نبحث جميعنا عن السعادة في كل ما حولنا، لكنه ربما نجهل كيف ننالها، وما السبيل لإرضاء النفس وإشباع العقل ليتحقق ما يُسمى بــ”السعادة”!
عادةً ما يقوم الراهب البوذي “ماثيو ريكارد” والمُلقب بـ” أسعد رجل في العالم”؛ بعقد جلسات وحلقات نقاشية حول العالم لشرح قواعد السعادة؛ حتى أنه قام بإلقاء خطاب في “Ted”، والذي كشف من خلاله أن ثمة أشياء تحدث عن طريق السعادة، وتتسبب في إيجاد حالة قوية من التأمل والاستعداد الذهني. لنرى..
ما هي السعادة الحقيقية؟
يعتقد “ريكارد” أنه يمكن تدريب العقل ليعتاد على الرضا الذي ُيولد إحساس حقيقي بالصفاء والإشباع، الذي يساهم في تحقيق السعادة بدرجة كبيرة؛ كما أن السلام والصفاء النفسي قد ُيصبحا عادة يسيرة مثل أي شئ آخر، شريطة أن يغير الناس ما يعتقدونه في أذهانهم، ويكونوا على استعداد لبرمجة أفكارهم على هذا الاعتقاد.
كما يقول: “إن الرغبة في أن تكون سعيدًا- سواء أدرك الناس ذلك أم لا – هي التي تدفعك وتساعدك على إيجاد طريقًا للآمال والأحلام، لكن الكثيرين لا يعلمون ما هي السعادة الحقيقية، وكيف تكون. لذا، فهم لا يجدونها أبدًا، ولا يشعرون إطلاقًا بالرضا التام، بل ويستبدلون السعادة غالبًا بالمتعة الوقتية! حينئذ تقتصر التجربة لديهم على محاولة البحث عن المزيد”.
اقرأ أيضاً : لتحقق السعادة؛ ركز على إثبات ذاتك باتباعك هذه الخطوات
ما الفرق بين المتعة والسعادة؟
يكشف ريكارد فروقًا كثيرة حول خصائص وماهية كلا من السعادة والمتعة بقوله: إذا نظرنا إلي خصائص المتعة سنجد أنها تتوقف على الوقت والغرض والمكان، ودائمًا ما تتعلق بمتغيرات طبيعية؛ فمثلًا عندما تشعر بالبرد فستذهب مباشرة للمدفئة، ستشعر حينها بالدفء والاستمتاع، لكن إذا طالت فترة التدفئة سيختلف شعورك وربما تصاب بالإنزعاج كونك قد حققت الغرض وهو التدفئة، بعكس السعادة التي تُعد كلمة غامضة يمكن أن نستبدلها بالرضا.
يواصل الراهب حديثة: ” وهذا يقودني لما فسره الفيلسوف الفرنسي، هنري بيرجسون الذي قال: أن أعظم مفكري الإنسانية وصفوا السعادة بالغموض، ليتمكنوا من تعريفها كل حسب وجهة نظره.”
ويدلل ريكارد أن جزءً من الخطأ يتمثل في الغموض الذي يقع فيه الناس حول مفهوم السعادة والخلط بينها وبين الرفاهية، فمن الأفضل والجيد أن نتعرف على معنى السعادة أولًا؛ فهناك تعدد كبير جدًا في تعريف معناها؛ فالبعض يختذلها في تذكر لحظات الماضي الجميل والتأمل في المستقبل دون اعتراف بالحاضر الذي يعيشه، والبعض يرى السعادة في الاستمتاع باللحظات الحالية، ووفقًا للمُعتقد البوذي فُالشعور بالرضا ليس مجرد الإحساس بالمتعه وحسب؛ بل هي شعور عميق بالصفاء والمرونة والتقبل والرضا، وهي الحالة التي ترتكز عليها جميع الحالات العاطفية، وتشمل علامات من الفرح والحزن في آن واحد “.
ولكن؛ هل من الممكن أن نشعر بالفرح والحزن في آن واحد ؟؟ لما لا!! ؛ فيشير “ماثيو”: على الرغم من امتلاك العديد من البشر للكثير من الإمكانيات المادية التي بمقدورها أن تحقق الرفاهية، إلا أنه لو أمعنا النظر بداخلهم سنجدهم غير سعداء، لأن امتلاكهم لكل شئ يولد لديهم شعورُا داخليًا بأن هناك شئٍ ما ينقصهم، وهو ما يقتل بداخلهم الشعور بالسعادة.”
“لابد أن ندرب عقولنا أولًا على فكرة الحصول على شعور حقيقي بالرضا، ويعتمد ذلك –طبقًا لمعتقدات ريكارد – على فكرة القدرة على عدم إحداث أمران عقليان متنافضان بوقت واحد، فلا يمكن أن تحب شخص وتكرهه في نفس اللحظة، ولا يمكن أن تفعل الخير والشر معًا في وقت واحد، ولا يمكنك مصافحة شخص وضربة بوقت واحد، فالتناقضات العاطفية عادةً ما تدمر شعورنا بالراحة داخلنا. ومن هنا فالطريقة الوحيدة لتدريب العقل تكمن في محاربة العواطف السلبية المدمرة بنظيرتها الإيجابية، وهذا يحتاج للإتزان النفسي ويستغرق وقتًا طويلًا، لكنها طريقة جديدة للتفكير والإدراك، تساعد الناس على تحسين قدراتهم الذهنية وتغيير نمط حياتهم.”
وأخيرًا،
يؤكد “ماثيو” أن تدريب العقل على الإيجابية سيحدد جودة كل لحظة في حياتنا، ومن جهته قد يقضي نحو 15 عام في إنجاز هذا التدريب. يمكنك اعتباره كهوايتك المفضلة مثل ممارسة الركض وممارسة تدريبات اللياقة البدنية؛ فنحن نفعل كل شئ لنصبح رائعين ، إلا أننا – مع الأسف – لا نزال نعطي أوقاتًا ضئيلة في أمورًا أكثر أهمية، مثل كيفية تغيير الطريقة التي تعمل بها عقولنا نحو الأفضل؛ والتي تُعد السبيل الوحيد الذي يحدد جودة تجربتنا الحياتية برمتها “ً
اقرأ أيضاً :
25 مهارة شخصية يجب أن تعرفها لتشعر بالسعادة