كيف نعزز جهازنا المناعي من خلال تقنيات التنفس العميق؟

هل تعلم أن جهازك المناعي هو ما يبعد عنك نزلات البرد؟ إنه خط الدفاع الأول لجسمك في مواجهة الأمراض!

يعد نظام الحماية هذا – والذي يزودنا بالمناعة اللازمة لمواجهة مختلف أنواع العدوى والطفيليات – من أعقد الأنظمة في الجسد البشري. نظام مكون من البروتينات والمواد الكيماوية ينقذ حياتنا حرفياً من الغزاة الآتين على شكل فيروسات، بكتيريا ضارة، وأجسام غريبة أخرى.

إن كنت حقاً تهتم بصحتك فعليك تعزيز هذا النظام الدفاعي الهام. وإن أهم خطوة نحو الصحة المثالية هي أن تُبقي جهازك المناعي على أهبة الاستعداد. فما هو جهاز المناعة، وكيف يمكننا تحسين عمله؟

معززات جهاز المناعة:

  • الطعام الصحي
  • المواظبة على التمارين
  • النوم لساعاتٍ كافية
التنفس العميق
التنفس العميق

كل ما سبق يعد عاملاً مهماً لتقوية جهاز المناعة، ولكن هل تعلم أن التنفس بشكلٍ صحيح – ذلك الشيء البسيط – قادر على تقوية جهازك المناعي!

نحن هنا بصدد الحديث عن تقنيات التنفس الصحيحة وفوائد التنفس العميق من البطن (الحجاب الحاجز) هنا في تأثير التنفس العميق. سنريكم بشكلٍ علمي كيف يمكن للتحكم بالتنفس أن يحسن صحتكم مجاناً. لديك كل ما تحتاجه هنا في جسدك بلا حبوب، تمارين رياضية يومية، أو أي حميةٍ غذائية. الآن: خذ نفساً عميقاً، وتابع معنا.

ماذا يقول العلم عن علاقة التنفس بوظائف جهاز المناعة؟

التنفس العميق
التنفس العميق

ربما ليس من الممكن الوصول لمستقبل لا نستخدم فيه الأدوية أبداً، ولكن شعبية الطب البديل في تزايد، وبدأ الناس يستوعبون فكرة أن الكثير من الأشياء الموجودة بين يدينا الآن يمكنها وقايتنا من الأمراض وعلاجها دون الحاجة للأدوية الصناعية.

بعض الأمراض لا يمكن علاجها بدون تدخل الطب والدواء طبعاً، ولكن يمكننا اليوم التأثير إيجابياً على جانبٍ مهمٍ من جوانب حياتنا العصرية وهو: انفصال أجسادنا عن البيئة.

صحتنا العقلية تؤثر على صحتنا الجسدية، وهناك أدلة دامغة على أن التفكير الإيجابي يحسن الصحة. حين ندرس عمل الجسم، من السهل أن نرى أن وظائف العقل هي مجموعة من التفاعلات الكيميائية التي تتشابك وتتفاعل حين نفكر!

جهازنا المناعي واللمفاوي أيضاً يعتمد على التفاعلات الكيميائية. نحن نتكون من مجموعةٍ من التفاعلات الكيماوية، من عقولنا وحتى عظامنا!

يتحول الهواء الذي نتنفسه إلى مواد كيماوية نحتاجها لتغذية خلايانا بالطاقة، لذلك فإن الطريقة التي نتنفس بها مهمة، بل وحتى مؤثرة على كيمياء دمنا.

ولكن، كيف يمكن لعاداتنا بالتنفس أن تؤثر إيجابياً على جهازنا المناعي؟

الالتهاب: 

التنفس العميق
التنفس العميق

في عام 2005، ناقشت دراسة احتمال تأثير التنفس الإيقاعي وطرق التنفس المُمارسة من قبل سدرشان كريا وبرانايام في تحسين عمل جهاز المناعة وتخفيف التوتر.

