لماذا تبدو أنت وأصدقاؤك متشابهين إلى هذا الحد؟ هل من الطبيعي أن تبدو وجوه الأصدقاء متقاربة؟


why-do-you-and-your-friends-look-so-similar
why-do-you-and-your-friends-look-so-similar

 

 


إذا كنت في الخارج  ذات ليلة، وقصدت ناديًا أو ملهى ليلي، وصادف أن شاهدت تجمع من الشباب والفتيات صغار السن، أو جمع من الرجال والسيدات الكبار، فإذا بك دققت النظر؛ لتجد أن جميعهم يبدون متشابهين!


برأيك هل يختار الأفراد الأصدقاء الذين يشبهونهم؟ أم أن الأصدقاء ينشئون معًا ليبدوا كلًا منهما يشبه الآخر؟!

إليك الإجابة ببساطة: كلا الأمرين صحيح..


من المتعارف عليه جيدًا أننا نختار الأصدقاء الذين يشبهوننا في المرجعية، ويتخذون نفس مواقفنا؛ هذه إحدى الظواهر الفسيولوجية التي تعرف بإسم “هيموفيلي”، كما أوضحت الأبحاث الأخيرة  أن وجوه أعضاء المجموعة الواحدة أكثر تشابهًا من الأعضاء الذين لاينتمون إلى نفس المجموعة
كما يُذكر أنه في  إحدى الدراسات، قدم المشاركون صور لوجوه أصدقائهم؛ وبعد قياس مفصل للوجوه وُجد أن الأصدقاء لديهم هياكل الوجه أكثر تماثلًا مقارنة مع غير الأصدقاء.

ومع ذلك قد يفوق الأمر مجرد اختيار الأفراد الذين نبدو معًا وكأننا أصدقاء، فنحن أيضًا ننمو سويًا لنصبح أكثر تشابهًا، بالإضافة إلى أن الأصدقاء يختارون ارتداء الملابس ذاتها، استخدام ذات العلامة التجارية، ونفس طريقة تطبيق الماكياج، ويمكن تقليد تسريحات الشعر بينهم أيضًا.

كما قد يدخل في ذلك عوامل غير لفظية خفية؛ فربما يحاكي الأفراد مع مرور الوقت دون وعي منهم تعبيرات وجوه أصدقائهم ذاتها، أو لغة جسدهم مثل: الإيماءات، المواقف، وحتى طريقة سيرهم. غير أن هناك احتمال أن تصبح وجوه الأصدقاء أكثر تشابهًا، بسبب استخدامهم لنفس تعبيرات الوجه كالكثير من العبوس ، الضحك أو الاشمئزاز،  وهذا من الممكن أن يؤدي إلى تغيرات متماثلة في أنماط الوجه.

إذا كان لديك صديق مقرب فقد تكون درجة التشابه بينكما معادلة لتشابهك مع ابن عمك من الدرجة الرابعة حسبما أظهرته دراسة أمريكية؛ هذه هي النتيجة التي توصل إليها فريق من الباحثين الأمريكيين بعد تحليل جينات عدد كبير من الأصدقاء والغرباء. وتبين من خلال الدراسة أن هناك تشابها بين الموروثات الجينية للأشخاص الذين تربطهم صداقة وأن هذا التشابه أقوى منه بين الأشخاص الغرباء عن بعضهم.

وأشارت الدراسة إلى أن درجة هذا التشابه بين الأصدقاء تعادل درجة التشابه بين أولاد العم من الدرجة الرابعة وذلك حسبما ذكر الباحثون تحت إشراف “جيمس فولور” من جامعة كاليفورنيا بمدينة سان دييجو و”نيكولاس كريستاكيس” من جامعة ييل بمدينة نيو هافن في دراستهم التي نُشرت نتائجها في مجلة “بروسيدنجز” التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم.

 

إذ توصل الباحثون إلى هذه النتيجة بعد تحليل الحمض النووي لدى نحو ألفي متطوع في إطار دراسة بدأت منذ عقود أُطلق عليها اسم “فرامنغهام هيرتس” والتي تم خلالها تحليل 1.5 مليون مكون وراثي. حرص الباحثون خلال هذا التحليل على تتبع مواطن التوافق بين الأصدقاء ومواطن التشابه بين الأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم البعض. وخلص الباحثون إلى أنه “وبالنظر لإجمالي المجموع الوراثي فإننا نتشابه جينيًا مع الأصدقاء” حسبما قال “فولور” في بيان عن الجامعة.

