لا تركز على تحقيق السعادة بل على تحقيق ذاتك عندها تتحقق السعادة
عندما كنت طفلًا صغيرًا، كان العديد من الأشخاص يوجهون إلي هذا السؤال “ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟”، ودائمًا ما كانت إجابتي “أسعد شخص في العالم”.
تُعتبر السعادة مطلبًا، ورغبة، وحاجة أساسية يبحث عنها الجميع ويتمنى تحقيقها في مختلف المجالات، وكل إنسان له نوع خاص من السعادة يسعى إلى تحقيقه، فقد تكون السعادة بالنسبة لشخص ما هي جمع المال، والعيش برخاء، والتمتع بواسطته في كل شيء بالحياة مثل شراء السيارة الفخمة، أو شراء الملابس باهظة الثمن وغير ذلك، وربما قد تكون السعادة هي القرب من الحبيب وإكمال الحياة معه، وقد تكون بإكمال التعليم والحصول على أعلى المراتب العلمية أو تقلد بعض المناصب العليا. يبحث أغلب الناس في هذه الحياة دائمًا عن السعادة، وهذا غير صحيح فربما قد تلتقي ببعض من الأثرياء لكنهم يعانون من الإكتئاب والشعور بالوحدة والقلق، وقد تلتقي ببعض الفقراء ومع ذلك تجدهم كثيري الضحك، ويبدو عليهم أنهم يتمتعون بالحياة على الرغم من عدم امتلاكهم أي شيء تقريبًا. لن تتحقق السعادة الحقيقية إن استمررت في البحث عنها، بل إنها حالة وجودية تتحقق بصورة تلقائية عند وجود محفز لها، إذًا بدلًا من التركيز على البحث عن السعادة يمكنك التركيز على تحقيق ذاتك، وعندها ستأتي إليك السعادة بصورة تلقائية.
ما هو تحقيق الذات؟
وجد عالم النفس “إبراهام ماسلو” نظرية نموذج التسلسل الهرمي للاحتياجات، ويتم فيها تقسيم الهرم إلى خمس مستويات من الضروريات البشرية، يبدأ مع الاحتياجات الأساسية في القاعدة ويتقدم إلى الطبقات العليا.
يتكون النموذج من:
- المستوى الأول: الاحتياجات البيولوجية والفسيولوجية كالطعام، والشراب، والهواء، والمأوى، والدفء، والنوم.
- المستوى الثاني: الاحتياجات الأمنية كالحماية من الخطر، والسلامة، والأمن، والوظيفة، والاستقرار، والحرية
- المستوى الثالث: الاحتياجات الاجتماعية كالحب، والأسرة، والصداقة، والانتماء، والمودة.
- المستوى الرابع: الحاجات التقديرية كالإنجاز، والقيمة الذاتية، واحترام الذات، واحترام الآخرين.
- المستوى الخامس: احتياجات الذات كتحقيق الذات، والنمو الشخصي، والخبرات الشخصية المميزة.
ماهي خصائص الأشخاص ذوي التجربة في تحقيق ذاتهم؟
- لا يخافون المجهول، بل يتقبلوه ويتعاملون معه بكل حرفية.
- بدلًا من النزول إلى ميول ورغبات المجتمع، تتبع صوت نفسها فهي ليست أغنام لكنها لا ترفض كل شيء كالمتمردين.
- على الرغم من كونها غير تقليدية، إلا أنهم لا يتعمدون ذلك بل إنها وسيلتهم لإحداث صدمة أو رد فعل.
- يتقبلون أنفسهم كما هي بمميزاتهم وعيوبهم، على الرغم من امتلاكهم عيوب لكنهم منظمين جدًا، ويعملون على تغيير العادات السيئة لديهم.
- لا يعتمدون على الآخرين فهم مكتفون بذاتهم، ويستطيعون العيش بشجاعة وحدهم.
- يهتمون أكثر بالبحث عن العلاقات الأعمق والأكثر وضوحًا، نتيجة لذلك لديهم علاقات عميقة لكن فقط مع عدد قليل من الناس، ومع ذلك ودودون مع الجميع ولا يحاولون الحكم على أي أحد.
- بدلًا من رثاء مشاكلهم، يُركزوا على إيجاد حلول إيجابية لها.
- الرضا عن الحياة، وتقدير الأشياء الصغيرة في حياتهم.
- بينما يُركز معظم الناس على المستويات الدنيا في التسلسل الهرمي للاحتياجات، إلا أنهم يُركزون بشكل أكبر على النمو الشخصي ذات المعنى.
