعني حتى عطلة نهاية الأسبوع وأيام الخروج. لماذا؟ لأن أجسادنا تعمل بذكاء وتبقى حيوية عند تنظيمها، ومن خلال الاستيقاظ في نفس الوقت نقوم بتنظيم إيقاع الساعة البيولوجية التي تنسق الهرمونات والتمثيل الغذائي المتصلين بالنوم واليقظة. وتأكد من أن تستيقظ في نفس الوقت كل يوم فهذا سوف يساعدك على الحصول على نوم أفضل في وقت لاحق، كما يمكنك تنظيم ساعتك البيولوجية، إذًا قاوم رغبتك للنوم خلال ساعات الاستيقاظ الخاصة بك، وحاول باستمرار لمدة 1-2 أسابيع للسماح لجسمك بخلق إيقاع ثابت لساعتك البيولوجية.
- كل وجبة الإفطار أولًا مع التمتع بهدوء الأعصاب
تأجيج نفسك لبدء يومك يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على دورة النوم الخاصة بك، فكل شيء يؤدي إلى تطورك. تناول فطورك أولًا في الصباح يهدئ أجزاء من الدماغ ويحفزها للحفاظ على الطاقة، وبعبارة أخرى من خلال تناول الطعام أولًا في الصباح، يدخل للدماغ إمدادات جيدة من الطعام مما يتسبب في البقاء في حالة استرخاء ذهني وهذا يجعلك قادرًا على إنجاز مهام يومك لتكون جاهزًا للنوم بعمق في نهاية اليوم.
- ابق بعيدًا عن زر الغفوة، إنه يربك عقلك
أنماط النوم لدينا تحتاج إلى أن تكون منتظمة، لكن استخدام زر الغفوة قد يكون أكثر ضررًا من نفعه، وذلك لأن أجسادنا تبدأ في إعادة تمهيد بحوالي ساعة قبل أن نحتاج إلى الاستيقاظ. في هذه المرحلة يتم إفراز الأدرينالين والكورتيزون للسماح لنا بالوصول الى النوم الأخف تدريجيًا والاستعداد للاستيقاظ. زر الغفوة هو وهم في حين أننا نعتقد أننا حصلنا على بضع دقائق إضافية من النوم التي تشتد الحاجة إليها، إلا أنها حقًا نوعية سيئة للغاية للنوم، إذا كنت بحاجة إلى استخدام التنبيه، عليك تعيينه لمرة واحدة حتى تحتاج إلى تنبيه جسمك للوصول إلى المراحل الأخيرة في النوم دون خلق أي مجال للتأجيل.
- تجنب القيلولة لأكثر من 20 دقيقة وإلا سوف تدخل في مرحلة النوم العميق
يمكن أن تكون القيلولة وسيلة جيدة لإعادة شحن بطارية عقلك طالما أنها لمدة 20 دقيقة لا أكثر، ذلك لأن القيلولة الأطول تتسبب في بدء دخول النوم العميق، ويكون من الصعب أن تستيقظ منه. لذا إن أردت الحصول على قيلولة قم بتعيين جهاز ضبط الوقت لمدة 20 دقيقة حتى لا تذهب أكثر. بهذه الطريقة سوف تكون أكثر انتعاشًا عندما تستيقظ.
اقرأ أيضاً : برمجة العقل الباطن قبل النوم بخطوات عملية
- الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والبروتينات تجعل عقلك أكثر نشاطًا
نظامنا الغذائي له تأثير كبير على جودة نومنا ولكننا غالبًا لا نكترث لذلك عند الحصول على الغداء أو الوجبات الخفيفة طوال اليوم، احرص على أن تكون غنية بالكربوهيدرات والبروتين لأنها تستغرق وقتًا أطول ليتم هضمها، وتسبب زيادة مستوى السكر في الدم تدريجيًا مقارنةً بالأطعمة غير الغنية بالكربوهيدرات والبروتين. لذلك تجعلنا تلك الأطعمة أقل عرضة للنوم بعد الغداء، أو أخذ قيلولة قد تؤثر بسهولة على دورة النوم لدينا، مما يجعل من الصعب على النوم في الليل.