والمثير للاهتمام أن موضوع هذه التجارب كان مرضى سرطان، وقد أظهرت النتائج أن ممارسة تمارين التنفس بانتظام ساهمت في تعزيز الخلايا المناعية التي يمكنها محاربة تقدم السرطان.

وقد تابعت الدراسة الخلايا التي تسمى الخلايا القاتلة الطبيعية (خلايا محددة تابعة لجهاز الجسم المناعي)، وقد وجدت أن التنفس الإيقاعي سبّب زيادةً في عدد هذه الخلايا بغضون 3 –6 أشهر. صحيح أنه ليس تحسناً سريعاً، ولكنه خطوة إيجابية في الطريق الصحيح.

التنفس والاستجابة المناعية اللاإرادية:

التنفس العميق
التنفس العميق
  • يؤثر التنفس المضبوط إيجابياً في الجسد من خلال:
  •  يخفض مستويات الكورتيزول.
  •  يخفض ضغط الدم.
  •  يحسن الاستجابة اللاإرادية (النظام العصبي الذي يعمل بشكلٍ خفي في أجسادنا) للاستجابة للضغوط الجسدية والعقلية.
  •  يحسن تدفق الدم الشرياني.

بجمع هذه التأثيرات سوياً، نجد أنها إضافة رائعة لمعدات الجسم لمكافحة الأمراض. حيث يمكن للتنفس الواعي (الإرادي) أن يساعد في محاربة أمراض المناعة الذاتية من خلال إعادة أجسادنا للجزء الهادئ من الجهاز العصبي، الجهاز العصبي نظير الودي.

يدعى الكورتيزول عادةً هرمون التوتر، وله وظائف كثيرة لا يمكن عدها هنا، ولكن من المعروف أن ارتفاع مستوى الكورتيزول شيء سيء. يرتبط ارتفاع مستوى الكورتيزول مع أمراض المناعة الذاتية، قلة النوم (الأرق)، خلل الهرمونات، وغيرها الكثير. وهذه أسباب كافية لمراقبة هرمون التوتر (الكورتيزول).

من جهةٍ أخرى نرى أن الإجهاد يحفز أمراض المناعة الذاتية، ففي أوقات الإجهاد يطلق جسدنا المزيد من المواد الكيماوية المسببة للالتهاب مثل الهيستامين. وهذا يؤدي لتدفق الالتهاب في جهازنا المناعي، وعندها يعمل الجسم والعقل على إيجاد الحل الدفاعي المناسب لإيقاف الهجوم على الجسد.

إبقاء التوتر تحت السيطرة مهم جداً لصحتنا على المدى الطويل، والطريقة لذلك تكمن في تفعيل استجابة الجهاز العصبي نظير الودي (الاسترخاء) وإبطال استجابة الجهاز العصبي الودي (التوتر –  التفكير في القتال أو الهروب). فالجهاز العصبي نظير الودي يعمل حين نكون غير متوترين، وهو الجهاز الذي يتحكم بعمليات الهضم والاستراحة، ويمكن أن يساعد في إبطاء التنفس وتخفيض معدل ضربات القلب.

تقنية التنفس البطيء والعميق وزيادة نشاط الجهاز العصبي نظير الودي في الجسم:

التنفس العميق
التنفس العميق

يعد استخدام تقنية التنفس البطيء والمريح من البطن (الحجاب الحاجز) من أفضل الطرق لتقليل استجابة الإجهاد (استجابة الجهاز العصبي الودي) وتفعيل الاستجابة نظيرة الودية.

إن الاستجابة النفسية للتنفس المضبوط والعميق فعالة جداً بحيث أنها لو بيعت كدواء فهي تساوي ثروة!

لحسن حظك فإن الموضوع ليس معقداً، بل هو حتى مجاني، تنفس فقط!

وضعية الجسم والصحة المناعية:

انظر حولك إلى زملائك، أفراد أسرتك، أو حتى الناس في الشوارع (يحملون الهواتف عادةً في يدهم).

