لماذا تبدوا عملية التغيير التي تكتظ بها كتب التنمية البشرية صعبة المنال في كثير من الأوقات؟ لماذا لا تُترجم هذه الكلمات لأفعال وإنجازات دائمة في حياة قارئها؟ لماذا يبقى حالها حال من يستخدم بعض المسكنات أو المحفزات التي يمتد مفعولها زمن قصير؟ فما إن ينتهي مفعولها حتى يبدأ الإحساس بالفشل وقلة الإنجاز؛ ثم يعاود الكرة مرة أخرى محاولًا أن يجدد الإنجاز، ولكن قد يصاب بخيبة أمل عندما يجد همته تهبط من جديد، ونجد في النهاية أن السقطات أكثر من الإنجازات.
ما السبب يا ترى؟
حسنًا.. هناك حلقة مفقودة لم تلتفت إليها في رحلتك للإنجاز، ألا وهي أنت ومعتقداتك؛ فليست المشكلة الآن في كمية المعلومات المتوفرة لديك، بل في تفاعلك أنت معها وفي معتقداتك التي تؤثر على مسيرتك في الحياة دون أن تعي ذلك، فيبقى التغيير سطحي ووقتي وغير دائم ولا مثمر وذلك لإنك لم تلفت إلى عالم المعتقدات الذي يحركك، ولكي تبدأ عملية التغيير الحقيقي إليك 3 حقائق تحتاج تقبلهم لحياة أكثر إنجازًا.
لكن قبل أن تتعرف عليهم عليك أن تسأل نفسك سؤالًا هامًا، هل ستؤثر هذه المعتقدات الجديدة في حياتك بصورة جذرية؟، هل ستكون حياتك أنت ومن حولك في صورة أفضل؟ بالطبع نعم.
ما هي تلك المعتقدات؟
الاعتقاد الأول
“الطريقة التي يتصرف بها الآخرون حولنا هي انعكاس لأنفسنا، وليس لهم.”
هناك العديد من الأمثلة التي تقرب لك هذا الاعتقاد، مثلًا: إذا كان شريك حياتك سيء المزاج بصورة دائمة، فبدلًا من أن تلقي عليه اللوم دومًا بالتقصير، فقط التفت إلى ما عليك فعله إزاء هذه العلاقة، فلربما تحتاج لتحسين ذاتك وتقديم أفضل ما لديك وأفضل نسخة منك لشريكك، أو قد يحتاج شريكك بعض الدعم والحب والعون على تحقيق أهدافه أو تجاوز بعض التحديات في حياته. لذا، من المؤكد أن نتيجة التفاتك لنفسك وما عليك فعله سيحسن من جودة العلاقة بينكما وبالتالي سيعود سحر البدايات الأولى والشغف بالشريك.
مثال آخر، إذا كان موظفو شركتك غير متعاونين بصورة جيدة معًا، وبيئة العمل مليئة بالمشاحنات، ولا يهتم أيًا منهم بتحقيق الأهداف المشتركة لشركتك، هنا عليك أن تسأل نفسك: هل هذا بسبب سوء قيادتك لهم؟، هل أنت تجلس معهم بصورة كافية؟ هل تستمع لهم وتقترب من آمالهم وطموحاتهم من العمل؟، ما هي المعوقات التي يواجهونها في بيئة العمل؟، هل تقود من أعلى وتعطي فقط القرارات لإنجازات بعيدة عنهم؟ فقط ألقي الأسئلة عليك وابدأ في إجابتها والعمل فورًا بمقتضى نتيجتها، عندها فقط ستتلمس بنفسك التأثير والتغيير الملحوظ في سلوكهم تجاهك كقائد وتجاه الشركة كمؤسسة ينتمون إليها.
لذا، عندما نبدأ بإصلاح ما حولنا بطرح الأسئلة عن الأمور التي يجب علينا فعلها، يساعدنا هذا على التحكم في الأمور، كما أنه يمنحنا حرية في التغيير وفقًا لرغبتنا، ويمدنا بالقدرة على توقع النتائج الإيجابية من التغييرات التي نصنعها نحن بإرادتنا.
اقرأ أيضاً : الطرق الخمس التي تجعلك الأفضل في كل شيء
الاعتقاد الثاني
“الطريقة التي ننظر بها للعالم تقول الكثير عن أنفسنا والقليل جدًا عن العالم.”
هل تعلم أن العالم ما هو إلا انعكاس لنفسك في مرآته؟، فإذا كنا نحن البشر نميل بصورة كبيرة لوصف الناس بصفات تخصهم مثل التكبر أو الغرور فهذه الصفات قد تكون انعكاس لما ينقصنا نحن؛ بمعنى هل فكرت أنّ هذا الشخص المغرور من وجهة نظرك هو شخص واثق في نفسه للدرجة التى تذكرك بتدني ثقتك في ذاتك؟ أو أن هذا المتكبر هو شخص لديه نجاحات تعكس عجزك عن تحقيق مثلها فلذا ألصقت به هذه الصفة؟
عند كل موقف يبدوا مؤلمًا أو غبيًا بالنسبة لك، عليك أن تسأل نفسك لماذا حكمت عليه بذلك؟ هل تخاف من المواجهة؟ أو من الاعتراف بالخطأ؟
وجة كل أصابع الاتهام نحوك وكن مستعدًا دومًا لتغيير الهويات التي ألصقتها بنفسك؛ فربما الجمود وعدم المرونة وتقبل كونك متغير هو ما جعلك تصف المواقف والأشخاص بما ليس فيهم. العالم ما هو إلا انعكاس أفكارك عليه، وكل ما تتوقعه منه سيحدث لك، فتغيير توقعاتك يعني تغيير ردود أفعال كل من حولك معك.
الاعتقاد الثالث
“الأشياء التي تجعلنا نشعر بالإستياء من الآخرين تعكس عادةً أوجه القصور التي نراها في أنفسنا.”
لا يخطئ الآخرين بتحقيقهم إنجاز ما أو عمل ما تعجز أنت عن فعله، لكنك تقع دون وعي في خطأ الاستياء منهم، وكراهية تواجدهم في محيطك؛ فتعاستك ليست بسبب نجاحهم بل بسبب عجزك أنت عن تحقيق ما حققوه لأنفسهم.
لذا، عند كل موقف تستاء من أحدهم اسأل نفسك عن الأسباب الحقيقية للاستياء، وعلى الأرجح ستجد أن ما يسئيك هو عجزك عن تحقيق ذلك، وليس الشخص. فلو لم تكن مشاعر الإستياء تعبر عن نقص ما تراه في نفسك لما أنتابك هذا الشعور من أشخاص محددين. إذن راجع ما تريد إضافته لإنجازاتك من خلال استياءك ممن حولك من أشخاص.
وأخيرًا،
إن هذه المعتقدات الثلاث تمنحك قدرة التركيز على ما يمكنك تغييره في حياتك بدلًا من إنفاق الوقت في انتظار التغيير الخارجي الذي سيصيبك حتمًا بالجنون أو الاكتئاب أو حتى مجرد الشعور بالاستنزاف في الحياة؛ فعندما ننفق جهودنا على أشياء يمكننا تغييرها بدلاً من تلك الأشياء التي لا يمكننا السيطرة عليها، فإننا نخلق حياة أفضل لأنفسنا. “الوعي الذاتي هو الدليل الأقرب والأسرع والأنجح إلى حياة أفضل.”
اقرأ أيضاً :
نصائح لتطوير الذات – اتبعها لتغيّر حياتك!