هل الإبداع جين وراثي، أم مواهب مكتسبة ؟
نادرًا ما يأتي الإبداع بسرعة، لكن من الخطأ أن نصدق الرأي الذي يقول أن بعض الناس مبدعين، والبعض الآخر ليس مبدعًا. لحسن الحظ يُظهر العلم أن هذا ليس صحيحًا؛ حيث أجريت 70 دراسة عام 2004 عن التدريب على الإبداع؛ وتبين أن البرامج المصممة تصميمًا جيدًا للتدريب على الإبداع يمكن أن تساعد الناس على التفكير بشكل أكثر إبداعًا.
ركزت تلك البرامج على التفكير الإبداعي، وطرح أكثر من فكرة لأسئلة وأفكار متعددة لموضوع معين، وحل المشكلات. انتهى الأمر إلى تعزيز الأداء الإبداعي لدى الطلاب بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الأداء الأكاديمي.
بالطبع؛ العمل من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الخامسة مساءً في مكتب خاص في إحدى الشركات، أو القطاعات الحكومية؛ يبدو عملاً آمنًا؛ على الأقل هذا ما قيل لك لكن الأمور ببساطة لا تجري على هذا النحو
الجميع يدرك أهمية الفن والإبداع في الحياة، أو العمل في المجالات المفضلة والأنشطة التي نحبها، ولكننا نسأل أسئلة تعيقنا عن أي تقدم في حياتنا، مثل: ما الذي يوفر لنا وظيفة آمنة من أجل التقاعد؟ هل لديك رؤية قوية تريد إظهارها للعالم؟ إذًا أنت لا تريد أن تعمل من أجل أجندة شخص آخر.
الفنان لا يتبع الاتجاهات المحددة؛ بل يميل إلى الإبداع وخلق فن جديد يليق بحياته. كما تعلم؛ الحياة بدون هواء تجعلنا نموت. مثل الحياة بدون إبداع يمكن أن تجعلنا أموات لكننا نبقى إلى سن السبعين عامًا.
أنت مبدع، الجميع مبدعون. فقط يجب عليك أن تطارد الإلهام دائمًا، ذلك أنه يمكن للجميع أن يتعلموا كيف يكونوا مبدعين.
اقرأ أيضاً: عشر أشياء يفعلها الأذكياء في حياتهم – افعلها لتصبح مثلهم!
هل كونك مشغول دائمًا يمكن أن يقتل الإبداع لديك؟
الأفكار الإبداعية تأتي في لحظات الاسترخاء وأحلام اليقظة، وهذا مدعوم بالأبحاث، فإذا كنت تعمل دون توقف يمكن أن يقتل ذلك إبداعك.
بعض الأبحاث نشرت أن الإبداع يمكن أن يستفيد ويتطور من تنوع الخبرات الخاصة بك، مثل: السفر إلى الخارج، وتعزيز الإيجابية لديك عن طريق السماح لنفسك ببعض الوقت للعب.
هل الإبداع جين وراثي، أم مواهب مكتسبة؟
الإبداع هو سمة تنتقل من جين لآخر. فالإبداع يوجد في مكان محدد من الدماغ؛ مثل صفة تتقاسمها كل الشعوب لا سيما الفنانين والموسيقيين، بل والكتّاب أيضًا. وقد يزيد إبداعهم من خلال تطوير كل جانب من الدماغ؛ سواء جانب الحركة أو الجانب البصري والرسم… إلخ.
يشير الباحث «زابولكس كيري» إلى قدرة أجزاء مختلفة من الدماغ في التواصل مع بعضها البعض، وهذا يلعب دورًا هامًا في الأصالة، والطلاقة والمرونة في معالجة فكر الواحد.
وبهذه الطريقة تقلل تلك الجينات تثبيط المشاعر والذاكرة. بمعنى أن هناك المزيد من المعلومات تصل إلى مستوى الوعي؛ ولهذا يبدو أن بعض الناس قادرين على التعبير عن أنفسهم بشكلٍ أفضل، وبطرق مختلفة بخلاف الوسائل الأقل ميلاً نحو الإبداع.
