كيف يؤدي الحرمان من النوم إلى زيادة الوزن !
خاص أكاديمية نيرونت لـ التطوير و الإبداع و التنمية البشرية
تظهر الأبحاث الجديدة أن النوم لمدة أقل من ست ساعات متواصلة كل ليلتين تؤثر على النظام الاستقلابي للجسم وتؤدي إلى السمنة .
قد يبدو الحصول على 7-8 ساعات ثابتة من النوم للبعض رفاهية مستحيلة الحدوث ,لكن أصبح من المعروف أن عدم الحصول على مقدار كاف من النوم يضعف العمليات العقلية ويزيد من خطر أمراض القلب , فضلاً عن الآثار السيئة الأخرى.
تشير الأدلة التراكمية أيضاَ أنّه في حالات النوم المتقطع أو الحرمان منه لفترات قصيرة يمهد الطريق لزيادة الوزن ونتائج سلبية أخرى في الاستقلاب ,فقد أقرّ أكثر من 28% من البالغين في الويات المتحدة بأنّهم يحصلون على أقل من ست ساعات نوم في الليلة الواحدة , ومع هذا الحرمان المتراكم الذي أصبح أكثر انتشاراً في العقود الثلاثة الماضية , ومع وجود أكثر من 35% من البالغين في الولايات المتحدة حالياً من البدينين ,بد الباحثون بالعمل على إيجاد روابط محتملة بين الحالين السابقتين على أمل التقليل من زيادة العبء الاقتصادي الناجم عن البدانة .
إقرأ : خلايا الدماغ تنكمش عند النوم – ( وهذا شيء جيد ) !!
تم اعتبار نقص النوم عنصر خطير يؤدي الى زيادة الوزن وله تأثيرات مهمة على الصحة السريرية والعامة , وللفت انتباه الناس الى إجراء تغييرات بسيطة في أساليب حياتهم لتحسين صحة نظام الاستقلاب لديهم , تمّ نشر تقرير جديد في 24 أكتوبر الماضي في أكاديمية التغذية وعلم التغذية تستعرض 18 دراسة مخبرية دقيقة أجرت فحوصاتها على الاستجابات الفيسيولوجية والسلوكية للعنصر البشري اتجاه الحرمان من النوم باعتباره مؤثراَ على الصحة الاستقلابيّة .
وتشير رينا ميهرا , وهي أستاذة مساعدة في الطب الذي يدرس النوم والصحة في مدرسة جامعة كيس ويسترن ريزيرف للطب , بأن المجلة قامت بعمل جيد في مراجعة البيانات التجريبية .
فقد كشفت الدراسات التي أجراها الباحثون على أشخاص ليس لديهم مشاكل مرتبطة بالنوم وحصلوا على 6 ساعات فقط كل ليلة لمدة محددة عن مجموعة واسعة من الآثار السلبيّة متضمنة مؤشر هرمون الشهية , النشاط البدني , سلوك الأكل , وحتى معدلات خسارة الوزن وأوضحت ميهرا ” سيساعد هذا التقرير حسب منظور الصحة السكاني الناس على فهم مدى تأثير الحرمان من النوم وأضراره على الصحة ”
أن تنام يعني أن تأكل أقل ..
تعتبر أفضل المؤثرات الموثقة عن الحرمان من النوم وعلاقتها بالوزن نوعين من الهرمونات القوية : الغريلينوالليبتين , فالغريلين يرسل إشارات الجوع و الليبتين يساعد في إرسال الإشارات عند شعورك بالشبع .
في إحدى الدراسات على شخص بعد ليلتين متتاليتين من النوم 4 ساعات فقط , لوحظ ارتفاع نسبة الغريلين (الجوع) لديه بنسبة 28% وانخفاض نسبة هرمون الليبتين (الشبع) إلى 18% في الدم مقارنة مع نظيره الذي حصل على 10 ساعات نوم .
” لوحظ في نفس الدراسة على الأشخاص الذين يعانون من الحرمان من النوم ارتفاع معدلات الجوع والشهية بشكل كبير وبنسبة تتراوح بين 24-23% ” أضاف المشرفون على الصحيفة التي تترأسها جولي شليسكي وهي باحثة في مركز نيويورك للتغذية و السمنة للأبحاث في مركز مستشفى سانت لوكز-روزفلت .
