تشكل التربية حالة اجتماعية تعليمية، ويشترك فيها الآباء والمعلمين والمدرسين والعديد من المؤسسات الأسرة والمدرسة والمعهد، وإما أن تكون نظامية في المدرس والصفوف أو تكون غير نظامية من خلال النوادي ودور العبادة وجماعات الأقران والجلسات الاجتماعية. وفي هذه المقالة نخصص الحديث عن قواعد إيجابية وسلبية يتبعها الآباء في تربية أبنائهم ولا نخص بالآباء الآباء الذكور فقط وإنما كلاهما الأب والأم على حدٍ سواء.
قواعد مهمة للتربية:
التوجيهات والأوامر العامة:
ابتعد عن الأوامر العامة والغامضة، فالتربية الناجحة تأتي من خلال سياق واضح ويوجد لها ما يماثلها في الواقع على سبيل المثال عندما تريد من طفلك الدراسة لا تقل له قمْ أدرس، فهذه الكلمة قد تنفره من الطلب والأفضل هنا سؤاله من خلال سياق دراسته عن مادة يفضلها أو سؤاله عن درجة حاز عليها في مادة معينة بالامتحان وسؤاله أيضاً عن مشاركته في غرفة الصف مع المعلمين ومن ثم الطلب إليه بفتح كتابه أمامك وهنا تتاح له الفرصة له بالدراسة بشكل ارادي لا قسري وهذا يضمن لك فيما يقوم به هو وما ترغب له أنت.
الاقتداء:
لا تطلب من الطفل تنفيذ أمرٍ ما وأنت تظهر خلاف ذلك، والأمثلة على ذلك كثيرة فقد تعلمه وترشده إلى التحلي بالصدق في القول وعدم الكذب لكن سلوكك يظهر خلاف ذلك عندما يطلبك أحدهم على الهاتف أو على باب المنزل وتقول لطفلك قل له بأنك غير موجود أو نائماً، وهذا الأمر يخلق لديه ازدواجية متناقضة ويبدد قيمة الصدق لديه فيما بعد لذلك كن له القدوة الحسنة قبل أن تأمره بذلك. فالتربية بالاقتداء أفضل أساليب التربية.
التحفيز:
ضع الطفل في جو من التحديات الإيجابية والغنى الثقافي الذي يدفع الطفل إلى حالة من المتابعة والسير في سلوكيات إيجابية. مثلاً اسماعه قصة عالم كبير برع بعلمه وأفاد في عالمنا اليوم. أو ضعه أمام مشاهدة فلماً عن أحد العلماء يشرح تجربته واكتشافاته.
البيئة المرحلية:
اعط لطفلك الفرصة للعب والحركة والنشاط والاكتشاف والتجريب والتخريب في مرحلة الطفولة المبكرة فهي مرحلة مهمة لاكتمال النمو.
وفي مرحلة الطفولة المتوسطة ضعه في جو محاط بالعوامل التي تنمي ثقافته وتلبي حاجاته في التعرف والاكتشاف وترضي ميوله. وفي مرحلة الطفولة المتأخرة نمه اجتماعياً فقد تشركه بالحديث معك وبين زملائك وتدعه يجالس الكبار ليأخذ منهم ويقتدي بهم ويتعلم منهم. وهكذا يكون لكل مرحلة عمرية بيئة مناسبة للتربية.
اقرأ أيضاً : طفلي ضحيتي .. وأنا كنت الضحية
اكتشف ميول طفلك:
لعلك تلاحظ طفلك وهو يلعب أنه يفضل ألعاباً على ألعاب أخرى أو يقرأ مواضيع بعينها أو يتحدث عن حاجات ومشكلات معينة وهي فرصة ثمينة لتدرك ميول طفلك، وعليك أن تنمي هذه الميول والمواهب التي يفضلها ويقدمها على غيرها لأنك تختصر عليه الطريق بتحقيق ما يصبو اليه مستقبلاً.
