قانون الجذب فكر فيما تريد واترك مالا يعنيك
لقد اكتشف بعض المفكرين الغربيين أن علم طبيعة الكم (وهو العلم الذي يبحث في طاقة الأجسام المتناهية في الصغر) يستطيع أن يفسر لنا أموراً كثيرة في حياة الإنسان، فالشائع عند الناس مثلاً أن معظم ما يحدث لهم في حياتهم هو شيء خارج عن إرادتهم وأن ما يقابلهم من مشكلات أو إحباطات هو من باب “القضاء والقدر” فيرددون عبارات مثل “ما كتب على الجبين لا بد وأن تراه العين” وأن “الإنسان لا يستطيع الهروب من المكتوب” وما إلى ذلك … والحقيقة هي أن نسبة الأمور الخارجة عن إرادة الإنسان ونسبة أحداث القضاء والقدر لا تتجاوز الـ 20 % من الأحداث، أما المسؤول الأول عما يحدث للإنسان في حياته من أحداث ومن مشكلات فهو الإنسان نفسه. يقول د. روبرت أنثوني موضحاً: لو أنك كنت تعاني من بعض الضيق في الرزق فجعلت هذه النقطة محوراً يدور حوله معظم تفكيرك وتركيزك (سواء كان ذلك بإرادتك أو دون قصد منك) فإن النتيجة ستكون المزيد من “ضيق الرزق” في حياتك كما سيظل ضيق الرزق معك ولن يتركك طالما أن معظم تفكيرك وتركيزك منصب عليه؛ إن ما يحدث في هذه الحالة هو أن قانون الجاذبية يعمل على أن يأتيك بما تفكر فيه وتركز عليه، فقانون الجاذبية ينص على أن أي شيء تعطيه تركيزك وانتباهك معظم وقتك ستحصل عليه وذلك لأنك بتركيزك عليه تجذبه إليك، فمثلاً من يركز على المشاكل يجذب إلى نفسه المشاكل فيحصل عليها ومن يركز على الحوادث يجذب إلى نفسه الحوادث فيحصل عليها. ونحن جميعاً نعرف ونردد المثل الشعبي القائل “اللي يخاف من العفريت يطلع له”، فالخوف يجعلك تفكر وتركِّز على الشيء الذي لا تريده فإذا ركزت عليه حصلت عليه؛ ولكن دعني أبشرك بأن قانون الجاذبية الذي يُحضر إليك ما تخافه عند تركيزك عليه هو نفسه الذي سيحضر إليك كل ما تحبه وترغب فيه إذا ركزت أيضاً عليه، فأنت إن ركزت على النجاح وأخذت بالأسباب حصلت على النجاح، وإن ركزت على سعة الرزق وأخذت بالأسباب حصلت على سعة الرزق، وإن ركزت على السعادة الأُسريّة وأخذت بالأسباب حصلت على السعادة الأُسريّة … وهكذا.
إن سعة العيش هي الأصل وهي سنة الحياة كما خلقها الله، فإن كنت تعاني من ضيق الرزق أو الفقر فأنت تسير بعكس سنن الكون وليس معها: أنت إذن قد تركت الفرصة لقوانين الطبيعة من خارجك ولغريزة حب البقاء من داخلك لكي يعملوا ضد مصلحتك، والصواب هو أن تتعلم كيف تستفيد من قوانين الطبيعة وكيف تسيطر على غريزة حب البقاء بداخلك حتى يعمل الجميع لصالحك وتحقق أنت أحلامك. إن قوانين الطبيعة والكون لا تتبدل ولا تتوقف عن العمل كما أنها لا تُفَّرق بين إنسانٍ وإنسانٍ فهي لا تفرق إن كنت رجلاً أم امرأة، إن كنت شاباً أم شيخاً، إن كنت طويلاً أم قصيراً، إن كنت غنياً أم فقيراً، أو ما هو دينك أو لونك أو جنسيتك فهي تعمل للجميع دون محاباة أو تدخُّل: فقانون الجاذبية مثلاً سيعمل لك مثلما يعمل لغيرك كما أنه لن ينظر إن كان ما سيأتيك به يضرك أم ينفعك، فأنت من يقوم بعملية التركيز والجذب وأنت المسؤول عن اختيار ما تجذبه إلى نفسك. فإن كان الإنسان مسؤولاً عما يجذبه، فلم لا يبتعد عما يضره؟
هذا ما كان عن قانون الجذب
قانون الجذب فكر فيما تريد واترك مالا يعنيك
ابتعد تماماً عن التفكير في “ما لا تريد”
يقع كثير من الناس في خطأ شائع وهو أن الشيء الذي لا يريدونه يشغل بالهم وفكرهم ويستهلك طاقتهم وقوتهم دون أن يتنبهوا إلى أن ما يفعلوه لا يفيدهم بل يضرهم!! هم بالطبع لا يريدون “المشاكل” ولكنهم لا يتوقفون عن التركيز على مشاكلهم. وهم لا يريدون المرض ولكنهم دائماً ما يتحدثون عن الأمراض المعتادة وغير المعتادة. هم لا يريدون “الديون” ولكنهم يداومون على التفكير في ديونهم وفي “الأقساط” المطلوب سدادها (أقساط الشقة، الأثاث، مدارس الأبناء، الجمعية، فواتير التليفون والكهرباء، … إلخ). هم لا يريدون ضيق العيش ولكنهم يركزون على موضوعات مثل الغلاء المستمر في المعيشة وثبات الدخول وقلة فرص العمل وانتشار البطالة. وهم لا يريدون الفشل ولكنهم لا يطردون من داخلهم الأفكار والمشاعر المغذية للفشل.