هل تلاحظ شيئاً غير طبيعي؟ لاحظ انحناء الرأس إلى الأمام والكتفان المنكمشان، المشية السيئة للبشر الذين طوروا أجسامهم للركض، القفز والتسلق، والأهم من ذلك; للوقوف في وضعية جيدة. عاداتنا السيئة غيرتنا مع الوقت.

التكنولوجيا الحديثة، بيئة العمل، والإجهادات – التي لم يحتاج أجدادنا للتعامل معها – دمرت وضعيات جسدنا، هذه الوضعيات تؤثر على قدرة جسدنا على استخدام أهم عضلات التنفس: الحجاب الحاجز. عندما نحني جسدنا، نأخذ الطريقة الأقل مقاومةً ونستخدم عضلات التنفس الثانوية (الاحتياطية)، والتي تنهك كثيراً مع الزمن مسببةً آلاماً عضليةً في جميع عضلات الجسم الحركية.

انظر كيف نؤذي جسدنا كل يوم:

  •  الجلوس في السيارة يقلل عمل عضلة الورك، وهي إحدى العضلات ذات استجابة (القتال أو الهرب).
  •  القيادة إلى العمل مع كتفين متقلصتين.
  •  تمضية اليوم بأكمله بوضعية جلوس غير طبيعية (عوضاً عن الوقوف أو الهرولة).
  •  التعامل مع الضغوط العملية والشخصية يجعلنا نتوتر وننحني، وبالتالي نتنفس بوضعيات خاطئة (مقيدة).
  •  استخدام الهواتف المحمولة التي تتسبب بوضعيات خاطئة للعنق.
  •  الاسترخاء على كرسي ومشاهدة التلفاز.
التنفس العميق
التنفس العميق

والقائمة تطول… هذا الجسد الذي طورناه لملاحقة الحيوانات البرية وتسلق الأشجار قد وقع اليوم في فخ متطلبات الحياة العصرية.

ما علاقة التنفس بهذا؟

تخيل نفسك جالساً في مقعدٍ مقابل التلفاز، لاحظ أن رئتيك تنضغطان بينما تنحني إلى الأمام، وربما عنقك ينحني أيضاً، لا يمكنك التنفس بشكل مثالي وأنت لا تجلس بشكلٍ مناسب.

كيف يؤثر هذا على الإجهاد ونظام المناعة لدينا؟

نجد الإجابة في مسيرة التطور. يعد البشر حيوانات بعقول كبيرة، حيث أن لدينا صفات مشتركة مع الكلاب والقطط والقرود عند الشعور بالخوف أو التهديد. فيصبح تنفسنا أسرع ونستخدم عضلات التنفس الاحتياطية (العضلة شبه المنحرفة العلوية، القصية الترقوية الغشائية، العضلات الصدرية، عضلات سلين).

جسدنا يزيد كمية الهواء التي يتنفسها من خلال زيادة حجمه وزيادة معدل الحصول على الأوكسجين لمساعدة خلايانا على إخراجنا من الخطر. نحن نحمي أكتافنا ونشد عضلاتنا ونتنفس بقوة لملء أجسامنا، وهذا يعطي الجسم إنذاراً بأن الخطر قريب، عندها يستجيب جسدنا ودماغنا بإرسال ما يسمى باستجابة (القتال أو الهروب)، تغمر هرمونات الإجهاد أجسادنا وينشط الجهاز العصبي الودي.

إذا وضعت نفسك في هذه الحالة المتوترة بشكلٍ منتظمٍ فغالباً سينتهي بك الأمر بمرض طويل الأمد. ولكن أليس هذا بالضبط ما نفعله عندما نتبنى وضعياتٍ خاطئة وعادات تنفس سيئة؟ إن انحناء وانضغاط الحجاب الحاجز هو إشارة لجسمنا للحفاظ على تنشيط استجابة التوتر (القتال أو الهرب)، إشارة لا نريد إرسالها إن كنا نهتم بصحتنا على المدى الطويل.

