البدانة وزيادة الوزن ومرجعيتها في مستوى العقل الباطن
سلسلة اعشق مرضك مع الدكتور مصطفى دليلة
بداية أحبتي أحب أن أنوه أنني لست طبيباً بشريا ولا أعالج الأمراض…. كل ما أعمله هو البحث عن أسباب الأمراض في مستوى العقل الباطن، ومتى عُرف السبب بطل العجب… مع الشكر الجزيل لمهمة الأطباء والطب الحديث لدورهم العظيم في مساعدة المرضى، إلا أن الإسراع في اللجوء إلى الأدوية والمهدئات يخمد المرض ولا يشفيه. أنا أساعد المريض في عملية البحث عن الأسباب الفكرية والشعوري والسلوكية للمرض للتخلص منها واجتثاثها من الجذور.. أنا لا أعالج ولا أعطي وصفات، بل المريض هو الذي يعالج نفسه انطلاقاً من مبدأ “الجسم ذاتي الشفاء“
يسألني كثيرون عن البدانة وزيادة الوزن ومرجعيتها في العقل الباطن (1)…
أقول لكم أحبتي: جسدنا انعكاس مباشر لمعتقداتنا وأفكارنا وحالتنا الشعورية، ويعبر عنها بطريقته.
باختيارنا لأفكارنا ومنظومة معتقداتنا نحن نختار جسدنا، وبالتالي نحن المسؤولون عنه (شكلاً وصحة)، ومن الخطأ الشديد رفضنا لشكلنا أو لأمراضنا ومحاربتها.
يحاول البدناء تناول الحبوب المنحفة، واتباع حميات قاسية، أو اللجوء لعمليات قص وتصغير المعدة، او للرياضة وأساليب أخرى كثيرة تفيد كلها إلى حين… ومن ثم تراهم يكتنزون في ايام قلائل ما خسروه في أشهر.
أقول لهم محاولاتكم هذه كلها ستبوء بالفشل إن لم تدركوا أن أسباب البدانة موجودة في داخلكم وليس فيما تأكلونه أو تمارسونه، وما لم تغيروا من أنفسكم وعلاقتكم مع أنفسكم فستعود البدانة إليكم مرة أخرى حاملة معها أرطالاً جديدة. عودوا إلى داخلك، إلى أفكاركم ومشاعركم وابحثوا عن السبب واقتلعوه.
أنا شخصياً أستلذ بما طاب من الطعام والشراب ولا أحرم نفسي من شيء أبداً، وأنطلق في حياتي من مبداً: ما زاد عن حدّه صار ضدّه. لم يتغير وزني خلال الخمسة عقود الأخيرة إلا ضمن مجال ضيق جداً (60 ± 3) كغ فقط وأنا سعيد جداً بشكلي ووزني علماً أن كثيرين يعيرونني بالنحافة.
ما هي الأفكار والمشاعر التي تجعلك بديناً؟
1. قلنا في مرة سابقة إن أحد أهم وظائف عقلنا الباطن هي وظيفة الحماية… أي حمايتنا من أنفسنا ومن عالمنا الخارجي. الخوف من فقدان الحماية والبحث الدائم عنها يجعل عقلك الباطن يعطي الأمر يعطي الأمر للجسد بتشكيل طبقة من الشحوم والدهون تلعب دور الحماية للجسد.
2. البدناء بشكل عام شديدوا الحساسية تجاه أنفسهم وتجاه عالمهم الخارجي. ولإضعاف وتخدير تلك المشاعر والأحاسيس المزعجة والمرهقة أحياناً يقوم عقلهم الباطن بإعطاء الأوامر للجسد لتشكيل طبقة الشحوم التي ترمز إلى إضعاف وتخدير وتخميد تلك المشاعر والأحاسيس.