إن أول خطوة على طريق الوصول إلى الثراء – وإلى النجاح بصفة عامة – هي
أن ترى بوضوح الشيء الذي لا تريده (وهو كل ما يتعارض مع النجاح والثراء والصحة والسعادة) ثم تبتعد عنه بعد المشرق عن المغرب، ولا أعني بذلك أن تتوقف عن سداد أقساطك أو التزاماتك المالية ولكن أن تتوقف عن التركيز وعن بذل أي طاقة (من وقت أو تفكير أو مشاعر أو كلام) على ما لا تريد. اعرف ما هو الشيء الذي لا تريده وتذكر دائماً أن تجعله بعيداً عن فكرك وعن كلامك وعن مشاعرك وعن كل كيانك. حاول أيضاً أن تعرف لماذا لا تريد ذلك الشيء لأنك بهذا تزداد قوةً في محاصرته وطرده؛ فأنت عندما تعرف أنك لا تريد الفقر وتعرف أنك لا تريده لأنه يَحْرِم صاحبه من الحياة الكريمة التي هي حق له فأنت إذن ستعمل بقوة على طرد التفكير في الفقر أو الحديث عن الفقر أو الشعور بالخوف من الفقر … إلخ من حياتك. عليك أيضاً أن تحوِّل تركيزك من الشيء الذي ‘لا تريده’ إلى الشيء الذي ‘تريده’ وأن تحول كل شكوى إلى رغبة قوية في الشيء المضاد فبدلاً من التركيز على الفقر ركز على الثراء، وبدلاً من أن تركز على المرض ركز على الصحة، وبدلاً من الشكوى من المشاكل اجعل رغبتك في إيجاد ‘الحلول’ أشد، وبدلاً من الشكوى من ضيق العيش ارغب بقوة في الحياة الموسرة، وبدلاً من أن تشتكي من التعاسة اجعل رغبتك في السعادة شديدة قوية … وهكذا.
ولكن لماذا يجب علينا الإبتعاد عن ما لا نريد؟
قانون الجذب فكر فيما تريد واترك مالا يعنيك
لماذا يركز الناس تفكيرهم على ما لا يريدون؟
يركز كثير من الناس تفكيرهم على ما لا يريدون بسبب مخاوفهم من ناحية وبسبب عدم إدراكهم لخطورة ما يقومون به وعدم معرفتهم بطريقة التفكير الصحيحة من ناحية أخرى، ومن الناس أيضاً من يترك لغرائزه – وبخاصة غريزة حب البقاء – السيطرة على أفكاره ومشاعره دون أن ينتبه لخطورة ذلك: لقد أودع الله غريزة حب البقاء بداخل الإنسان لكي تقوم بوظيفة واحدة فقط وهي حماية الإنسان والمحفاظة على حياته وقت الخطر؛ ففي وقت الخطر تظهر غريزة حب البقاء فتتولى القيادة وتأخذ الإنسان بعيداً عن مصدر الخوف، فإذا زال الخطر تراجعت إلى الخلف واسترد العقل الواعي سيطرته الكاملة. ولكن إذا تكاسل العقل الواعي عن القيادة فستتقدم غريزة حب البقاء – باعتبارها أقوى الغرائز – وستقود الإنسان وتتحكم في حياته.
