إلى أولئك الشغوفين بحب التعلم وتطوير الذات، إلى من يسعون إلى اكتساب المزيد والمزيد من الخبرات والمهارات.
إلى من يريدون تقديم أفضل نسخة من أنفسهم ولكن لا يعلمون من أين يبدؤون، وربما قد بدأوا ولكن هناك شيء ما يعيدهم من حيث أتوا. إلى من يواجهون بعض الصعوبات التي تبعدهم عن مبتغاهم.
إليكم هذا المقال…
الكثير من الأشخاص عندما يقررون تعلّم شيء ما ويضعوا خطواتهم الأولى في تحقيق هذا الهدف قد تبدوا لهم الأيام الأولى -وربما الأسابيع الأولى- في غاية السهولة ودون أي عناء.
نعم… هذا صحيح. وخاصة عندما يكون الموضوع المراد تعلّمه في غاية الأهمية بالنسبة لك، ولديك شغف كبير تجاهه، وليس هو مجرد موضوع يجب تعلمه.
دعونا في هذا المقال نستعرض أهم النقاط التي تخلق بداخلك هذا الشعور الجميل بأن التعلم شيء سهل وممتع.
إن الانضباط الذاتي الذي يدفعك لبدء عملية التعلم غير مؤكد لدى الكثير من البشر، لأنه مؤقت، لذلك ليس من المستغرب أن يكافح معظم الأشخاص لمواكبة عملية التعليم الخاصة بهم. حيث أنهم ما أن يبدؤوا بأول خطوة متحمسين، إلا ويأتي التسويف، ومن ثم وبعد فترة وجيزة يبدو الأمر وكأنه عمل روتيني ممل. لذا الحل الأمثل للتخلص من هذا كله أن تحوّل ما تريد تعلّمه إلى عادة يومية تقوم بها.
ربما قد تتساءل كيف هذا؟ أليس كذلك؟
عزيزي القارئ دعني أخبرك بأنه ليس هناك نجاح يأتيك بسهولة، جميع الأهداف تطلب الجهد والمثابرة. أي ما أقصده أن عملية تحويل التعلّم إلى عادة ليست بتلك البساطة. قد يجد البعض صعوبة بالغة، لأنهم يضعون لأنفسهم توقعات كبيرة ثم يلتهمون خيبة أمل كبيرة. فمثلاً الأشخاص الذين يريدون الحصول على اللياقة البدنية ولا يمارسون الرياضة على الإطلاق، فإنهم يضعون أهدافاً مثل الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية 4 أو 5 مرات في الأسبوع. في الحقيقة هذا غير واقعي. بدلاً من ذلك عليك التفكير بشكل آخر ومبسط أكثر. ماذا سيحدث إذا التزمت بتمرين الضغط مرة واحدة كل يوم؟ يبدو ذلك سخيفاً أليس كذلك؟ حسناً هذا ليس كما تعتقد. بل إنها تصنع العجائب. عندما تلتزم بهذا الضغط اليومي هناك فرصة كبيرة أن تقوم بفعل المزيد من التمارين.
ما تحتاجه لتكوين عادات بسهولة هو أن تبدأ (بأقل ما يمكن). من خلال جعل ما ترغب القيام به عادةً صغيرة تقوم بها بشكل يومي، حيث أنها لا تحتاج إلى أي قوة أو إرادة للقيام بها. من هنا تكمن أهمية هذه النقطة:
الالتزام بعمل صغير ولا شيء أكثر من ذلك.
في الواقع لا يمكنني التأكيد بما فيه الكفاية على أنه لا يجب عليك البدء في التخطيط دون وعي للقيام بالمزيد في كل مرة. لكن إذا قمت بذلك، فستجعل البدء أصعب، وستحصل في النهاية على عكس النتائج المرجوة.
الفكرة الكاملة وراء العادات الصغيرة هي مدى سهولة إكمالها. فالبشر عندما يكونون شغوفين حقاً بالانضباط الذاتي فهم يتجاوزون ذلك بالالتزام بشيء صغير حقاً. الشيء المدهش في قوة الارادة هو أنه بمجرد أن تبدأ، فإنك تحتاج إلى القليل منها للاستمرار وهذا مرتبط بالتسويف. وقد تحدثنا سابقاً عن كيفية التغلب عليه، عندما نريد البدء بمهمة نعتبرها في غاية الصعوبة، ويبدو الأمر أشبه إلينا بكتلة من الهموم فوق رؤوسنا. أما من خلال الاضطرار إلى القيام بشيء صغير جداً مثل تمرين ضغط مرة واحدة، نغيّر تماماً تصورنا للمهمة، مما يجعل البدء أسهل بكثير.
إن المواظبة على هذه العادات الصغيرة تحقق لك ما يلي:
الشعور بالإنجاز يومياً وبسهولة أكثر:
من منا لا يحب أن يشعر وكأنه فعل شيئاً ما لتحقيق أهدافه في كل يوم؟ من خلال العادات الصغيرة، ستشعر بسهولة الوصول لهذا الاحساس بالإنجاز، حتى لو كان ذلك مجرد فعل صغير. بالطبع إذا انتهى بك الأمر إلى فعل المزيد، فسيكون الشعور أقوى، لكن تذكر، لا يهم إذا لم تفعل! هذا الشعور بالإنجاز مفيد للغاية وسيساعد بشكل أكبر في التمسك بما تقوم به.
