من منطلق فكرة سائدة، ألا وهي أننا نولد وننمو ثم نشيخ وتتنتهي حياتنا بالموت، فهذا اعتقاد منتشر بين الجميع، لكن ما أرادنا الكاتب ديباك شوبرا أن نسعى لإدراكه هو أننا نحيا في أرض حيث حيوية الشباب والتجدد والسعادة والرضى والتحرر من الزمن، حيث نعيش الحاضر، وذلك باعتبار هذه الأمور قاعدة الحياة اليومية.
أملى علينا المجتمع منذ ولادتنا فكرة أننا نولد ونشيخ ومن ثم نموت، وقد نزل علينا ذلك رغماً عنّا، لكننا سنطبق مفردات عنوان هذا المقال وذلك بالتعرف على المفهوم الحقيقي لطبيعة العقل والجسد.
هذا المفهوم الحقيقي يعتمد على تأثير العقل على الجسد وذلك من خلال برمجة خلايا الجسد كما يريده العقل، فيمكن من خلال ذلك للكائن الإنساني أن يضع بعض الأفكار والحقائق التي يؤمن بها ويصدقها قبل كل شيء مثل:
- إن العالم المادي بالكامل هو انعكاس لما نعيه في هذا الكون.
- إن العالم يتكون من طاقة ومعلومات.
- لا يمكن الفصل بين العقل والجسد أبداً.
- كل تفاعل كيميائي في الجسد هو نتاج نشاط فكري معين.
- الزمن، ليس مطلقاً، بل الخلود هو المطلق، حيث قسم المجتمع الإنساني الزمن بمفهومه إلى أجزاء تتكون من ثوان ودقائق وساعات وأشهر إلخ، وعندما نستعد لندرك حقيقة ذلك فإننا نكون قادرين على إدراك فيزيولوجية البقاء.
إن هذه الافتراضات أو الحقائق الجديدة تتعلق بشكل مباشر بنظرية الفيزياء الكميّة، التي زرع أولى بذورها آينشتاين وهايزنبيرغ وبور وغيرهم من رواد هذه النظرية، حيث أكدو أن الوجود طاقة لا تقاس كمّاً أو عدداً، إنما هو عبارة عن جزء موجودٍ في الكل، وكلٍّ موجودٍ في الجزء، هذه العبارات والمعتقدات والحقائق تجعل فهمنا للتطور (أو التقدم في السن) مختلقاً تماماً.
نحن نرى الأشياء من حولنا بأبعادها الثلاثة وذلك وفق ما تمليه علينا حواسنا الخمس، حيث قال آينشتاين أن الزمان والمكان من صنع الحواس الخمس، ولكن آينشتاين وزملائه قالوا بأن الزمن ليس له بداية أو نهاية وكذلك المكان ليس له أبعاد مجسمة، أي أن كل جزء مجسم في الكون ما هو إلا حزمة خيالية من الطاقة، تتذبذب في فراغ عظيم، ثم قيل أن المكان والزمان هما متسعٌ دائم التغيير، (يقول العلماء بأننا لو نظرنا بواسطة تلسكوب متطور جداّ إلى الأرض من مجرة المرأة المسلسة أو التي تعرف باسم أندروميدا، والتي تبعد عنا نحو مليونين ونصف المليون سنة ضوئيّة، لرأينا عليها الديناصورات)، وجسم الإنسان كما كل الأشياء في الكون يتجدد كل ثانية، رغم أن حواسنا تعطينا إحساساً بأننا نحتل جسماً في مكان وزمان معينين، لكنه أبعد من ذلك بكثير، إن كل شيء موجود في الكون هو معجزة تمدها بالقوة ملايين السنين من الذكاء، الذي يجعلنا نشعر وكأننا جزء من كل، وهكذا فإن مفهوم الشيخوخة أمر غير صحيح.
يمكن لنا أن نقرأ عن العشرة مبادئ التي وضعها الكاتب كما ذكرها في كتابه:
- 1- لا وجود لعالم مادي مستقل عن الناظر إليه.
- 2- أجسامنا تتألف من طاقة ومعلومات.
- 3- العقل والجسم وحدة لا تنفصم.
- 4- التركيب البيوكيميائي للجسم هو نتيجة للوعي والإدراك.
- 5- الإدراك هو ظواهر نتعلمها.
- 6- شحنات الذكاء تجدد الجسم كل لحظة بصورة دائمة.
- 7- يتصل البشر مع بعضهم البعض وبدورهم يتصلون جميعاً والكون مع الخالق.
- 8- الزمن ليس مطلقاً.
- 9- كل إنسان مسكون بواقع اللاتغيير وراء كل الأشياء المتغيرة لديه وممارسة هذه الحقيقة تجعلنا قادرين على السيطرة على هذا التغيير بحد ذاته.
- 10- الإنسان ليس فريسة للتقدم بالسن والموت، إنما ذلك مظهر من مظاهر المادية فقط.
كل فرد منّا هو عبارة عن طاقة ومعلومات، يمكن أن يبقيا منفصلين، وقد يقوم البعض بإحداث تكثيف عليهما والتركيز أكثر على حقيقة الكيان والخلق، وذلك عن طريق الوعي لكل من الطاقة التي في داخل كل منهم أو المعلومات التي لديهم، وأن الطاقة أو الجوهر الإنساني والذي هو الروح، يمكن له أن يتعافى ويشعر بالسكون والسلام والسعادة والمحبة التي تجمعه مع كل ما في الكون، وذلك عن طريق الوعي للداخل ومعرفه الذات، والوعي للجسد وبكل حركة ونبض ورائحة، والوعي للتنفس الذي هو عبارة عن طاقة تتغذى عليها الروح.
وتبقى المعلومات أو المعتقدات والأفكار التي تتمثل بالعقل في موضع لا يقل شأناً عن الطاقة، حيث من خلال أفكارك وعلمك ترسم طريق الخلود أو تشطبه، يحدث الخلود بعد أن توقن بأنك الروح ولست الجسد وإنما تسكن به ويقوم الجسد بإيوائك حتّى تتم مهمتك وهدفك من هذه الحياة، أن توقن بأنك لا تنتمي إلى مكان واحد وإنما خلقت طليقاً وأنك جزءٌ من هذا الكون الشاسع.