3. تشكل كراهية الذات والقرف عاملاً مشتركاً بين معظم البدناء. عندما تكره نفسك وتنتقدها وتجلدها وتحتقرها لدرجة كبيرة يجد جسمك نفسه مضطرا لخلق طبقة من الشحوم والدهون لحمايته. كثيرا ما أسمع من البدناء عبارات من نوع: “أقرف من هذا“، “شي بيقرف“، “مقرف والله…”
4. قد تصاب بعض النساء بالبدانة بعد الولادة نتيجة لبرنامج عقل باطني مغروس لديهم وهو أن المرأة بعد الولادة تتعرض لتغيرات هرمونية تؤدي للسمنة… بينما السبب الرئيس لذلك هو تغير سلوك المرأة وحبها لنفسها بعد الولادة، وقلة اهتمامها بنفسها بعد الولادة، و تضحيتها بصحتها وجمالها من أجل أولادها.
5. قلق الأم على صحة أطفالها يقودها هي وأولادها إلى البدانة أحيانا… عندما تربط الأم بين الصحة وكثرة الطعام ونوعه. وبرنامج العقل الباطن التي تحمله الأم الحامل من الآخرين “تغذي جيداً إن كنت تريدين لابنك ان يكون بصحة جيدة” سوف ينتقل إليها وإلى ابنها بعد الولادة.
تسألني محدثتي : ما الحل مع ابنتي التي تزن ما يزيد على ثمانين كيلو غراما وهي ما زالت في مدرستها الإعدادية.
كانت قناعة الأم منذ أيام الحمل الأولى أن الصحة مرتبطة بالغذاء وكميته، ولهذا عندما ولدت الطفلة كانت تحشوها بكل أنو الطيبات ومن ثم كانت تمنحها كامل الحرية وتحفزها لشراء الشيبسات والعصائر والمشروبات الغازية الملونة والسندويشات الدسمة (السموم اللذيذة القاتلة)…
حدثتها كثيرا عن مضار طريقتها هذه بلا جدوى إلى أن تفاقم الأمر ووصل حد الخطورة، حينها بدأت التفكير جدياً… علاج مثل هذه الطفلة يحتاج لعلاج والديها والمقربين منها أولا، ويجب أن يتركز العلاج على تغيير برنامج العقل الباطن لدى الأم والطفلة وليس فقط على الحميات الغذائية القاسية.
كم نظلم أطفالنا حينما نربيهم وفق مبدأ: يجب أن أعوض ابني مما حُرمت منه في طفولتي.
6. تناول الطعام بنهم وعدم مضغه جيداً يؤدي إلى السمنة.
7. التعرض لهزة عاطفية قوية يؤدي إلى السمنة. يحاول كثيرون بعد تعرضهم لهزة عاطفية ملء هذا الفراغ العاطفي بالتهام أكبر كمية من الطعام. يؤدي غياب الحب وغياب رغبة الاستمتاع بالحياة وحب الحياة إلى التهام أكبر كمية من الطعام لتعويض هذا الفقد.
تشكو محدثتي، وهي ممارسة جيدة للرياضة والجمباز، زيادة وزنها بشكل ملحوظ بعد أن كانت مثالا للقد الممشوق والحسْنِ… بعد البحث تبين أنها توقفت عن ممارسة الرياضة، وتعرضت لأكثر من هزة عاطفية خلال فترة زمنية قصيرة سببت لها فراغاً كبيراً ولم تجد من وسيلة لتعبئته إلا عبر إشغال نفسها بالتهام أكبر كمية من الطعام، وببث طاقة كراهية وحقد لكل من كان سبباً في إيذائها. لقد باتت تجد في التهام الطعام رغبة في تحقيق متعة آنية لكنها سريعة الزوال… وبما أنها متعة سريعة الزوال لذا ترى مثل هذا الشخص يطلب مزيداُ من الطعام كالمدخن مثلا أو المتعاطي أو شارب النرجيلة.