وقد قُدمت دراسة منفصلة تم نشرها في «بلوس وان» قبل عام؛ تفيد أن هناك سبب للاعتقاد بأن هناك مجموعة محددة واحدة من الجينات المسؤولة عن العديد من الميول الإبداعية.
هذه التجربة التي أجراها باحثون من جامعة هلسنكي؛ أظهرت إمكانية وجود صلة محتملة بين الإبداع الموسيقي والجينوم البشري
ما وجده الباحثون في تلك الدراسة هو وجود مجموعة خاصة من الجينات مرتبطة بقوة بالإبداع الموسيقي؛ وهذه المجموعة من الجينات معروفة بأنها تمثل عاملًا كبيرًا في إنشاء اتصال بين أجزاء الدماغ وبعضها البعض، وهذا ما يتماشى مع نظرية «كوكس» تحت عنوان (الإتصال الدماغي في تنظيم الإبداع)
من المهم أيضًا النظر في حالة الإضطرابات النفسية فيما يتعلق بالإبداع وعلم الوراثة:
وفقا لكوكس وبحث العلماء السويديين في معهد كارولينسكا في ستوكهولم على مدى نصف القرن الماضي؛ فإن بعض أنواع الاضطرابات النفسية الشديدة المعروفة تُنسب لحيلة الإدراك والإبداع؛ مثل الفصام. أيضًا يوجد اضطراب ثنائي القطب في الناس الذين يميلون أكثر نحو المهام الإبداعية.
يقول زابولكس كيري:
إنه يتفق تمامًا مع تاريخ حياة الناس المشهورين؛ مثل «تشرشل، وبيتهوفن، وهيمينغواي» الذين أبدوا أنماطًا شبيهة باضطراب ثنائي القطب.
في اضطراب ثنائي القطب؛ لديك صفات كثيرة تميزك مثل: التفكير المفرط والسريع وزيادة احترام الذات، والطاقة التي لا تنتهي أبدًا والدافع، وفي كثير من الأحيان الإبداع
الملفت هنا هو أن أقارب هؤلاء المرضى باضطراب ثنائي القطب الذين يعانون من الاضطرابات النفسية والعصبية يميلون أيضًا إلى أن يكونوا أكثر إبداعًا.
يوضح كوكس أنه على الرغم من أن هؤلاء الأقارب قد لا يكونوا قد انتقل إليهم المرض؛ لكنه انتقل إليهم وراثيًا، وقد تسلموا آليات الجينات الكاملة المسؤولة عن إبداعهم
في نهاية المطاف؛ الإبداع هو مصطلح صعب المنال، فإذا كان والديك مبدعين وتتساءل لماذا لست مثلهم؛ حاول تغيير نمط حياتك حتى يتناسب مع سمة الإبداع التي لديك.
أعتقد أن الإبداع موجود في الجميع وربما يتم تمريره من قبل والدينا عن طريق الجينات الوراثية، لكن في النهاية الأمر متروك لكل واحد منا -بشكل فردي- لإيجاد طرق ليسمح لإبداعه في الظهور
على سبيل المثال؛ «تيم باكيلي» أحد الموسيقيين المفضليين لدى الكثير من الناس، والذي يعتبره الناس مبدعًا ومفكرًا خارج الصندوق، توفى في عمر الـ 28 وله ولدين؛ أحدهما «جيف باكيلي» الذي أصبح موسيقيًا مثل والده تمامًا حيث كان على نفس المستوى الذي كان يقدمه والده.
ما أجده مثير للإهتمام هو أن جيف كان يبلغ تسع سنوات عندما توفى والده، وأشك أن يكون والده قد علمه كل ذلك في تلك الفترة في هذه السن المبكرة، لكن ما أظنه صحيحًا هو تناقل الجينات الوراثية.
في النهاية ليس هناك أي دليل في العلوم يثبت أن الإبداع عبارة عن جين يتناقل وراثيًا وبعض الأشخاص يولدوا فنانين دون أن يتعلموا شيئًا، لديهم فقط تلك الموهبة أكثر من تيم وجيف باكيلي.
اقرأ أيضاً: كيف تجعل أولادك أكثر ذكاء : 10 خطوات يدعمها العلم