- لا تأكل قليلًا جدًا أو أكثر من اللازم هذا يجعلك مضطربًا أثناء الليل
كمية الطعام الذي نأكله أثناء الوجبات أيضًا يساعد على كيفية النوم بشكل جيد في الليل، تنظيم تناول الطعام أمر بالغ الأهمية إذا كنا نريد ليلة نوم جيدة. فإن تناول القليل جدًا خلال النهار سوف يسبب الإفراط في تناول الطعام في المساء بالقرب من وقت النوم، ولن يكون هناك الوقت الكافي لهضم الطعام. ومن الجهة الأخرى، إذا كنا نأكل كثيرًا عند تناول طعام الغداء، فإنه سيكون من الصعب مقاومة أخذ قيلولة، والتي يمكن أن تؤثر على رغبتنا في النوم ليلًا.
- مارس التمارين الرياضية إن كنت تريد فهى لا تؤثر على نومك
في حين أن ممارسة التمارين الرياضية خلال النهار يمكن أن تساعد على الشعور بالحيوية، فإننا غالبًا ما نفكر في الذهاب إلى المبنى الرياضي في المساء. هذا جيد لجسمك فعند ممارسة الرياضة ترتفع درجات حرارة الجسم ومعدل ضربات القلب ناهيك عن الأدرينالين. ومع ذلك، فلن يكون لهذا أي تأثير على قدرتنا على النوم، إذ إن ممارسة الرياضة في أي وقت من اليوم سوف تساعد في الواقع على النوم بشكل طبيعي حتى لا تخافوا الذهاب في المساء.
- الذهاب إلى السرير في نفس الوقت كل ليلة يجعلك أكثر نجاحًا
مثل الاستيقاظ في نفس الوقت، كذلك الذهاب إلى النوم في نفس الوقت يجعل دورة النوم أكثر كفاءة، قد وجد العلماء أن الطلاب الذين يذهبون إلى الفراش في ساعة ثابتة كل ليلة كانوا أكثر نجاحًا وبصحة جيدة، في حين أن أولئك الذين يعانون الاضطراب في النوم كانوا أقل منهم نجاحًا.
- تغذية عقلك وتهدئته قبل الوصول إلى الوسادة
خلق طقوس النوم تساعد عقلك على الاسترخاء وإعداد نفسه للنوم، فالقراءة والتأمل طريقتان رائعتان لتهدئة العقل قبل أن تصل إلى الوسادة، وبالتالي يخلق مدخل فعال على نوعية النوم، لذا عليك محاولة التمسك بهذه الطقوس بقدر ما تستطيع لأن عقلك يحب الاتساق.
- توقف عن استخدام هاتفك قبل النوم
الضوء الأزرق من الهواتف الذكية تخلق جو من الفوضى بداخل أدمغتنا، كما أنه يشتت كل محاولات الغفوة، لأن هذا الضوء يقمع الميلاتونين، ويوقظ العقل ويجعله مشغولًا بامتصاص المعلومات. عندما نتحقق من رسائل البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي، من المهم أن تتوقف عن فحص هواتفنا قبل حوالي 30 دقيقة قبل أن نذهب إلى الفراش، وتبقيه بعيدًا عن متناول اليد. الرسائل في وقت متأخر من الليل، ورسائل البريد الإلكتروني يمكن أن توقظنا وتزيد رغبتنا المستمرة للتحقق من فيسبوك أو تويتر في منتصف الليل وتبقي أدمغتنا نشطة وبالتالي تؤثر على عملية النوم الخاصة بنا.
عليك تبني أسلوب حياة بسيط أثناء النهار حتى تنعم بليلة نوم هادئة وعميقة، تصبح على خير.
اقرأ أيضاً :