المقارنة:
لا تقارن طفلك بغيره أبداً، لأن لكل طفل قدرات وإمكانات خاصة به ومن الاجحاف أن تطالب طفلك بعمل قام به غيره بنفس السوية فذلك يجعله يقلد الآخرين أولاً ومن ثم يحبطه ويفقده الثقة بنفسه إذا كان عمله أدنى منهم ثانياً. والأصح دائماً هو مقارنة الطفل بعمله وسلوكه الذي قام به سابقاً وملاحظة التطور الذي يبديه في ذلك.
فرض الرأي الأبوي دون سماع رأي الابن:
الأب الذي يفرض رأيه على الطفل باستمرار دون أن يسمع رأيه ووجهات نظره وطرح أفكاره يحرمه من الفرص الكبيرة لإبداء الأحكام تجاه المواضيع وبالتالي تشكيل الشخصية المتوازنة والقادرة على التفاعل مع الأشياء.
القسوة:
تلبية الطفل لأوامرك لا يعني أنه اقتنع بها وتعلمها، وإنما هي تلبية أوامر مقرونة بالخوف والقسوة.
فلذلك دع الطفل يتمثلها ويدركها، وإذا كان هذا الأمر من أجله أجعل الطفل يفهم الأمر بأسلوبه. مثال على ذلك حين تطلب من طفلك بأن يرتب غرفته فإن ذلك يعني أن يضع كل شيء في مكانه بالترتيب الذي تتصوره أنت لا الطفل، وبالكيفية التي تنسجم مع مخيلتك أنت لا الطفل لأن تريبه للغرفة قد يكون على نحو مغاير لما تراه أنت.
التهديد:
يعبر الكثير من الآباء في خوفهم على مستقبل أبنائهم بألوان من التهديد، كقول الأم لطفلها إذا لم تقوم بواجباتك المدرسية لن أحبك. وهنا تقرن حبها له بشرط تأدية الواجب المدرسي مما يخلق لديه حالة من فقدان الأمان والشعور بالمحبة والطمأنينة والأفضل من ذلك قول الأم عندما تنجز المطلوب منك يمكنك الاستمتاع بما تحب. وهناك أيضاً رسائل من التهديد تكون خفية من خلال لغات الجسد التي تكون لا ارادية لكنها تشكل رسالة سلبية لدى الطفل. مثل حركة الرأس والأيدي والعينين وكذلك نبرة الصوت.
التحذير:
يلجأ الآباء الى أساليب غير صحيحة من أجل إبعاد الطفل عن السلوك السلبي وغير المقبول مثل قول الأب للابن لا تدخن أو ابتعد عن التدخين مما يخلق لديه تركيز على موضوع التدخين ويفتح ملف ذهني عنه يلجأ إليه بكل لحظة ضعف.
الضرب:
يعتقد الكثير من الآباء أن الضرب طريقة التأديب المثلى رغم أن طريقة الضرب لا تجدي وإن كانت قد أوقفت السلوك غير المقبول وقتياً وسوف يعود بزوال مسبب منعه وهو الضرب وهنا لابد للأب والمربي الابتعاد عن هذا الأسلوب غير التربوي والحقيقة أن هناك العديد من النتائج السلبية لهذا الأسلوب منها:
– توليد الكراهية لا الحب والاحترام عند الطفل.
– يجعل الضرب لدى الطفل حالة من الانقياد غير الصحيح لدى أي من يكبرهم ويمتلك قوة الضرب.
– يلغي الضرب حالة الحوار والتفاهم بين الأب وطفله.
– يضعف الضرب من شخصية الطفل ويجعلها شخصية مهزوزة محرومة من المشاعر والحاجات النفسية الإيجابية.
– يشكل الضرب من الأطفال حالة من العدوانية وعدم الاستجابة مستقبلاً وبالتالي العناد.
– يدفع الضرب الطفل على الجرأة على الأب والتصريح بمخالفته والإصرار على الخطأ.