الثبات /المواظبة في العمل:
يعتبر ملك العادات وسبب استخدامك لهذه التقنية هو تكوين عادات. لأن البشر مخلوقات ذات عادات، ومن خلالها يمكننا التغلب على حاجتنا إلى الانضباط الذاتي وتحقيق الأهداف في الواقع. تتيح لك العادات الصغيرة فرصة أن تكون مواظباً على العمل مع أهدافك يومياً، وبالتالي تصبح هذه العملية اليومية الصغيرة عادة. وبعد فترة طويلة من تشكّل العادة يمكنك الاستفادة منها من خلال إضافة المزيد إلى العمل اليومي.
اقرأ أيضاً:
الخرائط الذهنية في التعليم وكيفية اعدادها واستخدامها للطالب والمعلم
كيف تصنع عادات صغيرة؟
هناك خطوات فعالة للقيام بذلك من خلال:
1-اختر عادتك الصغيرة: لقد حان الوقت الآن لتكوين عادتك الصغيرة. ضع في اعتبارك أنه يجب أن تكون بسيطة، لا تقلق بشأن مقدار ما يمكنك تحقيقه بمثل هذا الإجراء البسيط، حيث تميل النتائج إلى الزيادة بسرعة كبيرة. يجب عليك اختيار الأهداف الكمّية (مثل تمرين ضغط واحد).
2-التعلّق بالروتين الحالي الخاص بك: أحد أهم أجزاء العادة هو الاشارة التي تجعلك تقوم بالجزء الفعلي من العادة. هذا أكثر صحة في العادات الصغيرة. حيث يسهل نسيانها في الأيام الأولى. أفضل طريق للتأكد من قيامك بذلك هي إرفاقه بروتينك اليومي الحالي. لتحقيق ذلك، ابحث عن عادة في روتينك اليومي الحالي (مثل تنظيف أسنانك في الصباح) واستخدمها كإشارة لممارسة عادتك الصغيرة، لاحظ أن بعض الأشخاص يفضلون استخدام التذكير الهاتفي بدلاً من ذلك.
يمكنك استخدام التنسيق التالي لتسهيل العملية: “بعد……/قبل أن أفعل …..سأقوم بعادتي الصغيرة” لذلك على سبيل المثال: بعد أن أغسل أسناني سأقوم بتمرين ضغط واحد/ قبل أن أجلس لتناول الغداء، سأقرأ فقرة واحدة من كتابي.
3-راقب عادتك في بناء العادات: المراقبة مهمة للغاية، وهذا ينطبق أيضاً على العادات الصغيرة في أول شهرين على الأقل، راقب ما إذا كنت قد خُدعت بهذه العادة الصغيرة في بداية الأمر، أم إنك مواظب على فعلها بشكل مستمر. الهدف هو أن تقوم بتمرين الضغط وليس معرفة عدد مرات التمرين الذي قمت به. يمكنك تسجيل الملاحظات على الورق، ضع علامة في التقويم على كل يوم تكمل فيه العادة، أو يمكنك استخدام تطبيق لمراقبة عادتك. هناك الكثير منها متاح على من ISO و ANDROID لتختار من بينهما.
دعونا نرى بعض الأمثلة الإضافية للعادات الصغيرة في مواضيع مختلفة. لاحظ أنها مجرد اقتراحات، واذا فكرت في أي شيء آخر يتبع قواعد العادات الصغيرة، فلا تتردد في استخدام ذلك.
*تعلم اللغة: توصيتي الشخصية بإجراء 10 xpعلى Duolingo يومياً لمدة (3-2 دقائق) أو مراجعة واحدة من مجموعة Anki (5-2 دقائق).
*الغيتار: افتح Yousican وشغل أغنية واحدة، لمدة (4 دقائق). بعض الأشخاص يكتفون بإخراج الغيتار من علبته وعزف بعض الألحان.
*القراءة: اقرأ صفحة واحدة أو فقرة واحدة يومياً.
*الكتابة: اكتب50 كلمة في اليوم، أو قم بكتابة يومياتك على الأقل.
*التمرين: قم بتمرين الضغط مرة واحدة.
لا بد من وجود بعض الأخطاء التي يتوجب عليك استكشافها واصلاحها. وهناك أيضاً بعض المشاكل الشائعة التي يواجهها الأشخاص عند المحاولة بالقيام بعادات صغيرة: (أنا مشغول جداً- لا أجد الوقت الكافي) عندما يحدث هذا، فالأمر شبه المؤكد أنك قمت ببناء عادة كبيرة جداً. تذكر، عليك التفكير بشكل صغير. الحل هنا هو تقليل عادتك على الحد الذي يستغرق بضع ثوان لإكمالها. على سبيل المثال، إذا كنت قد قمت بتعيين 10 xp على Duolingo كعادة صغيرة، والتي تستغرق 3-2 دقائق، فقم بتحويلها إلى مجرد فتح التطبيق. يجب أن يستغرق ذلك بضع ثوان فقط، وهو ما لديك بالتأكيد وقت له.
الخلاصة إن خلق عادات صغيرة هو طريقة رائعة لبناء عادة، لأنها تتطلب الحد الأدنى من قوة الإرادة والجهد. من ناحية أخرى، ستجد نفسك غالباً تفعل أكثر مما حددته. في النهاية، ستصل إلى هدفك بشكل أسرع بكثير مما لو كنت قد حددت هدفاً أكبر من البداية. فقط تذكر، يجب ألّا تبدأ في التخطيط لفعل المزيد في كل مرة. إذا قمت بذلك، فستجعل البدء أصعب، وحاول أن تبقى ملتزماً بفعل ذلك العمل الصغير “البسيط”.