من منا لم يسمع بالرسام العالمي (فنسنت فان غوخ)، الذي كان خجولاً ومنعزلاً في طفولته، وفي أواخر العشرينات من عمره، عندما اكتشف حبه للرسم، لم يتمكن من نشر موهبته والحصول على فرصته لعرض هذه الموهبة كرسام محترف بسبب خجله، الأمر الذي أدى إلى إصابته بمرض نفسي، وكانت النهاية وفاته!
وبعد وفاته تم اكتشاف حوالي 2000 قطعة فنية من أعماله تقدر قيمتها بالملايين!!!
هل يمكنك تخيل ذلك صديقي؟!.. طفولة فان غوخ الخجولة واستسلامه لهذا الأمر، كان لها أثراً سلبياً كبيراً عليه!
لنتخيل الأمر من منظور آخر: ماذا لو تمكن هذا الرسام العالمي من كسر عقدة الخجل بداخله؟ واكتسب الثقة الكافية بنفسه ليخرج إلى العالم بكل قوة، وينشر فنه ويعرض مواهبه أمام الجميع، بدلاً من وفاته في عمر السابعة والثلاثين، وتركه 2000 قطعة فنية مليئة بالجمال وصدق المشاعر والألوان البارزة، لم يعرضها وهو على قيد الحياة!
تخيل كمّ السعادة التي كان سيشعر بها لو أنه عرض هذه القطع، وزار العالم واشترك في معارض عدة، ليصبح اسمه على لسان كل عشاق الرسم والفنون!
هذه هي ضريبة الخجل!
والآن لابد أنك تسأل نفسك، لماذا كان فان غوخ طفلاً خجولاً؟
إذا بحثت في أسباب خجل هذا الطفل، ربما تأتي التربية الخاطئة في المرتبة الأولى، فالأهل هم الذين يلعبون الدور الأساسي في بناء شخصية الطفل وثقته بنفسه، لذلك عند معاملة الطفل بشكل مهين والتركيز على عيوبه ستكون النتيجة شعوره الدائم بالنقص. ولا ننسى أيضاً كبت الطفل وعدم إفساح المجال له ليعبر عن نفسه، مما ينتج عن ذلك أيضاً قلة ثقته بنفسه وشعوره الدائم بالخجل.
بشكل عام يمكن القول بأن السبب الرئيسي للخجل هو انعدام الثقة بالنفس، والتي يكون مصدرها الأهل والتربية أولاً، ومن ثم المجتمع المحيط، فكلها عوامل تؤثر على حالتك النفسية وتعاملك مع نفسك ومع المحيطين بك!
حسناً وبعد أن عرفت أسباب الخجل، ترى كيف تتخلص من عقدة الخجل وتكتسب الثقة بالنفس؟
من هنا يمكنك أن تبدأ. اسأل نفسك لماذا أخجل من الحديث أمام الجمهور؟ لماذا أخجل من قول ما بداخلي؟
لماذا أخجل عند التعرض لموقف ما؟ ما سبب شعوري بالخجل إذا تعرضت لنقد معين؟
ما الذي يدفعني للخجل؟
تذكر الكثيرين ممن حولك من الذين تعرضوا لمواقف مشابهة، لكن بدلاً من الخجل والهرب واجهوا تلك المواقف بشجاعة وتخطوا مشكلة الخجل بداخلهم. اسأل نفسك بماذا يتميز هؤلاء الأشخاص عنك؟
بماذا يتميز عنك ذلك الشخص المشهور الذي يقف ليلقي محاضرة لساعات أمام حشد من الجمهور، دون أن يتصبب عرقاً من شدة الخجل؟
هل تذكر الممثل البريطاني (توم هولاند) والمعروف بشخصيته الخجولة أيضاً؟
هذا الممثل الشاب يتمكن بكل ذكاء من تحويل خجله إلى ثقة بالنفس، فهو مثلاً في لقاءاته بمجرد أن يشعر بالخجل يبدأ بتطبيق قاعدة ال3 ثواني، بتحويل نظراته بين الأشخاص والنظر في وجه كل شخص يكلمه لمدة 3 ثواني. كما أنه يستخدم قاعدة عدم التردد في أي عمل يحب القيام به، مما ساعده في زيادة الثقة بالنفس. وعندما يلقي أحدهم نكتة تتعلق به، تجده يضحك ويشاركه المزاح!
وأخيراً هناك ملاحظة مهمة جداً!
تخيل أنك تجلس في قاعة محاضرات الجامعة، وتحدث الأستاذ عن فكرة لم تفهمها، غالباً أنك ستخجل من سؤال الأستاذ عن هذه الفكرة ولن تطلب إعادة شرحها، لكنك لن تتردد في الطلب من أصدقائك أن يشرحوا لك الفكرة مرة ثانية! أليس كذلك؟
القصد أنه لا يوجد شخص خجول بشكل دائم وفي كل المواقف، فالخجل أمر نسبي وحالة يمكن تجاوزها بسهولة، لتتحول من شخص انطوائي معزول عن المحيطين، إلى شخص ناجح ومتفوق وواثق من نفسه..
سواء كنت شخصاً خجولاً، أو انطوائياً، أو متسرعاً، مهما كانت الصفات السلبية في شخصيتك والتي تود التخلص منها، لا تنسَ أنه يمكنك أيضاً الاشتراك في كورس الهندسة النفسية لتحليل الشخصية، لتجد معلومات ونصائح رائعة تغير شخصيتك نحو الأفضل.
اقرأ أكثر عن كورس الهندسة النفسية في تحليل الشخصية