 

اقرأ أيضاً : التعرف على اصدقاء جدد بعشر طرق رائعة وسهلة جدا

 

وقال مؤلف الدراسة وأستاذ علم الوراثة الطبية والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا “جيمس فولر”، إنه “بالنظر إلى الجينوم البشري بكامله، نجد أننا نتشابه مع أصدقائنا وراثيًا،” أي أن لدينا حمض نووي مشترك بشكل أكبر مع الأشخاص الذي نختارهم كأصدقاء، مقارنة بالأشخاص الغرباء.

وخلال العقد الماضي، عمل فولر مع نيكولاس كريستاكس”، وهو مؤلف مشارك في الدراسة ذاتها، وأستاذ في علم الاجتماع وعلم الأحياء التطوري والطب في جامعة يال، وقام كل منهما بالبحث عن تفسير بيولوجي وراء بعض المفاهيم الاجتماعية.


تمكن الباحثون من تطبيق أول تحليل جينوم يربط الأنماط الجينية بين الأصدقاء باستخدام بيانات من دراسة هارت فرامنغهام التي بدأت في العام 1948. حيث كانت تهدف إلى تحديد العوامل الوراثية والبيئية التي تؤثر في تطور أمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها.

وتقوم الدراسة على فحص 1,5 مليون مؤشر من الاختلافات الجينية بهدف قياس معدل الجينات الوراثة المشتركة بين 1,932 شخص خضعوا للدراسة. وتم تقسيم الأشخاص إلى مجموعتين، مجموعة تألفت من أصدقاء لا تربطهم أي علاقة قرابة، ومجموعة أخرى من أشخاص غرباء لا تربطهم أي علاقة.

واستنتج الباحثون، أن الجينات الوراثية المشتركة بين الأصدقاء نسبتها حوالي واحد في المائة. وقال فولر: “أشارت الأبحاث إلى وجود جينات وراثية مشتركة بين الأصدقاء، تشبه الأقرباء.”  

ويعتقد الباحثون أن الحمض النووي يدفع البشر إلى الإنخراط في الأنشطة الاجتماعية التي يميل إليها أشخاص لديهم جينات وراثية متشابهة، كما أوضحت الدراسة أن الجينات المشتركة تتطور بمعدل أسرع من الجينات الاخرى. وفي هذا السياق، أشار فولر إلى أن “الشبكات الاجتماعية قد تكون مولّدًا لشحن هذا التطور”. ووجدت الدراسة أن الاشخاص الذين يتم اختيارهم بمثابة أصدقاء، يتمتعون بنظام مناعة مختلف، مما يمنح مناعة إضافية للطرفين. وهذا يدعم أبحاث سابقة وجدت أن الزوجين لديهم جينات مختلفة في نظام المناعة. حيث قال فولر إن “اختلاف جينات جهاز المناعة يُعتبر ميزة لدعم جهاز المناعة لدى الشريك الآخر وعدم تعرض الأول للأمراض.”


وتدعم هذه الدراسة وجهة نظر التعريف الجيني أو ما يسمى بـ”الميتاجينوم،” أي تمتع البشر بمزيج من الجينات المشتركة بينهم وبين الأشخاص الذين تربطهم علاقة قريبة.

 

وبذلك أضافت الأبحاث الجديدة إلى إمكانية قراءة التشابه بين أشخاص بعينهم من خلال رصد نشاط المخ. وقال الباحثون إن هذه النتائج توضح أن الأصدقاء يتشابهون بشكل غير عادي في طريقة إدراكهم للعالم حولهم وتحليلهم لهذا العالم وكيفية استجابتهم له. غير أن الباحثين لم يتمكنوا بشكل دقيق من الإجابة عن سؤال أساسي ألا وهو: “هل نتصادق مع الناس الذين يستجيبون إلى محيطهم بشكل مشابه لطريقة استجابتنا أم أن استجابتنا للوسط المحيط بنا تكون متشابهة لأننا أصدقاء؟»، وهو السؤال الذي يحتاج إلى مزيد من الأبحاث للإجابة عنه.

 

وأخيرًا، ففي المرة القادمة عندما ترى مجموعة من الأفراد الذي يبدو كل فرد منها وكأنه نسخة من الآخر، عليك  تذكر أن هناك أسباب فسيولوجية قوية وراء حدوث ذلك.

 

 

اقرأ أيضاً : 


    Like it? Share with your friends!