كثيرًا ما تتساءل “هل كل تلك الأفكار بداخل رأسي وحدي؟”. فنحن ننتقد أنفسنا باستمرار، ونراجع أفعالنا، ونفكر في ردود الأفعال التي قمنا بها يوميًا، خاصةً عندما يقترب اليوم من نهايته غالبًا ما نُصاب بالندم ولا نشعر بالرضا تجاه ما فعلناه، ومن الممكن مثلًا أن ندرك أن الإنترنت والتلفاز استنزفا وقتنا بالفعل دون فعل شيء أي مفيد.
لكنك إذا سألت أحد الناجحين عن سبب نجاحه، فإنه سيجيبك بلا شك أنه الاسترخاء والتأمل؛ فقد اكتشف الباحثون من حول العالم وجود عدة فوائد للتأمل، وتأثيره الإيجابي على الصحة والحياة والنجاح، في حين يشل القلق والتوتر العقل ويعيق التركيز لدى المرء.
لا شك أنك ترى ستيف جوبز، وروبرت مردوخ، ولينا درهام، وجينيفير أنيستون، وأوبرا وينفري، أناسًا ناجحين للغاية، وبالإضافة إلى اشتراكهم في صفة النجاح، فإن جميعهم يحافظون على القيام بالتأمل يوميًا، لإبقاء عقلهم نشطًا دائمًا، وكذلك الكثير من الناجحين الآخرين.
التأمل هو مرجعك
ربما سمعت الكثير عن فوائد ممارسة التأمل على مدار العامين الماضيين، لكنها ليست مجرد عبارات دعائية لأحد الأساليب الجديدة، بل هو شيء جيد بالنسبة لك، عليك أن تحاول الاعتياد عليه، خاصةً مع كل تلك الفوضى التي تحيط بنا يوميًا؛ فأصبح من المهم أن نقتضي بالصمت والاسترخاء، حتى نرتاح من الضجة الموجودة حولنا بشكل مستمر، فهذه الممارسة تعد بمثابة مرجع لديك حتى تفكر وتعالج كل ما يجري في حياتك.
كما أن الجميع أصبح يفكر في المستقبل، دون القدرة على التفكير في الحياة الحالية، ما يزيد من مستويات التوتر والقلق، إلى أن انتشر ذلك في كافة أنحاء البلاد، حتى ننسى التفكير في أنفسنا الداخلية. والتأمل وحده هو ما يشعرنا من نحن، ويساعد في تنظيم مشاعرنا، ويعزز الانضباط الذاتي.
فالتأمل في هذه الحالة يشبه الواعظ الذي يجلس معك ويخبرك بأخطائك، ويراجع معك أفعالك في صمت وخصوصية. كما أنه في نفس الوقت يهدئ من تفكيرك، ويعطيك الفرصة للاسترخاء، كما أن له الكثير من الفوائد التي سنتحدث عنها الآن.
1- يمكنك التأمل من الحصول على تركيز أكثر
في ظل وجود التكنولوجيا وتعدد المهام، أصبحنا نفقد التركيز سريعًا عن أي وقت مضى، ولعلك تعاني من صعوبة التذكر والتركيز، خاصةً مع ازدياد المهام الخاصة بك.
فإن قلة التركيز هو واحد من الشواغل الأساسية لكثير من الناس في جميع أنحاء العالم، وهناك العديد من الأشخاص الذين يعانون منه، لكن أثبتت الدراسات أن التأمل يساعد على إصلاح هذه القضية. ووفقًا لدراسة أجرتها جامعة واشنطن وجد القائمون بها أن التأمل يجعل الناس أكثر تركيزًا على أداء كل مهمة منفردة. وعلاوة على ذلك يساعد في مكافحة التوتر والقلق، وهما من الأسباب الرئيسية للكرب وعدم الراحة بين الناس.
2- تصبح أنت واعظك الخاص
سواء كنت تريد تعلم لغة جديدة، أو تحاول الإقلاع عن التدخين، أو تسعى لتحقيق أي شيء، فإن الأمر يتطلب الكثير من الانضباط الذاتي. وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن التأمل يساعد الناس على تحسين قدرات الانضباط الذاتي لديهم، وذلك نظرًا لتأثيره على مناطق ضبط النفس في الدماغ.
كما أن التأمل المستمر يساعد الناس على تطوير الشعور بالثقة بالنفس، وقبول الذات والوعي الذاتي، أي أنه يساعدك على أن تصبح أكثر وعيًا تجاه ذاتك.
اقرأ أيضاً : حسن صحتك العقلية بخمس دقائق من التأمل
3- يصبح جسدك صحيًا أكثر
وفقًا لدراسات متعددة، أثبت أن التأمل يساعد الناس على التعافي بسرعة من التهابات الجهاز التنفسي الحادة، وخفضت أيضًا من مخاطر الإصابة بأزمة قلبية، كما يساعد الناس على الإقلاع عن التدخين. لذا بإمكانك تقليل فواتير الرعاية الصحية الخاصة بك عن طريق رعاية جسمك من خلال التأمل المنتظم.
فمن خلال جلسة تأمل واحدة يوميًا ستجني بعقلك وصحتك وجسمك الكثير من الفوائد، وستتمكن من مواجهة صعوبات حياتك اليومية، مع كل تلك الفوضى.
4- يجلب الوضوح وراحة البال
وفقًا لأبحاث أجراها علماء نفس، قد تم التوصل إلى أن الوعي الذاتي الذي يحققه التأمل يساعد الناس على تحقيق راحة البال للتفكير في الأمور بشكل أكثر وضوحًا، ما يتيح للعقل التفكير في العديد من الأمور بشكل أكثر كفاءة، من دون أن تتداخل سويًا، فيكون النجاح.
5- يقوي من فعالية العقل ويعزز الوعي
وفقًا لدراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا، فإن التأمل يساعد من يقومون به على الحفاظ على أدمغتهم بشكل أكثر كفاءة، بالمقارنة مع أولئك الذين لا يقومون به، كما أنه يرفع مستويات الفهم، ويزيد مهارات التركيز، ويساعد كذلك في تحسين الذاكرة، وتقوية آلية التذكر.
كما أن التأمل يساعد الناس بشكل عام على إدارة حياتهم بشكل أفضل، وتحسين المهارات المعرفية، وتعزيز القدرة على معالجة المعلومات وصنع القرار.
إذًا؛ كيف تبدأ في ممارسة التأمل؟
تذكر عبارة “أقل وأكثر”، أي أنه من الأفضل أن تقوم بممارسة التأمل يوميًا ولمدة ثلاث إلى خمس دقائق، أفضل من أن تستمر في ممارسته ساعتين متصلتين مرتان فقط في الأسبوع، لأننا بشكل عام نحتاج لتصفية ذهننا يوميًا من الضجيج الموجود به. وعليك أن تكون أكثر صرامة مع نفسك في البدايات حول وضعية الجسد والتنفس، وستبدأ في ملاحظة الفوائد بعد أسبوعين من الممارسة.
اقرأ أيضاً :