تضيف شليسكي والمشرفون معها أن الزيادة العظمى في معدلات الشهية كانت للمأكولات الكربوهيدراتية والغنية بالطاقة .
هذا وقد أظهرت دراسات أخرى زيادة إضافية في الدهون والدهون المشبعة للأشخاص الذين يعانون من الحرمان من النوم , وانخفاضاَ في مؤشرات الأكل تدعى ” الببتيد واي”
والتي يعتقد أنها تقوم بإرسال إشارات للجسم عندما يحصل على كفايته من الغذاء, وهذا ما أدى إلى ميل هؤلاء الأشخاص إلى الأكل كلما أتيحت لهم الفرصة لذلك .
بالمقابل , لم تظهر اختلافات كبيرة في مستويات هرمون الببتيد بين الدراسات التي أجريت , هذا وقد وثق العديد منها حالات من المتطوعين الذين خضعوا للاختبار كانوا يأكلون في المختبر بعد مرور عدة ليال بدون حصولهم على ساعات نوم كافية.
ولوحظ أيضاَ على النساء اللواتي قللن ساعات نومهن إلى 4 ساعات من أصل 7 لمدة أربع ليال ميلهنّ لتناول نحو 400 سعرة حرارية أكثر مما كن يتناولنه في بداية الاختبار حتى أنهنّ كسبن الوزن خلال مرحلة الاختبار القصيرة .
قامت شيلسكي و زملاؤها بالإشارة في جريدتها بأن الأشخاص الذين يبقون مستيقظين لوقت أطول ببساطة لديهم الفرصة بأن يأكلوا أكثر ويمكن للحرمان الجزئي من النوم أن يزيد من خطر مشكلة الأكل في الليل بسبب انخفاض مستويات هرمون الليبتين .
“إنَّ الساعات المتأخرة والمسائية هي الساعات التي يبدأ فيها الأكل الزائد و غير الصحي ” يضيف العلماء , علاوة على ذلك كشفت بعض الدراسات الإضافية التي أقيمت مؤخراً أنَّ السيطرة على الانفعالات وتأخر الاحساس بالشبع ينخفض أكثر عند الحرمان من النوم , وهذا ما يجعل الأفراد هشين جداً أمام متعة تناول الطعام بدلاً من اختيارهم الأطعمة الصحيّة لمحاربة الجوع .
إقرأ : الاستيقاظ الميكر من النوم , هل له فوائد ؟؟
النعاس وعلاقته بالتوتر
هل تؤدي ساعات الاستيقاظ إلى زيادة النشاط البدني كما في حالة الأكل ؟ قد يبدو هذا السؤال منطقياً للوهلة الأولى ,لكن وفقاً لما قاله الباحثون فهو ليس بالضرورة .
كشفت إحدى الدراسات انخفاضاً واضحاً في الأنشطة عند الأشخاص الذين حصلوا على 4 ساعات نوم فقط في ليلتين , أكثر من نظرائهم الذين حصلوا على 8 ساعات , وعلى الرغم من كون النتائج مختلفة بالنسبة للنشاط البدني المبذول , لكن بشكل عام أظهر الأشخاص الذين لا يحصلون على قسط كاف من الراحة ميلاً للخمول والكسل وقدرة أقل على استقبال الأوامر الهامة , ووجد أيضاً أن الشخص الذي يستلقي في الفراش لمدة 2-4 ساعات في اليوم يستطيع استقبال الأوامر بشكل أفضل لأنه حصل على استرخاء جيد مما يحسن نظامه الاستقلابي .
يسبب الحرمان من النوم أيضاً خسارة العضلات مقابل الاحتفاظ بالدهون وذلك بسبب هرمون (الكورتيزول) هرمون الإجهاد , الذي يفرزه الجسم عند قلة النوم .
وجد ان الأشخاص الذين خضعوا لتجارب الحرمان من النوم ارتفع لديهم مستوى هذا الهرمون في الوقت الذي من المفترض أن يكون متناقصاً لأن الجسم يكون في حالة الاستعداد للنوم والراحة .
