بعد أول صورة فوتوجرافية للذرة؛ لا تثق أبدًا بـذرة!!

 

فازت الصورة التي تم التقاطها للذرة بواسطة ديفيد نادلينج بالجائزة الأولى لتصوير العلوم في المسابقة السنوية الخامسة التي استضافها مركز أبحاث العلوم الهندسية والفيزيائية (EPSRC) في المملكة المتحدة. إذ تكشف الصورة عن ذرة واحدة فقط!

 

كما نعلم، فإن الذرات هي الوحدات البنائية التي تشكل كل شيء في العالم حتى أنك ترى مليارات منها كل يوم، وكان العلماء يسعون دائمًا لفهم تعقيدات العالم الذري في طليعة العلوم لعدة عقود. واليوم، مع استمرار هذا العالم الرائع في جذب أكثر الباحثين التقليديين، وجد هذا السحر مكانًا بين الثقافة الشعبية. ومع تبني الفيزياء الكونية على نطاق واسع، وجعلها منتشرة وشعبية من قبّل ألبرت أينشتاين وشرودنغر وميشيو كاكو، فلا عجب أننا في وسط ثورة تكنولوجية حقيقية.

 

وطالما ساعدت التطورات العلمية في التقاط صور أخرى غيرت نظرة البشرية للعالم لما يمكن أن يُرى منه، إذ التقط فيلهيلم رونتجن أثناء اختباره لأنابيب كاثودية مضيئة تشع ترددات غير اعتيادية في العام 1895 صورةً غير متوقعة لبنى داخلية في الجسم، فكانت أول صورة أشعة سينية ليد زوجته. وتُستخدم الأشعة السينية حاليًا في الطب ومجالات أخرى، لتساعد الأطباء في تشخيص كسور العظام وتساعد علماء الأحافير في معرفة محتويات التوابيت.

 

وقال ديفيد نادلينجير في مقابلة أجريت معه مؤخرًا، ” أظهر الحساب الظاهر أن الأرقام تكون دائمًا حقيقية ومعبرة عن الواقع، وعندما دخلت إلى المختبر بالكاميرا والحوامل الثلاثية بعد ظهر أحد أيام الأحد الهادئة، تمت مكافأتي بهذه الصورة الخاصة لنقطة زرقاء شاحبة صغيرة “.

 

اقرأ أيضاً : 6 خطوات لإظهار ما بداخلك من كاريزما

 

كيف التقطها؟

وأدرك نادلينجير أن ذرة السترونتيوم موجبة الشحنات سوف تمتص وتبعث شعاع محدد من ضوء الليزر البنفسجي الأزرق. لذلك، في أحد أيام الأحد مكثت فترة طويلة أمام الكاميرا لالتقاط الصورة المميزة، مع العلم أنه سيكون هناك ما يكفي من الضوء الذي يعكسه أيون السترونتيوم ليظهر على الفيلم.

ذلك أن صور مثل هذه التي توفر اتصالًا بالعالم الدقيق للمادة الذرية والطاقات الاهتزازية هي شئ رائع. وجميعنا على دراية بالصور التي تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر مأخوذة من المجاهر الإلكترونية، والتلسكوبات القوية ومصادم الهادرون الكبي، (LHC) ، لكن من المدهش معرفة أن اللبنات الأساسية للحياة يمكن رؤيتها بالعين المجردة. وترمز هذه النقطة الصغيرة من الضوء التي تراها في الصورة إلى كيف يمكننا تحقيق انسجام أفضل من خلال دراسة التقسيم.

 

استخدمت مجموعة في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس تكنولوجيا التصوير المتطورة لرسم خريطة الترتيب الذري لجسيم البلاتين. والجسيمات ليست سوى عدد قليل من النانومترات إلا أنه من المقدر أن تحتوي على أكثر من 27000 ذرة! “، ولكي تتصور الأمر بشكل صحيح، فإن حوالي خمسة ملايين من ذرات الهيدروجين يمكن وضعها على رأس دبوس. ومن خلال أخذ أو ملاحظة العديد من الومضات المقطوعة تمكنوا من رؤية موقع كل ذرة فردية تقريبًا. قد يبدو كل شئ وكأنه عمل ممل ودقيق، ولكن تداعيات هذا الأمر تضع الأساس لبعض الأشياء المثيرة للاهتمام.

ومن خلال تغيير التركيب الذري للأشياء يمكننا تغيير خصائصها بشكل كبير. إذا كنت أحد الذين درسوا النظريات المحيطة بتقنيات مكافحة الجاذبية أو السفر بشكل أسرع من الضوء، فسترى بالفعل الإمكانات الهائلة في بناء الكائنات ذرة ذرة. وهذا وحده لديه القدرة على جعل جميع أجهزتنا الكهربائية أكثر فعالية بألاف المرات بالإضافة إلى تمهيد الطريق لتكنولوجيات جديدة ومثيرة للاهتمام بشكل أكبر في ذلك الوقت.

هناك شيء واحد مهم يجب أن نتذكره حول هذه الصور هو أنه يتم التقاطها مع التعرض الفوتوغرافي الطويل. ذلك أن الذرات تتكون من طاقة متذبذبة، وكلها تهتز بترددات مختلفة مما يمنحها كتلتها الذرية المختلفة وكثافتها. وهذا هو السبب في أننا بحاجة إلى الكثير من الضوء لينعكس من الذرة حتى نراها تظهر على الكاميرا. في الواقع ما نراه هنا هو في الغالب مساحة فارغة، ويؤكّد التراكب الكمي أنه بدون وجود مراقبة لا يمكن أن تكون هناك ذرة على الإطلاق أو حتى في جميع الأماكن في وقت واحد. ومع ذلك لا يزال لدينا هنا ذرة واضحة ومحددة.

يتم التقاط الصورة لتُظهر المخفي مما يكمن في مخيلة الجمهور وتجعله ملموسًا، إذ تمتاز الصور ذات الطابع العلمي بالقدرة على تصوير العالم من منظور مختلف للمشاهدين، وقد تغير الصور سياسات الحكومات أحيانًا أو ترسخ فكرة تطبيق أو تنهي حربًا أو تُشجع على السير نحو اكتشاف علمي.

 

ليست الصورة الأولى

والصورة الفائزة ليست الأولى في تصوير مشاهد علمية تخيلية؛ ففي ستينيات القرن الماضي اشتعلت حرب ضارية بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأميركية استمرت لعقود للوصول إلى طرائق جديدة لاكتشاف المجهول خارج الأرض. وخطت الولايات المتحدة الأميركية خطوةً جريئة في 20 يوليو/تموز 1969، حين سطر رائد الفضاء نيل آرمسترونغ، التاريخ وخلده بعد أن التقط صورًا لسطح القمر غيرت منظور البشرية إلى الأبد ووسّعته.

 

اقرأ أيضاً :

كيف بمقدور 5 دقائق يوميًا أن تغير حياتك ؟!

علم نفسك وأطلق العنان لإبداعك

مايكل كولينز: رائد الفضاء الذي لم يسر على سطح القمر

 

المصادر: