والد إيكاروس هو ديدلوس، وكان معمارياً محترفاً منحدراً من أثينا، كما اعتبر ديدلوس مخترعاً ذكياً ونحاتاً، حيث اخترع مهنة النجارة، وقام ببناء متاهة لمَلك بالقرب من قصرهِ، وصمم أول حمام كان في طابق صالة رقص، وصنع ألعاباً متحركة لأبناء أحد الملوك ربما لتبدو على قيد الحياة، وكما اخترع أشرعة السفينة، ووصل به الأمر عندما كان مسجوناً وابنه في جزيرة كريت، إلى أن صنع أجنحة من الريش له ولابنه، وقام بلصقها معاً باستخدام الشمع، ثم قام بتجربتها، وفي إحدى الأيام كانا يحاولان الهرب، فحذّر ديدلوس ابنه من الطيران منخفضاً فتبلل مياه البحر وزبده الأجنحة فيسقط، أو مرتفعاً صوب الشمس و طلب منه أن يكتفي باتباعه، لكن بسبب نشوة الطيران التي أذهلت إيكاروس، فقد رغب بالتحليق أكثر وأخذ بالطيران نحو السماء بشكل جنوني وأصبح قريباً جداً من الشمس، فأذابت حرارة الشمسِ الشمعَ في الأجنحة، ولكنه استمر بتحريك يديه، وعندما أدرك بأنه بلا أجنحة سقط في البحر ومات غرقاً.
“إلى صديق عمله اقترب من النصر”
قصة إيكاروس والشمس ذات معنى وعبرة للتطلع والطموح البشري حسب الميثولوجيا الإغريقية، حيث له أن يصنع لحظات لا تنسى من الطيران إلى الحرية على الرغم من أن تلك اللحظات كلفته حياته، حيث تذكرنا بحياة الإنسان الذي يجري مندفعاً خلف رغباته في مختلف ألوانها، الشغف للشعور بالحرية مهما كلّف الأمر، الشغف لشخص ما، أو لفكرة ما، أو الشغف للمعرفة، لمهنة ما أو لعملية الاستكشاف، إنه ولع شديد وميول ورغبات ونفور بدرجة معينة، مصحوب بإحساس غير واضح بالمتعة أو الألم، يغلف القلب، تتأثر به الروح بدرجة ما، لكنه يبقى نزعةً في النفس، ويجعلنا نسد آذاننا عن الإنصات إلى العقل.
“ينطلق معجباً بجناحيه، شاعراً بلهيب النار على عنقه”
في حالات الشغف والتي قد تتولد دون وعي، فإن العواطف تصبح هي المؤثر الوحيد في التفكير، وربما يؤدي ذلك إلى تدمير عمليات التفكير كما هو الحال عند بقاء العقلانية هي المؤثر الوحيد دون العواطف، فعندها تنقطع الروابط بين المراكز السفلى من الدماغ العاطفي والقدرات التفكيرية للقشرة الجديدة.
يختفي الوقت في حالات الشغف، وتتحول الساعات إلى دقائق، يمضي بسرعة خلال لعبك لكرة القدم، خلال وجودك مع أحدهم، فإنك لا تعد الدقائق أبداً.
“أرني رجلاً ليس عبداً لعاطفته، وسأتقمصه داخل أعماق قلبي”
يتحول كل ما ترغب به إلى حاجة لا نهاية لها، تبقى محركاً لك حتى تصل إلى الإشباع والإقتناع، فعند أول ما تقوم به بدافع الشغف، فإنك سوف تنهيه بالكامل، قد يتكون الشغف لأمر ما خلال يوم ما فحسب، أو موقف ما، كمشاهدة حلقات مسلسل بالكامل حتى ينتهي، حيث أن ما يعزز ثقتك بنفسك هو إنهاء كامل المسلسل، كذلك حال الحب المشروط الذي يستمد الشخص قيمته منه، فالرغبة بالحبيب ترفع من رضاه وقيمته تجاه نفسه أو لقاءه كل يوم والحديث معه طوال الوقت، فهذا هو الهدف، الطرف الآخر وبقاءه بجانبك، حيث يصبح ذلك هدفاً ومداداً لك، ومكملاً لنفسك، وأسلوب عيش حتى تصل إلى مرحلة تظن بها أن قيمتك أصبحت أعلى من ذي قبل، مما سيجعلك غياب الطرف الآخر تسعى نحو الشغف لأي أمر آخر بدلاً منه، قد ينسيك ما شغفت به من قبل، فاختر عندها ذلك الأمر بعناية وذكاء.
إن هذا الهدف قد يؤدي إلى تعلق الشخص به، والنظر إلى الأمر على أنه سيعطي القيمة المطلوبة لنفسه، وسيرفع من مقامه ويزيد من سعادته، فإن كان الهدف هو المال الكثير أو الكثير من الأصدقاء، أصبح الهدف هنا تعلقاً، فلا تجعل من هدفك مصدراً لطاقتك أو قيمتك، حتى لا تتعلق بالهدف أو النتيجة المرجوة، وتتركها من منتصف طريقك إليها، بل فكر بأنه تحصيل حاصل لك، وقابله بالاستسلام والقبول، بعدم المقاومة، لأنه موجود ويحدث مهما بذلت من فعل ومهما حدث، وبالرغم عنك أو بإرادةٍ منك.
أن يكون لك شغف بأمر ما هو ما يميزك عن غيرك، هو ما يجعلك تبدع بما تصنع، أو تسعد بمن تحب، أو تبني نفسك بنفسك، لما ترغبه، فليكن شغفك هو مصدر سعادتك وتطورك، وليكن مستودع المحبة والعطاء الذي تأخذ منه متى أردت، وتعطه منك متى احتاج لك، وبالشغف والصبر وعلى مهل، يمكنك أن تحصد خيراً هو نتاجٌ من تعاون قلبك وعقلك.
“إذا كنت تحبّ ما تعملُ به، فإنك لن تحتاجَ إلى العمل لما تبقى من حياتك”