إنَّ زيادة الكورتيزول في الجسم تدفعه لحفظ المزيد من الدهون وبالتالي استهلاك الانسجة الرقيقة بدلا منها مثل العضلات , وهذا يعني أن الأشخاص المحرومين من النوم يفقدون المزيد من عضلاتهم ويكسبون المزيد من الدهون أكثر من الذين ينالون كفايتهم من الراحة
في إحدى الدراسات , وبعد أسبوعين من التقليل من صرف السعرات الحرارية (بمعدل 15% أقل من الجهد اليومي المبذول ) وجد أن الأشخاص الذين يحصلون على 5,5 ساعات نوم في الليلة يخسرون 0,6 كيلوغرام فقط من الدهون و2,4 كيلوغرام من الأنسجة كالعضلات , بينما الأشخاص الذين يحصلون على 8,5 ساعات من النوم والراحة في كل ليلة يحرقون ما يعادل 1,4 كيلوغرام من الدهون و 1,5 كيلوغرام من الأنسجة الأخرى .
وتشير ميهرا إلى أن هذه التغيرات الاستقلابية تظهر بشكل واضح على الجسم .
المزيد من الدراسات :
إنَّ جميع الدراسات الواردة في التقرير كانت صغيرة وقصيرة المدى , لكن حتى على مستوى الدراسات الوبائية طويلة المدى كانت النتائج نفسها وعلى الرغم من كل ذلك لا تزال العلاقة بين الحرمان من النوم وزيادة الوزن ليست واضحة تماماً, فمسألة السمنة بحد ذاتها قد تؤدي إلى نقص النوم , انقطاع التنفس أثناء النوم تؤدي الى نوم ذا نوعية سيئة أيضاً. “إذاً هل السمنة هي العامل الأكبر في الحرمان من النوم ؟” تبدو العلاقة بينما متبادلة , ترد ميهرا
وحتى أنَّ الأشخاص أصحاب الأوزان الطبيعية الذين يعانون من نوم قليل ومضطرب ينتهي بهم الحال باكتساب الوزن الزائد .
“أظن أنه يجب على كل شخص أن يتعلم اكثر عن آلية جسده الداخلية ” تضيف ميهرا .
وتقول أيضاً أن الحرمان من النوم يترافق دائماً مع اضطرابات النظام الاستقلابي
في النهاية أضافت :” أظن أنه باستطاعتنا الجزم بأن عدم حصولك على النوم الكافي يضر بصحتك وبنظامك الاستقلابي ”
فعادة , لا يركز الأطباء أو المرضى على اعتبار النوم عامل مهم في خسارة الوزن و الحفاظ على الصحة الاستقلابية , فالأشخاصالذين يركزون على حساب السعرات الحرارية والقيام بالتمارين الرياضية يجدون صعوبة بالغة عند محاولاتهم الابتعاد عن الطعام غير الصحي و القيام بتمارين تتطلب جهداً عالياً عندما لا يحصلون على قسط كاف من الراحة و النوم , لذلك تقوم العيادات المتخصصة بخسارة الوزن بمناقشة مسألة النوم مع المرضى واعتباره نمط حياة بحاجة إلى التعديل .
تضيف ميهرا بأن المرضى الذين أتوا لأسباب تتعلق بمشاكل النوم ذهلوا عند اكتشافهم أنه يجب عليهم الحصول على ساعات نوم إضافية لصحة أفضل , بالطبع سيكون الحصول على هذه الساعات الإضافية أمراً صعباً خصوصاً عند تواجدك ببيئة منزلية داخلية مضاءة على الدوام ,فالشاشات المضيئة تقوم بتشويش نظام اجسامنا الداخلي الإيقاعي .
“بسبب نمط الحياة الحديث, الوقت المهدور يومياً أمام الشاشات المضيئة ,الرحلات الجوية الطويلة وغيرها من الأسباب تؤدي إلى الحرمان من النوم ” علقت شيلسكي و زملاؤها .
ويشير هذا التقرير الحديث في نهايته والعديد من الدراسات التراكمية الأخرى أن الانتباه لساعات النوم قد يكون خطوة مهمة وبسيطة بالمقارنة مع التمارين الرياضية والنظام الغذائي المتوازن لمحاربة السمنة والحصول على حياة صحية بشكل عام .
ترجمة : سندس دورو
المدقق : راما شامي
تنسيق : جوني
إقرأ المزيد من المقالات الممتعه و المميزه :
الادوية أم الطبيب النفسي ايهما انفع !!
اضطرابات الأكل والاكتئاب !! ماهي العلاقة بينهما ؟؟
كيف تتخلص من الشعور السيء عند الاستيقاظ