كيف توظّف النوم والاسترخاء لتحقيق أهدافك؟
في طريق فؤاد إلى النوم وهو يفكّر فيما دار بين المخيّلة والذاكرة، تساءل عقله الواعي وهو يقوم بتسليم دفّة القيادة الى صنوه دون الواعي:
– أليس من الحماقة أن أُرافق فؤاد في نشاطه وأشرف على أجهزة الحسّ والحركة لديه، ثم يأتي من ينسب إبداعه إليك؟
– لا يوجد من ينكر فضلك أو يبخس قدرك، لكن يتعيّن لفت انتباهه إلى الاستفادة مني. لأنّ فؤاد خان فطرته. فبات سهراناً في وقت السبات، وأضحى نائماً في وقت النشاط، وأمسى مجتهداً في وقت الرقاد.
– العقل الواعي أكثر أهمية وأرفع شأناً وأعلى قدراً إن هو أحسن الافادة مني.
– توسّمت فيك الوعي من قبل رفيقي، ألا تعلم أنّ من أساء لعقله دون الواعي فقد أساء لعقله الواعي قبل كلّ شيء. ومع ذلك فإنك إن أعنتني على تحقيق هدفي خلال نومه، كنت خير معين لك في أوقات صحوه.
– سأكون عند حسن ظنك صديقي، فافصح عمّا تريد.
– تبدأ مهامي حين ينام فؤاد. فأقوم بحفظ سجلات ذاكرته الجديدة وأربطها بالسجلات القديمة، وأُريح أعصابه بإبعاد الذكريات السيئة من مركز الشعور لديه، وأمهّد الطريق لك أيها العقل الواعي بتفريغ وإعادة شحن الموصلات العصبية في الفصّ الجبهي.
– أعلم أنّ هذه هي مهامك الأساسية، فكيف يخون فؤاد فطرته ويسيء إليك؟
– حين لا ينام في الوقت المناسب. وحين لا يتحرّى أنسب الأوقات والظروف لاستقبال المعلومات أو إرسالها، وحين لا يوظّف النوم لخدمة أغراضه؟
– لا خلاف على الحاجة إلى النوم الكافي، فكيف يتحرّى أنسب الأوقات لتبادل المعلومات؟
– أحسن أوقات الدراسة وتلقّي المعلومات المهمّة هي قبل النوم، فإن كان لا بدّ من استقبالها (أو تحليلها) خلال النهار (في العمل أو في المدرسة) فعليه أن يناوب بينها فترات استراحة. وحبّذا لو مارس رياضة التأمل العقلي بعد كلّ حصّة غنية أو عظيمة الأثر. فيستحضرني لعلّي أقوم بحفظ وأرشفة البيانات الجديدة، وأريح أعصابه من البيانات المتعبة نفسياً.
اقرأ أيضاً : ماهي علاقة المخيّلة بالذاكرة؟
– هلا أوضحت كيفيّة التأمل حتى أقود فؤاد إليه؟
– التأمّل نوعان: بدني وروحي. فأما الاسترخاء البدني: فيتمّ عبر التنفس ببطء والتركيز على الشهيق والزفير، ثمّ على أجزاء الجسم جميعها ابتداءً من الرجل اليمنى (من أصابع القدم وصولاً إلى أعلى الفخذ) فالذراعين فالرأس فالجذع، فيرتخي بدنه تدريجياً. كما ويتم الاسترخاء بممارسة اليوغا.
– فكيف يكون الاستغراق الروحي؟
– بذكر الله والعروج بالقلب والروح والفكر في ملكوته وتسبيحه لجلب النفس والعقل إلى مرحلة الصفاء التام. كما ويتم الاستغراق في الصلاة بخشوع.
– وما هي علاقة التأمل البدني والروحي بالعقل أساساً؟
– التأمّل يريح العقل من تزاحم الأفكار ومن ضجيج البيئة، ويريح النفس من أعباء تلوّث العواطف وتأجّجها، وذلك كلّه يُحيّد الوعي ويبعث النشاط في العقل دون الواعي ليقوم ببعض مهامّه ولو كان فؤاد يقظان.
– هذا فيما يتعلق باستحضار العقل غير الواعي، فيكف يوظّف فؤاد النوم لخدمة أغراضه؟
– حين يمهّد لي قبل نومه بخمسة عشر دقيقة، فيفكّر في العقد التي استعصت عليه خلال النهار، أو فيما يودّ تحقيقه في يومه أو مستقبل حياته، لعلّي أستدعي البيانات المناسبة وأثير مخيّلته لتقوم بتحليلها. ولكن عليه أن لا يضيّع الوقت حين يستيقظ في مراسلات الأصدقاء كمعظم الناس أو مشاهدة التلفاز. بل يجلس ويكتب كلّ ما يخطر له في حينها، لأنّ تلك هي ساعة الإبداع القصوى لدى الإنسان.
وحين استيقظ فؤاد، وجد نفسه قد ألمّ بسرٍّ عظيم من أسرار التوفيق، استغلّه عظماء مثل إديسون خير استغلال، فأضاء العالم بفضلهم، فطوبى لمن أحسن استثمار ما أودعه الله فيه.
اقرأ أيضاً :