إن غريزة حب البقاء إذا سيطرت على الإنسان جنَّدت العقل الباطن – وهو المارد الجبار – فأصبح عبداً طائعاً لها فيعملا معاً من أجل هدف واحد وهو إبقاؤك على قيد الحياة فقط لا غير، وهما لن يهتما إن كنت ناجحاً أم فاشلاً، سعيداً أم تعيساً، غنياً أم فقيراً، طالما أنك “حي” وأنك في أمان، كما أنهما لن يتركاك تطرق أبواباً جديدة أو تقوم بشيء غير معتاد لأن ذلك قد يعرضك للخطر من وجهة نظرهما، لذلك فهما سيخوفانك وسيعرقلان طريقك إن فكرت في الإقدام على شيء جديد أو مختلف يكون فيه تقدمك وثراؤك. فما الحل إذن؟عليك أن تبدأ على الفور في تصحيح الأوضاع الخاطئة: لابد أن تكون السيطرة الكاملة لعقلك الواعي ولابد لعقلك الواعي أن يلقن عقلك الباطن البرنامج الصحيح الذي يجب أن يسير عليه (انظر فصل “الإيمان”)، فإن فعلت ذلك فلن تعد هناك فرصة لغريزة حب البقاء في السيطرة وبذلك فهي لن تظهر إلا في وقت الضرورة فقط. واعلم أنك قادر على تغيير كل ما لا يعجبك في ظروفك وفي نفسك وفي مسار حياتك وأنك قادر على تحقيق كل ما تطمح إليه، كل ما عليك هو أن تدرك أنك مسؤول عن حياتك وأن تبدأ في تطبيق مباديء طريقة الجذب بدقة.
أنت المسؤول الأول عن كل ما يحدث لك (قانون الفعل ورد الفعل)
أنت تحصد ما تزرعه بيدك وأنت المسؤول الأول عما يأتيك في الحياة فانظر إلى أين تتجه أفكارك، فما تفكر فيه الآن ستحصل عليه غداً: فمثلاً لو أنك اخترت أن تبذر في حديقتك الصغيرة بذور الطماطم فقط فهل يمكنك إذن أن تحصد شيئاً آخر غير الطماطم؟ لن يحدث ذلك أبداً، ستظل تحصد الطماطم طالما أنك تبذر الطماطم ولن تحصد الخيار أبداً إلا عندما تبذر بذور الخيار أيضاً، وهنا يعمل قانون نعرفه جميعا وهو قانون السبب والنتيجة أو قانون الفعل ورد الفعل ونعبر عنه قائلين “من جد وجد” و “من زرع حصد “: فمن بذر الطماطم حصد الطماطم ومن وضع تركيزه على “الديون” ثم تحرك في الأرض حصل على الديون ومن وضع تركيزه على النجاح ثم تحرك في الأرض حصل على النجاح ومن ركز تفكيره على الثراء ثم تحرك في الأرض حصل على الثراء … وهكذا. ويشبه د. روبرت أنثوني الحياة بأنها نهر لا ينقطع عن الجريان ويفيض بالخير العميم: هو لا يحابي أحد ولا يفضل أحد على أحد في العطاء، كما أنه لا يهتم بما يحدث للبشر بل يظل يجري ويجري ويفيض بالخير الدائم، فمن الناس من يذهب إليه حزيناً مهموماً وقد يلقي بنفسه في أحضانه ويغرق، ومن الناس من يذهب إليه مستبشراً فرحاً، ولكن النهر في جريانه لا يلتفت إلى هذا ولا إلى ذاك؛ يذهب إليه الناس كي يغترفوا من خيره فمنهم من يذهب ومعه برميلاً، ومنهم من يذهب ومعه “جردل”، ومنهم من يذهب وفي يده فنجاناً أو حتى ملعقة؛ ومن الناس من يذهب مرات ومرات كي يأخذ من خير النهر ومنهم من لا يذهب إلا قليلاً: لن يمنع النهر الإنسان الذي يأخذ كثيراً عن الأخذ مهما أخذ، كما أنه لن يجبر الذي يأخذ القليل على أخذ المزيد ففي النهاية يكون كل إنسان هو المسؤول الأول عن قدر الرزق الذي يغترفه من نهر الحياة.
أنت مسؤول عن اختياراتك في الحياة، فلم لا تختار الأشياء التي تحبها وتتمناها؟ كل ما عليك هو أن تنفذ مباديء وإرشادات طريقة الجذب فتحصل على ما تتمنى. اجعل تفكيرك بالصيغة المثبتة كما أنك مطالب بعدم التركيز على ما “لا تريد” فأنت مطالب أيضاً بالتفكير بصيغة الإثبات؛ استبدل صيغة النفي بصيغة الإثبات، استبدل “ما لا تريد” بـ “ما تريد”:
فبدلاً من أن تقول لنفسك “أنا لا أريد الاستمرار في وظيفتي لأن دخلها لا يكفيني” قل “أنا أريد وظيفة جديدة يفيض دخلها عن احتياجاتي ”
” أنا لا أريد أن تتراكم عليّ الأقساط والديون” قل أنا أريد مبلغ كذا ___ كي أسدد جميع الأقساط والديون ثم يتبقى بعد ذلك المزيد من المال”
المحظورات
لأن الأشياء لا تتحقق بالتفكير في ضدها عليك أن تتوقف تماماً عن التفكير في كل ما يضاد الثراء والصحة والحياة السعيدة:
– محظور عليك التفكير في أو الحديث عن المرض وأحوال المرضى أو القراءة عنهم أو مشاهدة البرامج التي تصورهم.
