انتشرت في عصرنا الحالي أمراض عديدة، وكثرت الفيروسات التي تودي بحياة البعض إذا لم تُعالج، وفي حال عدم أخذ الحيطة من خلال اتباع أساليب الوقاية من هذه الأمراض. فالفيروس يعيش فترة الحضانة داخل أجسادنا ويتغلغل ضمن خلاياها دون أن نشعر، وبعدها تبدأ الأعراض بالظهور ويبدأ بتدمير الشخص رويداً رويداً إذا لم نقم باتخاذ الإجراءات اللازمة للتخلص منه. ليس حديثي هنا عن الأمراض المعروفة التي تصيب جسم الإنسان، إنما عن المماطلة والتسويف وخلق الأعذار، والتي لا شك أنها من أخطر الفيروسات التي دخلت كل منزل كونها العدو الأكبر لإدارة الوقت!
وإذا لم نكن واعين لها سيأخذنا الحال إلى طريق مجهول. لا بد من وجود دواء مناسب للقضاء على هذه المرض والحد من انتشاره، لكن قبل البدء بأي علاج يجب أن نتمتع بالإرادة القوية للشفاء، وأن نتخذ الخطوة الأولى للتغيير لأفضل حال، ما عليك سوى أن تبدأ بالخطوات التالية:
1- تحلّى بالشجاعة واخرج من منطقة الراحة: من منا لم يخلق قوقعته الخاصة به؟ جميعنا أحببنا هذه المنطقة التي أحطنا أنفسنا بجدرانها، وأيّ تهديد يجتاحها يصيبنا الذعر والخوف؛ لأننا مبرمجون على ما اعتدنا عليه ولا نقبل أي جديد؛ فأنت عندما تعتاد على أمر ما تشعر بالأمان، وعندما تدخل لحياتك عادة جديدة يبدأ العقل الواعي بمقاومتها من خلال زيادة إفراز “الادرينالين والكورتيزول”، والذي ينتج عنه التوتر والقلق، فتقوم تلقائياً بترك هذا الجديد والتطور لحياتك والرجوع إلى قوقعتك. أعطِ نفسك فرصة المحاولة وكن شجاعاً بما يكفي للتحليق في آفاق جديدة من شأنها أن تضيف لشخصك المزيد.
2- كن مسؤولاً عن حياتك: فعندما تسيطر على حياتك ستشعر بأنك جدير بالحياة وأهل للنجاح، وهذه المشاعر تأتي عندما تكون أفعالنا موجهة برسالة واضحة في الحياة. دعونا نتقبل كل الأحداث ونتحمل مسؤولية أفعالنا ونكف عن لوم الآخرين، وعن عزو سبب فشلنا للظروف والحظ!! كم خدعتنا هذه الكلمة عندما نحمّل المسؤولية للحظ…!! نعم كلنا نملك الحظ، ولكن هناك من ينتظر الفرص وهناك من يخلقها بنفسه، الفرق بسيط ما عليك سوى أن تكون حازماً في اتخاذ قرارك الآن.
3- حدد ما تريد القيام به: فعندما تبدأ يومك بشكل عشوائي وبدون أهداف يومية سيتسلل الاكتئاب إليك، ويبدأ جلد الذات لأنك غير كفء للقيام بأي مهمة؛ لذا ما عليك إلا ترتيب أولوياتك والبدء بالأهم لكي تصل للتوازن والسلام الداخلي وبالتالي سيرتفع استحقاقك لذاتك، وتُعزّز من ثقتك بنفسك.
تقول هيلين كيلر: “أفضل العمى على أن أكون مبصرة بلا رؤية”، لذا عليك أن تكون واعياً لكل ما يحدث في حياتك، وأن تعطي الأولوية لنفسك وقراراتك دائماً، فإن لم يكن لديك هدف ستكون مستهدفاً من قبل الآخرين، وستتفاجأ أنك لم تصل لأي نتيجة؛ ستعرف أن اللامبالاة جرفتك وراء الآخرين لتحقق لهم أهدافهم.
4- كافئ نفسك فأنت تستحق: عند الانتهاء من أي مهمة قم بمكافئة نفسك، فهذه الخطوة تُشعرك باستحقاق عالي وتعزز ثقتك بذاتك لتعطي المزيد.
5- اكتب الأشياء التي تؤجلها وحللها واسأل نفسك ما المشكلات التي سوف تسببها لنفسك حين تؤجل العمل؟. اكتب المشكلات في قائمة، وكن أكثر تنظيماً؛ الآن هل تريد لهذه المشكلات أن تعترض طريقك؟
6- ادعم نفسك وشجعها وعاهدها أنك لن تبرح مكانك إلا عندما تنهي العمل المحدد الذي وضعته لهذا اليوم.
استبدل عبارة “ليس الآن، ربما لاحقاً” بـ “الآن هو الوقت المناسب”
7- إنّ خلق عادات جديدة ليس بالأمر السهل، لكنه ليس بالأمر الصعب والمستحيل أيضاّ؛ كل ما عليك فعله هو أن تجرب الأفكار الجديدة لأسبوع كامل، وعندها تصبح عادة وبعد واحد وعشرين يوم تصبح نمط حياة. إن “وقتك هو حياتك وكلما أصبحت أكثر فعالية في إدارته صنعت حياة أفضل، فأنت صانع مصير نفسك وإن الله في عون من يعينون أنفسهم وهذا ما يؤكد قوله تعالى: (إنَّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
8- مارس التأمل: ليكن التأمل مفتاح يومك؛ لنجعله عادة يومية ولو لدقائق قليلة؛ فهو يخفف من القلق والتوتر والاكتئاب ويحسن المزاج؛ عندها تصبح قادراً على فعل أي مهام تخطط لها، وستتخلص بالتأكيد من تأجيل أعمالك للغد.
أردت بهذه الأسطر تسليط الضوء على عدة نقاط تساعدنا لنتخلص من مرض العصر الذي تناولته من زاوية مختلفة، لنعلم مدى أهمية تنظيف داخلنا من العادات القاتلة للنجاح وننفض الغبار عن أرواحنا، لنحقق إنجازاتنا وكل ما نطمح له.