موضوعي اليوم هو كتاب رائع وقع تحت يدي و قررت قرائته في العطلة “غير الافتراضية” التي التزمت بها منذ خمس سنوات، حيث أبتعد عن كل مواقع التواصل الاجتماعي لمدة شهر، الكتاب هو ” خمس أشياء ندم عليها الناس قبل موتهم ”
عملت الممرضة الاسترالية Bronnie ware لمدة ١٢ عاماً في مستشفى، و رعت الكثير من المرضى خلال هذه المدة الذين فارقوا الحياة لاحقاً، لم تكن تكتفي Bronnie برعاية هؤلاء الناس، بل كانت تُدوّن و هم على مقربة من الموت ما يقولون حول الحياة و عن أكثر الأشياء التي ندموا عليها، و قد جمعتْ هذه الممرضة خمسة أمور اتفق جميع من لاقتهم أنها من أكثر الأمور التي تمنوا لو يعود بهم الوقت لكي لا يفعلوها، حيث يكون الانسان في مثل هذه اللحظة في غاية الصدق والصراحة والإدراك، وها هي أمامكم:
١- أتمنى لو كنت أملك الشجاعة لأحيا الحياة التي أريدها و ترضيني لا التي ترضي الآخرين و رأيهم بي:
أن تختار الحياة التي ترغب بها أنت لا التي ترضي المجتمع والمحيط كان أكثر الأمور تكراراً بين من حدثتهم Bronnie، الأحلام و المغامرات التي راودتهم خلال حياتهم ولم يحاولوا أن يقوموا بها، تذكر الكاتبة قولهم سبب عدم تحقيق أحلامنا هو نحن، أشياء فعلناها أو لم نفعلها، كان لدينا الخيار دائماً.
٢- تمنيت لو أنني لم أرهق نفسي بالعمل لهذا الحد:
بالطبع كانت هذه الأمنية من نصيب الرجال أكثر، حيث يدرك غالب الناس بعد انفاق وقتهم وطاقتهم لعمرٍ طويل في العمل أنّ أشياءً كثيرة أكثر أهمية غابت عنهم، مرافقة آبائهم وأمهاتهم، مراقبة أطفالهم يكبرون، تقضية وقت أكبر مع الأصدقاء.
المال مهم، والوظيفة المرموقة إنجازاً كبيراً، لكن السعادة الحقيقية شيءٌ مختلف.
٣- تمنيتُ لو امتلكتُ الشجاعة لأعبر عن مشاعري:
تحدث الناس قبل رحيلهم عن هذه الأمنية بحرقة وألم، حيث ظلت مشاعرهم طي الكتمان ظناً منهم أنه طريق السلامة والنجاة والراحة، فالآخر لن يغضب مني طالما لم أُبح له بشعوري اتجاهه، فعاشوا حياةً سلبية نفسياً، و جسدياً كذلك، حيث كتمان مشاعرهم أرهق أجسادهم.
٤- تمنيتُ لو حافظتُ على علاقتي بالأصدقاء:
حين يضعف الجسد، و تنحسر الصحة، و يمضي العمر تكون المشاعر والعواطف هي الأغلى والأكثر أهمية، لا شيء يعدل الحب و الصديق الحقيقي، هؤلاء الناس الذين حاورتهم الكاتبة ذكروا أنهم لم يدركوا الأهمية الحقيقية للأصدقاء -القدامى خصوصاً- إلا في الأسابيع الأخيرة من حياتهم، حيث انشغلوا بعملهم حتى مرت السنين و انزلقت الصداقات واحدة تلوى الأخرى.
٥- أتمنى لو سمحت لنفسي أن تكون أكثر سعادة:
هذا مالا يدركه غالب الناس إلا حين تقترب النهاية، السعادة اختيارٌ شخصي!
يضيع الناس في متطلبات وضغوط الحياة اليومية حتى يفقدوا تماماً أي شعور و إدراك بأن السعادة هي أمر شخصي لا يرتبط بوظيفة أو سفر أو غنى أو شيء آخر، إنما هي شيء ينبع من داخل الإنسان لا من خارجه، لو عاد بي الزمن لعملت أكثر لأعرف كيف أجعل نفسي أكثر سعادة، بعيداً عن الخوف و الاهتمام برأي الناس و الهوس بالعمل و المال.
من الجميل أن نعرف ما هي الأشياء التي سنندم عليها لاحقاً إذا لم نقم بها، لكن ما فائدة ذلك إذا لم نقرر أن ندركها ونعمل عليها الآن؟
بقلم: أحمد فارس العلي