غالبًا ما يتطلب تسلق السلم الوظيفي من الموظفين العمل لساعات طويلة، والتعامل مع القضايا الصعبة والمعقدة. وفي بعض الأيام في العمل، نجد الأمر مرحًا وبه الكثير من الطاقة الإيجابية، وفي أيام أخرى يكون العمل مليء بالتوتر والإجهاد. وهناك معضلة مشتركية بين الكثير من الناس وهي كيفية إدارة جميع المطالب المتنافسة في العمل والحياة مع تجنب ترك أي آثار سلبية للعمل تمتد لحياتهم الشخصية.
في الواقع، لقد أظهرت الأبحاث أن الموظفين الذين يعتقدون أنهم ليس لديهم الوقت للحياة الشخصية يشعرون بالاستنفاذ أثناء وجودهم في العمل، وبالإضافة إلى ذلك فإن امتداد الجانب السلبي من العمل في حياة الموظف الشخصية يمكن أن يؤدي إلى ضياع طاقة الموظف، وعدم إنجاز الأعمال المطلوبة، وتعطيل العلاقات مع العائلة والأصدقاء، وفقدان التمتع وزيادة الضغط.
ومع ذلك ينجح بعض الناس في إدارة عملهم، وحياتهم الشخصية بكل سهولة، وذلك من خلال اتباع النقاط التالية:
1- السعي لتحقيق فعالية العمل والحياة، وليس التوازن
مصطلح “التوازن بين العمل والحياة” يعني أن يخصص أحدهم جزء مساو من الوقت للعمل والحياة، في حين أن هناك شركة أبحاث تُدعى “كاتاليست” (هي شركة تركز على النساء في مجال الأعمال التجارية) تستخدم عبارة “فعالية الحياة العملية” وتقترح السعي إلى جعل العمل أكثر ملائمة مع الجوانب الأخرى من الحياة الشخصية.
يوسع الباحثون “جيفري”، و”غرينهاوس”، و”باول”هذا المفهوم ويوصيان بأن يكون العمل والحياة الشخصية حلفاء، وأن المشاركة في أدوار متعددة مثل الوالد والشريك والصديق والموظف، يمكن أن تعزز في الواقع سلامة البدن والنفس، خاصةً عندما يكون الجميع مسؤولين معًا عن أدوار هامة.
وقد عادت “ماريسيا ماير” المديرة التنفيذية لشركة “ياهو” إلى العمل بعد ولادة ابنها مباشرةً؛ فقد تمكنت من أن تكون أمًا ورئيس تنفيذي بشكل كفء استحقت أن تحصل عليه، وعلى غرار “ماير” ينبغي للمرء أن يأخذ منظورًا شموليًا، ليفكر في الحياة الوظيفية للفرد باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية بدلًا من أن يكون نشاطًا منفصلًا وإلزامي للمساعدة في القضاء على التداعيات السلبية من العمل إلى الحياة المنزلية والعكس.
كما يجب علينا وضع كل شيء في نفس الحاوية وخلق سرد متماسك؛ لأن القيام بذلك يمكن أن يقلل من الفصل بين العمل والحياة، وأشار ريتشارد برانسون وهو الرئيس التنفيذي لشركة “فيرجن إيرليس”، إلى أن بعض أفضل أفكاره تأتي من إشراك أطفاله في المحادثات حول العمل حتى في أكثر الأيام ازدحامًا من الجداول، وبالتالي تكون الطريقة الأكثر عملية وفعالية هي أن نولي أولوياتنا إلى العمل والأسرة والصحة والرفاهية، فإن إعادة المواءمة تلك من شأنها أن تحقق مكاسب هائلة في الطاقة العاطفية والجسدية، ناهيك عن مزيد من الوضوح والتركيز في العمل.
اقرأ أيضاً : النجاح في الحياة يبدأ بهذه الخطوات
2- تحديد النجاح في جميع فئات حياتك
يحتاج كل شخص إلى تحديد النجاح على ظروفه الخاصة به، وفي نهاية المطاف فلكل من الرجال والنساء تعريف نجاح خاص بهم، ولكل شخص أيضًا، يتوقف الأمر فقط على أن ينظر كل مرء في نهاية حياته إلى خلفه ويقول “كانت حياتي ناجحة”. ومن المهم أيضًا أن ندرك أن ما يشكل نجاحًا بالنسبة لشخص ما ربما لا يعتبره شخص آخر نجاحًا.
يدير “ريان سميث”، المؤسس المشارك لشركة “كالتريكس”، نجاحه من خلال القيام بما يلي: كل أسبوع يدرس فئات حياته، من أب وزوج ورئيس تنفيذي ونفسه، ثم يحدد الإجراءات التي من شأنها أن تجعله يشعر بالنجاح والوفاء في هذه القدرات. فهو يقول: تلك الطقوس الأسبوعية تساعدني أن أشعر أنني أفعل كل ما في وسعي لتلبية احتياجاتي واحتياجات من حولي، وهذا أمر مهم لأنني لا يمكن أن يغيب عن بالي جدول الأعمال التجارية أو احتياجات عائلتي.
كما يقترح “سميث” النظر في تقاسم أولويات كل فرد، وإنشاء أفكار للنجاح مع أصحاب المصلحة المهمين في حياتك، وبذلك فسوف تجني الكثير من المنافع، في عملك وحياتك الشخصية.
3- السيطرة على النفس
يرى الباحثون أن الأشخاص يتعرضون إلى المزيد من الضغط عندما يفقدون السيطرة على أفعالهم، لذا يجب عليك السيطرة على حياتك المهنية، بما فيها تاريخ عملك، وميولك، ودوافعك، وما تفضله، وما ترفضه. وكمثال على ذلك: يتمتع الكثير من الناس بإنفاق الكثير من الوقت في العمل لأنهم يحبون ما يفعلونه، وبالتالي فإن ساعات العمل الطويلة ليست بالضرورة أن تكون شيئًا مرهقًا بالنسبة لهم، لأن كل واحد منا يجب أن يأخذ من الوقت ما يكفيه ليعثر على الوظيفة المناسبة له.
وينبغي علينا عند الإمكان أن نضع حدودنا الخاصة؛ فالعديد من المديرين التنفيذيين الناجحين الذين يعملون لساعات طويلة يشيرون إلى أنهم وضعوا حدودًا للعمل، كما أشار “فريتس فان باسشن” الرئيس التنفيذي لفنادق “ستار وود” في مقابلة أجرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” مؤخرًا إلى أنه من المهم ألا نكون منغمسين في عملنا كأن ليس هناك شيء غيره، بل يجب علينا رعاية أجسادنا، وعقلنا وقضاء الوقت مع عائلتنا بالإضافة إلى القيام بالأشياء التي تجدد طاقتنا. وكل تلك الأمور تجعلك أكثر إنتاجية في نهاية المطاف.
وختامًا، حسمت “آنا كويندلن” الأمر بقولها إن: إذا كان نجاحك ليس مناسبًا لك، في حين يراه العالم كذلك، بينما لا تشعر أنت به فهو ليس نجاحًا على الإطلاق.
اقرأ أيضاً : خمس نصائح لتوازنٍ أفضل بين العمل و الحياة