الانتقاد:
كثرة الانتقاد لسلوكيات الطفل تجعله عديم الثقة بما يفعل ويولد لديه احساساً بأنه مرفوض ويصيبه خيبة أمل واحباط مما يشكل لديه تردد وخوف وانعدام لروح المبادرة والثقة بالنفس والأفضل من ذلك تقبل سلوك الطفل وعمله وطرح الملاحظات بطريقة ودية تعزز لديه روح المبادرة.
استخدام التكنولوجيا:
صحيح أن التكنولوجيا سهلت علينا حياتنا واختصرت الوقت والجهد، لكنها في الوقت ذاته حدت من بعض النشاطات الذهنية وأهمها الذاكرة وبعض المهارات اليدوية، لذلك دع طفلك يتعلم الحساب اليدوي ويبتعد عن الألة الحاسبة، ويستخدم الكتابة بالقلم ويبتعد عن الكتابة الإلكترونية، ويحفظ الأرقام بذاكرته لا بذاكرة الأجهزة وما شابهها من مهارات. وهي ليست دعوة للتخلي عن الأجهزة، ولكن فقط للحذر من أن تصبح حياتنا كلها أجهزة بل مطبات خوفاً من اختفاء هوية الإنسان بداخلنا، وإنما هي دعوة لمواجهة المطبات والشعور بلذة التعب ولذة التفكير في مواجهتها.
التعود:
لا تتساهل بتصرف طفلك لسلوكيات غير مقبولة وهو ما يزال طفلاً، لأنه سوف يعتاد عليها ويصعب هنا ازالتها لأنها اكتسبت منذ الصغر. وهنا نشير إلى أنه من السهل اكساب سلوب إيجابي للطفل في الصغر على تعديل عادة سيئة له في الكبر.
الشك:
كثيراً ما يخطأ الآباء عند مواجهة أطفالهم وهم يأتون بسلوكيات معينة قد تكون صحيحة أو غير صحيحة ترغب ابائهم أو لا ترغبهم ليبدؤوا بالتشكيك فيما قام به الأبناء من تصرفات مثل تأخر الأبن عن المنزل أو ارتدائه لبس معين والشك في ذلك.
خطوات لتربية إيجابية:
1- الانصات:
انصت لطفلك باهتمام دعه يعبر ويبوح عما يشعر به، فهذا يجعله يشعر بأنك معه تسمعه وتشجعه.
2- المكافأة:
كافئ طفلك كلما أتى بسلوك إيجابي وهذه المكافأة تكون معنوية عبر وصف ما يقوم به الطفل بكلمات إيجابية وشعور بالأعجاب والمدح والثناء والتعزيز. وقد تكون مكافأة مادية عبر تقديم الهدية على حجم التصرف الإيجابي الذي قام به الطفل.
3- الاحترام:
تعامل مع طفلك وكأنه شخص صديق حميم لك، وذلك من خلال الابتسامة والاهتمام والتقبل وهذا يجعل من شعور الطفل تجاهك شعور محبة وتقدير.
4- التقبل:
عليك أن تشجع طفلك وفق ما يقدمه من سلوك أو تصرف قام به بشكل إيجابي وتتقبله أي كان حجمه فهذا يجعله يشعر بقيمة ما أنجزه وقام به. ثم عليك تعزيز اختلافه عن الآخرين بما يقوم به فليس المطلوب أن المطابقة والتقليد للآخرين.
5- الهويات:
تشكل هويات طفلك فرصة ثمينة لتعلمه خصال حميدة وسلوكيات صحيحة وبالتالي التوجيه الصحيح لمستقبل مليء بالمغامرات والتحديات.
وفي الختام يمكن القول أن التربية لا تلقن تلقين وليس لها وقت معين وتحتاج إلى الكثير من الحكمة والصبر، ولها قواعدها السهلة البسيطة، لكن تجعل بتطبيقها على الأبناء فروقاً كبيرة عند الكبر، ولعل أهم أسلوب للتربية هو الحب فالحب يصنع المعجزات ويطمئن النفوس ويبني القيم ويغير القناعات.
اقرأ أيضاً :