نصحتها بالعودة للرياضة، وأن تبدأ بحب الحياة وكل شيء في هذا الكون بدءاً من محبتها لنفسها التي تفقدها كثيراً إن كانت تريد أن تعود إلى حيويتها وشكلها السابق. وفعلاً بدأ العد العكسي وحدثت تغيرات ولو أنها طفيفة خلال فترة زمنية قصيرة… المهم الآن الحفاظ على هذه الإنجازات ومتابعتها.
عندما تشعر بطاقة الحب اللامشروط تسري في شرايينك سوف تحرق الدهون بشكل كامل ولن تجد السمنة إليك سبيلاً.
8.قد يكون الغيظ المكبوت وعدم الرضا بالمسامحة والغفران سبباً للبدانة. يتميز البدناء بشكل عام أنهم شديدوا الغيظ.
عندما تكبت غيظاً وتستاء وتمتعض من أمرٍ ما، ولا تريد أو لا تستطيع أن تتخلى عنه، سوف يعمل عقلك الباطن على تشكيل طبقة شحمية دهنية تقيك من انفجار محتمل. وبما أن الدافع الإيجابي للاستياء والامتعاض هو احترام وتقدير ومحبة الذات، لذلك فالحل الوحيد هو إظهار طاقة المحبة للذات.
استطاعت محدثتي – تلك الصبية الجميلة التي كانت تزن ما يزيد عن 100 كغ والتي اتبعت إحدى دوراتي في “أسرار العقل الباطن وفن صناعة الهدف” بعد أن وضعت هدفاً رئيسا لها وهو إنقاص وزنها أن تتخلص من أكثر من 20 كغ خلال فترة نموذجية. لكن عملية الاستمرار في إنقاص وزنها توقفت عند هذا الحد لأنها لم تتمكن من أن تتخلص من أحقاد وعدم رضا واستياء شديدين من جهة ما (انطلاقاً من بيئتها وطبيعة عملها)… نصيحتي لها: تقبلي نفسك كما أنت، وتخلصي من الغيظ والاستياء وعدم التقبل… تقبلي حتى عدوك كما هو ولا تعملي على تغييره، لأن الكون أرسله لنا بهذا الشكل لهدف إيجابي معين هو تصحيح مسارنا.
9- الاعتماد على المركبات الكيميائية والحميات القاسية يمكن أن يؤدي أحياناً للسمنة. حينما تمارس حمية معينة أو رياضات معينة وأنت تركز كل تفكيرك على تخفيف وزنك وخوفا من السمنة فإنك سوف تجذب لحياتك ما تخاف منه لا محالة.
للتخلص من السمنة اعتمد على مصادرك الداخلية فقط وامنح نفسك طاقة محبة وتقدير وهذّبها داخلياً – عبر تحقيق التناغم بين أفكارك وأهدافك، وخارجياً – عبر تنقية الجسم من السموم والمخلفات الضارة وتحسين عملية التبادل الغذائي والقيام بالتمارين الرياضية والتوقف عن تناول السموم الخارجية اللذيذة والقاتلة.
يحب بعض دكاترة الجامعة وأفراد الطبقة “المثقفة” الذين يمارسون الرياضة بشكل منتظم لتخفيف وزنهم أن يمازحوني كثيراً… يا دكتور عم نعمل رياضة ونمارس كل ما تنصحنا به لكننا نحن نزداد وزناً وأنت تحافظ على رشاقتك فأين السر؟
أقول لهم: أنا لا أمارس الرياضة، ولا السباحة صيفاً شتاءاً، ولا المشي كي أنحف (طبعا وكلها بشكل غير احترافي)، فأنا لا أفكر لا بنحفي ولا ببدانتي، أنا أعشق جسدي رغما عن انتقادات كثيرين لي
وأخيراً… اعشق جسدك ووجه له طاقة محبة وشكر، واطلب منه عبر عقلك الباطن ما تريد وسوف يمنحك ما تريده منه.
يمكنك أيضاً قراءة مقالة >>> ثلاثة نصائح أساسية لتدخل عالم عقلك الباطن