لماذا تكتب باليد اليسرى؟

 

لماذا تكتب باليد اليسرى؟

خاص أكاديمية نيرونت لـ التطوير و الإبداع و التنمية البشرية

 

 

صرخة دعم واحترام لكل اليساريين (أو اليسراويين) في العالم.

إن عالمنا هذا مجحفٌ بحق اليساريين (الذين يأكلون ويشربون ويكتبون بيدهم اليسرى). بدءاً من المقصات والماكينات الكهربائية إلى الأدوات الرياضية، ومعظم الأشياء غير مُصممةٍ لهم. وقد اضطر الكثير من هؤلاء اليساريين إلى أن يأكلوا ويكتبوا بيدهم اليمنى.

مازال التقصير في حق اليساريين مستمراً في كثير من دول العالم. حتى أن اللغة قامت بالتفريق بينهم وبين من يستخدمون يدهم اليمنى: الكلمة الإيطالية التي تعني يسار، “sinistra”، مأخوذة من الكلمة اللاتينية “sinister” والتي تعني شرير، بينما في بعض المدن الإسبانية، فكلمة يسار ترادف في معناها القيام بعملٍ مشبوه. وفي اللغة الإنكليزية، “right” أو يمين تعني صحيح.

أقرأ : كيف نبني احتراماً لذواتنا بعد التعرض لـ” تشويه السمعة “ ؟ 

 

لماذا كل شخص من عشرة أشخاصٍ مننا يساري؟

إن أول ما يجب معرفته هو أن هذه النسبة ألا وهي عشرة بالمئة (10%) هي نسبة ثابتة في جميع أنحاء العالم، مما يؤكد ارتباط فكرة الأساس الوراثي باليد التي يستخدمها الإنسان. أكدت العديد من الدراسات التي تضم التوائم أن نسبة (25%) من استخدام اليد عند البشر يمكن شرحها وربطها بالمورثات (الجينات). ولقد قالت عالمة الجينات البشرية (سيلفيا باراتشيني) من جامعة (إس تي آندروز) في اسكتلندا أن هذا الرقم منخفض بشكلٍ مفاجئ، لكن لقد تم إثباته ومتفق عليه من قبل عدة دراسات.

كما قالت باراتشيني أن بعض الدراسات القديمة توقعت إيجاد مورثة تحدد مباشرةً اليد التي يستخدمها الإنسان. ولكن تعاقبت مورثات مئة ألف إنسان في هذا العالم، فلم يتم اكتشاف هذه المورثة بعد. “لقد جذبت هذه المورثة انتباهنا واهتمامنا لأننا لم نفهمها حقاً. لقد جذبتنا وحيرتنا أيضاً،” كما قالت في كلمتها إلى الجمعية الملكية في لندن في شهر شباط.

اقرأ : البرمجة اللغوية العصبية – قوة التفكير 

 

باراتشيني عالمة إيطالية تكتب بيدها اليسرى أيضاً، فمن غير المفاجئ أن تجري أبحاثاً عن اليد التي يستخدمها الإنسان. كانت طالبة دكتوراه، وقد استخدمت في مخبرها مجموعة بيانات خاصة بأبحاثها عن عسر القراءة بهدف تحديد الأساس والقاعدة الوراثية في تحديد اليد التي يستخدمها الإنسان.

 

 

لماذا يعد الناس الذين يستخدمون اليد اليمنى أكثر شيوعاً؟

سألت باراتشيني. “لابُدَّ أن هناك فائدةً تطورية.”

لقد اكتشفوا أن الحمض النووي (DNA) الذي يؤثر على اليد التي يستخدمها الإنسان يحدد أيضاً عدم التناظر في أجسامنا. “نبدو أننا متناظرون، لكن إن نظرنا إلى داخل أعضائنا سنكتشف وجود الكثير من عدم التناظر،” قالت باراتشيني.

قد تحمل حالةٌ نادرةٌ مفتاح السر ألا وهي التوضع المقلوب. تؤثر هذه الحالة على إنسان من بين 20000 إنسان ومنهم المغني الإسباني (إنريكه إغليسياس)، تكون عندهم الأعضاء الأساسية مقلوبةً كالمرآة عن مواضعها الطبيعية. فمثلاً يتوضع القلب على الجانب اليميني من الجسم، أما الكبد والمرارة فيتوضعان على الجانب الأيسر.

وجدت مع فريقها بأن الجزء من الشيفرة الوراثية التي تكون غير طبيعية عند الأشخاص الذين يعانون من التوضع المقلوب هو نفس الجزء الذي يؤثر على اليد المهيمنة عند الإنسان. كما يكون الجسم الثفني عند اليساريين كنتيجةٍ لعدم التناظر هذا أكبر منه عند الأشخاص الطبيعيين، وهو حزمة سميكة من الألياف العصبية في الدماغ التي تقسم نصفي الدماغ اليساري واليميني. إن هذا الجزء أكبر بـ 11 بالمئة أو بـ 25 مليون ليف عصبي عند اليساريين منه عند اليمينيين، وبالتالي سيكون التواصل ونقل المعلومات بين نصفي الدماغ أسرع.

اقرأ: كيف تساعدنا أدمغتنا على التكيف مع العالم 

 

وعلى عكس ما كان معروفاً سابقاً، فإن صفة اليد المهيمنة ليست مقتصرة على البشر فقط. فهناك حيوانات يمينية ويسارية أيضاً. قالت باراتشيني بأن ذلك منطقي: سيكون من الهدر استخدام كلتا اليدين بالتساوي، كما أوضحت. إن هذا التكرار غير ضروريٍ في مفهوم التطور.

و قالت بأن التمييز ضد اليساريين والتقصير بحقهم سيستمر. “يمتلك الأشخاص اليساريون مزايا في بعض الرياضات ويمكن أن يكونوا أكثر مهارةً في مهامٍ محددةٍ لأن أدمغتهم أكثر مرونة،” كما أشارت بأن عليهم أن يعيشوا في عالم مخصصٍ للأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليمنى. “يمكن للعقل أن يتأقلم، يجب أن يتأقلم.”

 

 

ترجمة : إيناس شكو

تدقيق : لارا حداد

تدقيق لغوي : راما الشامي 

تنسيق : محمد الصواف