ما هو الحل؟

الحل هو تنشيط حجابنا الحاجز والتنفس. أن نقوي جهازنا المناعي بإصلاح وضعياتنا والتنفس كما أمرتنا الطبيعة.

أشهر خبراء التنفس والمتحكمين بالجهاز المناعي: 

التنفس العميق
التنفس العميق

(ويم هوف)، اسم ارتبط ارتباطاً وثيقاً بكلماتٍ مثل التنفس وجهاز المناعة والتأمل. أصبح (ويم هوف) مشهوراً في السنوات القليلة الماضية بقدرته على تحمل درجات الحرارة دون الصفر بدون أية حماية، تسلق جبل إيفرست مرتدياً الشورت! يدّعي (رجل الجليد) بأن لديه الإجابة لحياة صحية، وقد أثبت أن بإمكانه تحويل جسده بطريقةٍ اعتبرت سابقاً غير ممكنة. كيف فعل ذلك؟ استخدم هوف تقنيةً واحدة: عزز جهازه المناعي إلى مستوى أصبح جسده يتحمل ضغوطاً خارجية وداخلية هائلة، كما أنه استطاع أن يتحكم باستجابات الجهاز العصبي التي لا يسطيع معظم الناس التأثير عليها، ويفعل ذلك من خلال التنفس العميق. يبدو هذا كعرض سحري، ولكن هوف خضع للعديد من الفحوصات من قبل باحثين جامعيين وفرق علماء من منظمات ذات مصداقية وقد أثبت صحة إدعاءاته كما يقولون.

يتحكم هوف بجهازه المناعي وحرارة جسده الداخلية مباشرةً من خلال تقنية التحكم بالتنفس. فكر بذلك، جهازنا المناعي هو خطنا الدفاعي ضد العدوى. إنه خط الجبهة لحماية أجسامنا، إذا أبقينا أجسادنا بحالةٍ متوترةٍ بسبب الإجهاد فنحن نعطل عمل هذا الجهاز. إن القدرة على التحكم بهذا النظام تفتح عالماً من الاحتمالات لصحة الإنسان.

خذ هذا:

أدوات تحسين صحتك اليوم هي حقاً بين يديك!

يعد عمل المناعة وأمراض المناعة الذاتية موضوعاً معقداً، وحال صحتنا ليست شيئاً مبسطاً، ولن تتأثر بحلول بسيطة وشاملة. المنهاج الشامل لتحسين الصحة سيفوز دائماً في مواجهة الحلول السريعة. بمجرد أن نفهم أن تحسنات الأنظمة الرئيسية في الجسم يمكن أن تحدث بفضل العمليات الطبيعية (التطور)، يمكن اتخاذ خطوات نحو بناء أساسٍ متينٍ للصحة، الأمر أبسط مما تعتقد.

تعلم كيف تقوم بالزفير، نشط حجابك الحاجز، تنفس بعمق واعمل على تحسين وضعياتك.

مجرد التفكير بتنفس أفضل سيحرك استجابات مناعية إيجابية، عندما نبطئ تنفسنا ونوقف عادات التنفس السيئة فإننا نرسل إشارات إلى جسدنا أن كل شيء على ما يرام.

التنفس بعمق وتفكير هو أحد أكثر الأشياء فاعليةً لتحسين صحتك.

(إيما فيريس) في مهمة لتعليم العالم كيف يمكن للتنفس تحويل صحتك للأفضل.

تعلم أبسط الطرق للتحكم بالتنفس قد سمح لها -وللعديد من المرضى الآخرين – بالتغلب على القلق، الاكتئاب، الألم، نوبات الهلع، ومكنهم من أن يسيطروا على التوتر ويحسنوا مناعتهم ويوازنوا هرموناتهم وأكثر من ذلك بكثير.

 

ترجمة : ملك خليل