– محظور عليك التفكير في أو الحديث عن الفقر وحياة الفقراء أو القراءة عنهم أو مشاهدة البرامج التي تتحدث عنهم.
– محظور عليك التفكير في أو الحديث عن فقر أسرتك لو أنك كنت من أسرة فقيرة أو عن صعوبة حياتك الماضية وعن مشاكلك المالية أو غير المالية.
– محظور عليك أن تجاري الناس إذا تحدثوا أمامك عن الأشياء المحظورة وعليك أن تغير موضوع الحديث أو أن تنهي جلوسك معهم.
ومن المحظور أيضاً مخالطة الأشخاص كثيرى الشكوى وكل من اعتاد أن يندب ويبكي حظه في الحياة وكذلك المتشائمين الذين ينظرون إلى كل شيء بمنظار شديد السواد، فلا أخفي عليك، إن مجالسة تلك النماذج من البشر فيها خطورة عليك وخصوصاً وأنت لا تزال مبتدئاً في اتِّباع طريقة الجذب، فهم سيقذفون إلى قلبك الكثير من شكوكهم وضعف إيمانهم وقلة ثقتهم وخيبة أملهم في الحياة، هم دائما يحاولون إقناع أنفسهم ومن يجالسهم بأن فشلهم لم يحدث بسببهم هم بل بسبب الظروف أو القضاء والقدر أو ما إلى ذلك، والحقيقة غير كذلك كما علمنا فالإنسان مسؤول عما يحدث له، إن مخالطة تلك النماذج لن تعود عليك بأي خير بل ستصيبك بالوهن وستضعف عزمك وإيمانك: إن هؤلاء القوم وأمثالهم هم العدو فاحذرهم!
إن تجنُّبك لأحاديث الفقر أو المرض أو مشاكل أسرتك المالية لا يعني أبداً أنك ستصبح إنساناً جامداً متحجر القلب لا تحنو على المريض ولا تعطي المحتاج ولا تبَّر أهلك، ولكن هناك دائماً الشيء الهام والشيء الأهم، والأهم الآن هو أن تبدأ وأن تنجح في تنفيذ مباديء طريقة الجذب حتى تستطيع أن تخطو الخطوات الأولى على طريق الإنجازات وتحقيق الأهداف. إن أفضل طريقة تساعد بها من هم حولك هو أن تبدأ طريق الوصول إلى الثراء لأنك عندئذ ستصبح قادراً على نقل تجربتك لهم فأنت ستصبح ملهماً ومعلماً لكل من يريد أن يفعل مثلك: إن اتباعك لطريقة الجذب سيُدخِل إلى طريقة تفكيرك وإلى مشاعرك ونظرتك للأمور تغييراً ملموساً وستتقدم للأمام وستبدأ في تحقيق أهدافك، وعندها سيلاحظ كل من حولك ما أصبحت عليه وسينبهروا به وسيرغبوا في التعلم منك، وأنت لن تبخل عليهم بالإرشاد والتوجيه لأن نجاح من حولك قوة لك أنت أيضاً؛ أنت إن ألهمت الناس أن يتعلموا كيف يصلوا إلى النجاح عامةً (إلى الصحة وإلى الثراء وإلى السعادة …إلخ) ستكون قد ساعدتهم بطريقة أكبر بكثير من أن تجلس لتفكر في مرض كل مريض وفي فقر كل فقير وفي تعاسة كل تعيس. حاول ان تفعل ذلك وابدأ الان وكلما كثر الناس الذين يفكرون ويشعرون بنفس الطريقة كلما كان النجاح والثراء الينا اقرب . وفقكم الله جميعاً الى الخير والحب والعطاء والطيبة والسعادة والهناء واقامة العدل والسلام ورفع الظلم والكره والاحقاد وتحقيق كرامة الانسان للانسان.
قانون الجذب فكر فيما تريد واترك مالا يعنيك
د.أيمن قتلان – أكاديمية نيرونت للتطوير و الإبداع
اقرأ المزيد من المقالات المفيدة والممتعة عن ” قانون الجذب ” :
قانون الجذب – تحقيق النجاح بالتخيل الإبداعي