- لا تدفهم الضغوطات الاجتماعية أو الاحتياجات السطحية.
- البحث عن معنى أعمق للحياة.
- برغم كل ذلك، ليسوا مثاليين لكن سعداء.
ماهي فوائد تحقيق ذاتك؟
مجتمعنا يحكمه الضغط، والتنافسية التي تزداد من خلال التليفزيون، والصحف، والمجلات، والأفلام، واللوحات الإعلانية، والإنترنت، والأصدقاء، والأسرة……إلخ. على مدار الساعة، من خلال السعي لتحقيق ذاتك يمكنك بإيجابية إدارة حياتك، وسعادتك، وأخلاقك، ويمكنك تنظيم مخاوفك وقلقك لأن المخاوف من صنع الإنسان، وما تخشي حدوثه في المستقبل لا يستحق القلق لأنه يمكن ألا يحدث مطلقًا.
اقرأ أيضاً : 25 مهارة شخصية يجب أن تعرفها لتشعر بالسعادة
كيفية تحقيق الذات
- توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين، لا تقيس قيمتك على أساس ما يفعله الآخرون
ربما أصبح واحد من أصدقائك محامي كبير بينما الآخر استقر في حياة زوجية مثالية، أما أنت فلا زلت لم تجد مهنة أحلامك، أو شريك حياتك حتى الآن، لكن ربما يعطيك ذلك حرية أكبر لفعل الأشياء كالسفر، وغيره من الأشياء التي لا يستطيع فعلها أي من المحامي أو المتزوج.
- توقف عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
كان 25% من المشاركين في إحدى الدراسة يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بمعدل ساعة يوميًا، وكان هؤلاء من أظهروا معدلات عالية من الاكتئاب. يتضح من هذا أن وسائل التواصل الإجتماعي تُشجع الناس على الاكتئاب والغيرة، كما تخلق ضغط غير مباشر لأن بعض الناس يشعرون بالتأخر عن الآخرين. كما توجد فئة ليست بقليلة تحاول التجمل والتصنع، وتخلق لأنفسها صفات ليست فيها، كما أنها تحقق إنجازات وهمية وتنشرها على الصفحات الاجتماعية من أجل إظهار سعادتهم الوهمية. لا تقم بتسجيل دخولك في تلك الوسائل كثيرًا، وإن كنت قويًا حقًا احذفها نهائيًا، فأصدقائك الحقيقيون يعرفون كيف يبقون على تواصل معك.
- هذا الوقت سيمضي
هناك أوقات تكون فيها حياتك مليئة بالضغوطات، والشعور الدائم بالقلق، فقط تذكر أن كل ذلك مؤقت ولا شيء يبقى على حاله.
- كن صريحًا مع ذاتك
اتبع حدثك الخاص، وحب نفسك حتى عيوبك كما يمكنك تبني عادات إيجابية على سبيل المثال أن تصبح لائق بدنيًا، أو تتوقف عن التدخين.
- إدراك أنك تستطيع أن تكون سعيدًا الآن
يعتقد كثير من الناس أنهم سيكونوا سعداء فقط عندما يُصبحوا أغنياء، أو يحصلوا على الشريك المثالي، أو المهنة الناجحة، لكنهم يكسبون الملايين ويظل لديهم شعور بالضيق، ربما يجدون الشخص المنشود ولا يزالوا يشعروا بالاكتئاب. الشخص الوحيد القادر على جعلك سعيدًا هو أنت، فلا تُخرب سعادتك الخاصة عن طريق فرض شروط لتحقيقها.
- التمتع بالشفافية
نعلم جميعًا ماهو الصحيح وما هو الخطأ، لكن للأسف لا يختار الجميع فعل ما هو صحيح. أنت لست مسؤولًا فقط عن أفعالك، ولكن أيضًا عما يؤثر على من حولك سلبًا أو إيجابًا.
- التنمية الذاتية
تصفية الذهن والتأمل، التأمل لمدة لا تقل عن عشرون دقيقة يوميًا سوف يتسبب بالكثير من التغيرات في حالتك الجسدية، العاطفية والعقلية.
وأخيرًا هل خُلقت لتكون أسعد شخص في العالم؟ ربما نعم، وربما لا، لكن الحقيقة أنك خُلقت في الحياة لتحقيق ذاتك، فلابد أن تسعى للنمو، والتعلم، والتطور إلى الأفضل.
الحياة أفضل سيناريو غير مكتوب يمكننا معايشته، عش مغامرتك التي تؤدي للصفحات التالية فيها.
اقرأ أيضاً :